«هيله هيله هيلااا هيلااا طالعين الميه هالليله ورزقنا على الله إحنا والعيلة» هذه واحدة من عشرات الأغانى التى يغنيها الصياد الفلسطينى عند نزوله البحر بمركبه أو حسكته الصغيرين فى رحلة بحثه عن رزقه ورزق عائلته. وعندما يتجه الصياد إلى البحر فى غزة فهو مواجه بهمين، الأول البرد القارس والثانى، وهذا هو الهم الأكبر، نيران البوارج الإسرائيلية التى تكدر على هؤلاء الصيادين حياتهم من خلال استهدافهم فى عرض البحر وعلى طول ساحل القطاع من شماله إلى جنوبه. إلى جانب هذا وذاك فإن الصياد الغزواى عليه أن يصطاد فى مساحة ضيقة من البحر بعد أن قلصت قوات الاحتلال الإسرائيلية المسافة التى كانت تسمح للصيادين بالإبحار فيها، من ستة أميال إلى ثلاثة أميال فقط، وذلك بعد حربها الأخيرة على القطاع. وبجانب كل ذلك يواجه الصياد فى غزة نيران أسلحة البوارج الثقيلة التى تطلق مباشرة تجاه القارب أو بمحاذاته، كما يعانى من عمليات الاعتقال، إضافة إلى طلب سلطات الاحتلال من البعض النزول إلى المياه والعودة إلى الشاطئ سباحة. الصياد أبوماهر راضى يملك مركبا صغيرا يعمل على موتور يقول ل«الشروق»: كل يوم بنطلع البحر واحنا خايفين على أرواحنا وعائلاتنا من الطرادات الإسرائيلية، وبعدين ممنوع علينا نبعد أكتر من ميل واحد واللى يبحر أكتر من ميل يضربوا عليه نار وأكتر من مرة يطلقوا علينا نار بدون أى سبب هيك جر شكل واحنا لا حوله لنا ولا قوة يعنى حياتنا معرضة للموت فى أى لحظة». ويضيف أبوماهر إن المعاناة تمتد أيضا لتشمل أسعار البنزين اللازم لتشغيل المراكب والذى ارتفعت أسعاره وأصبح الحصول عليه أمرا بالغ الصعوبة. «وإذا انقطع البنزين فى يوم ما بنطلع البحر بنقعد بدون شغل والرزق على الله». أما الصياد ماهر أحد أبناء الصياد راضى العشرة، وهو متزوج ولديه 7 أطفال ولا مهنة لديه سوى الصيد، فيقول إنه يتعرض لمضايقات لا نهاية لها من قوات الاحتلال. ويقول «أكثر من مرة وقفونا فى البحر وطلعونا على الطراد معهم وصاروا يضربونا ويبهدلونا ويبصقون علينا يعنى بيعاملونا بإهانة كبيرة وكل هادا عشان نقدر نعيش ونستر ولادنا وبيوتنا». وحسب ماهر فإن المضايقات أحيانا تتعدى التعرض للصيادين بالإهانات النفسية والبدنية إلى قيام قوات الاحتلال بإطلاق النيران على المراكب مما يلحق الأضرار بالمراكب ويعطلهم عن عملهم لمدة أسابيع. وبعد الحرب الأخيرة أصبح على الصيادين فى غزة أن يواجهوا أيضا العمل فى ظروف أكثر تعقيدا منها ميناء صيد شبه محطم وبه كميات لا نهائية من الركام، إلى جانب ما يمكن أن يكون تحت هذا الركام، أو احيانا فى قوارب الصيد، من قنابل. وبالنسبة لهؤلاء الصيادين فإن أكبر الهموم دوما يبقى الأثر البيئى المدمر للحروب الإسرائيلية على الثروة السمكية فى مياه تعانى فى المقاوم الأول من درجة كبيرة من التلوث. الصياد خالد الهبيل من سكان مدينة غزة والذى احتار ماذا يعدد ل«الشروق» من مشكلات تواجه شريحة الصيادين قال «ما فى بركة صارت بالبحر مش من ربنا بل من العبد».