وزير الداخلية: التوسع في أعداد المقبولين من كوادر الشرطة النسائية    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة في منتصف تعاملات الأحد    وزير الاتصالات يستعرض استراتيجية مصر الرقمية والأجندة التشريعية للوزارة    شهيد وإصابات جراء قصف الاحتلال بلدة «بيت لاهيا» في قطاع غزة    حزب حماة الوطن يشيد بجهود القيادة السياسية لدعم استقرار لبنان وتقديم المساعدات للأشقاء    برنامج الأغذية العالمي يُطلق عملية طارئة لمساعدة مليون شخص: لبنان على حافة الانهيار    فيفا يعلن عن 12 ملعبا تستضيف مباريات كأس العالم للأندية 2025    مصر المكان والمكانة والزمالك والأهلى.. سوبر    بعد أحداث السوبر الأفريقي.. الأهلي يوقع عقوبة مغلظة على إمام عاشور    كومباني يأمل في تعافي كين ولحاقه بالمواجهة الأوروبية أمام أستون فيلا    عواد يكشف تفاصيل خلافه مع إمام عاشور في السوبر    خلال 24 ساعة.. ضبط 5 أطنان دقيق مدعم داخل مخابز سياحية    طقس خريفي معتدل.. الأرصاد تكشف حالة الطقس حتى الجمعة المقبلة    حصيلة 24 ساعة.. ضبط 30123 مخالفة مرورية متنوعة    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره الطريق بالفيوم    محمود الحسينى : « ماكبث المصنع » بداية طريق النجومية l حوار    الهيئة العامة لقصور الثقافة تحصد الجوائز بمهرجان أولادنا لفنون ذوي القدرات    |الصحة العالمية: إطلاق حملة من أجل صحة القلب والأوعية الدموية    الزراعة: انخفاض أسعار الطماطم في هذا الموعد.. خاص    نيويورك تايمز: إسرائيل استخدمت قنابل زنة 2000 رطل في الهجوم على نصر الله    الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه يواصلون أعمالهم الوحشية بحق الشعب الفلسطيني    الرئيس السيسي للمصريين: «إحنا بخير والأمور بفضل الله مستقرة»    الإسكان: تكثيف أعمال التطوير بمنظومة الطرق والمرافق والزراعة بالمدن الجديدة    خلال شهر سبتمبر.. تحرير 72 محضرا خلال حملات تموينية وبيطرية بالغربية    طعنة غادرة تنهي حياة طفلة ببولاق الدكرور    تداول 9 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    عروض خاصة ومحاكاة.. السيسي يشاهد عرضًا لطلبة أكاديمية الشرطة    السيسي: العالم ومنطقتنا يمران بظروف صعبة وسياستنا تتسم بالتوازن والموضوعية    الفيلم السورى "يومين" يفتتح مهرجان الإسكندرية    التعليم: الاستعانة ب50 ألف معلم من غير المعينين بالوزارة.. مستند    «عبدالغفار» يترأس اجتماع اللجنة العليا للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    إصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص أمام مدخل الجبلاو بقنا    مع الاحتفاظ بالمصرية.. الداخلية تأذن ل21 مواطنًا التجنس بجنسية أجنبية    وزير الاتصالات: نعمل على زيادة الصادرات الرقمية وخلق فرص عمل وجذب الاستثمارات    خدمات يقدمها قطاع الخزانة في البنك الزراعي للعملاء    وزير الداخلية يصدر قرارات بمنح درجات علمية لخريجي الشرطة    الإحصاء: 266 ألف حالة طلاق في 2023    كسوف الشمس وبرج الميزان.. أحداث وتطورات في شهر أكتوبر 2024 (الوقوع في الحب)    اليوم.. ندوة لمناقشة "ديوان خيالي" للشاعر الكبير جمال بخيت بنقابة الصحفيين    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    مدرسة الأقباط الثانوية بطنطا تحتفل بالمولد النبوي.. صور    جارديان تبرز تحذير كبير الدبلوماسية الروسية للغرب من محاولة قتال قوة نووية    موعد مباراة ديربي مدريد بين الريال و أتلتيكو في الدوري الإسباني    إعادة تشغيل صيدلية عيادة السلام بالتأمين الصحى فى بنى سويف    شريف عبد الفضيل يكشف أسباب هزيمة الأهلي أمام الزمالك    عميد "تمريض الإسكندرية" تتفقد قاعات المحاضرات لاستقبال الطلاب الجدد    الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية بالتعاون مع الجمعية المصرية للشعب الهوائية    "أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله    محمد عبداللطيف: نظام التعليم لم يتطور منذ 300 سنة.. والتغيير كان ضروريًا لمواكبة متطلبات سوق العمل    الأول على كلية الشرطة 2024: الانضباط مفتاح النجاح    إجابات علي جمعة على أسئلة الأطفال الصعبة.. «فين ربنا؟»    استدعاء «التربي» صاحب واقعة العثور على سحر مؤمن زكريا    مصر تسترد قطعا أثرية من أمريكا    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي.. أحمد موسى عن مناورات الجيش بالذخيرة الحية: «اللى يفت من حدودنا يموت»    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    «الأهلاوية قاعدين مستنينك دلوقتي».. عمرو أديب يوجه رسالة ل ناصر منسي (فيديو)    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزر النيلية.. وإشكالية التوصيف
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 08 - 2017

فى إحدى جلسات الزملاء فى نادى المهندسين بالبحر الأعظم، سألنى زميل عن الجزيرة المواجهة للنادى فسردت عليه حكايتها وما حدث من مواجهات مع قوة من الجيش منذ عدة سنوات، هى جزيرة القرصاية، يقطنها أناس يعيشون على الكاد ويعملون باجتهاد لتوفير لقمة العيش، بين مدينتى القاهرة والجيزة بكل ما فيهما من ضغوط العمل وطواحن الأمل لهؤلاء البسطاء، ولكن محدثى سأل وهو يتأمل تلك الفيلا الحديثة ذات الطراز المعمارى المميز الذى لا يمت للكاد والضغوط والطواحن بصلة، فما توصيف تلك الفيلا على هذا الموقع الذى يحيطه النيل وتمتد مشاياته حتى مياه النهر، هل صاحبها ذلك البسيط الذى باعها لتحسين أحواله وهل يحق له ذلك؟ أم تعرض للضغط والطحن ليتنازل عنها، وإذا كان هذا هو الحال وآلت لمن يدفع أو يضغط أو يطحن، فلماذا لا يتساوى الجميع فى المزاحمة!، والأجدى لماذا تتركها الدولة دون تخطيط يتماشى مع كل المعايير البيئية والعمرانية والاقتصادية مع حفظ حق وكرامة هؤلاء البسطاء.
يحوى نيل مصر حوالى 200 جزيرة ظهر كثير منها بعد بناء السد العالى واختفى كثير منها عند ارتفاع منسوب بحيرة السد، وتفاوتت بين الجهات الرسمية تقدير عدد الجزر، وصدر قرار رئيس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 بإعلان 144 جزيرة كمحميات طبيعية، منها 95 جزيرة بالوجه القبلى تبلغ جملة مساحتها 32500 فدان، ويحوى فرع رشيد 30 جزيرة بجملة مساحة 3400 فدان، ويحوى فرع دمياط 19 جزيرة بجملة مساحة 1250 فدان، وفى تجولى بالموقع الإلكترونى لوزارة البيئة لم أجد ذكرا لأى من تلك الجزر ضمن المحميات الطبيعية المعلنة والتى تضم 30 محمية معظمها محاط بأسوار ودخوله بتذاكر تبدأ من ثلاثة جنيهات للأفراد وفئات أعلى للسيارة والتخييم، فما قصة هذه الجزر المعلنة عام 1998 والتى أشارت التقارير أنها خاضعة لبنود اتفاقية «رامسار للأراضى الرطبة« التى وقعت عام 1971 ودخلت حيز التنفيذ عام 1975 وانضمت لها مصر عام 1988.
***
تعرّف «اتفاقية رامسار« الأراضى الرطبة بأنها مناطق المستنقعات أو المياه سواء كانت طبيعية أو صناعية دائمة أو مؤقتة، وسواء تحتوى على مياه ثابتة أو متدفقة، عذبة أو راكدة أو مالحة، بما فى ذلك مناطق المياه الملاحية التى لا يتعدى عمقها فى أقل ارتفاع للجَزْر ستة أمتار، وتم تسجيل بحيرة البردويل بشمال سيناء وبحيرة البرلس بكفر الشيخ فى 4 يوليو 1990، وفى 4 يونيو 2012 تم ضم كل من بحيرة قارون ووادى الريان، هذه المناطق الأربع بإجمالى مسطح حوالى 990 ألف فدان، وبعض هذه المناطق تتعدد أسباب كونها مناطق محمية ليس فقط باعتبارها أراضٍ رطبة، غير أنه لم يذكر ضمن الأراضى المسجلة لدى اتفاقية رامسار على موقعها الرسمى أى ذكر لجزر النيل، إذا يبدو أن اعتبار الجزر النيلية كمحميات طبيعية ليس لاتفاقية رامسار علاقة مباشرة به، كما هو الحال على ما يبدو لعلاقة وزارة البيئة بتلك الجزر.
أحد التقارير ذكر أن جزر النيل تقع على مسار الطيور المهاجرة فى حين أن المواقع الرسمية الخاصة بالدراسات الإيكولوجية وتوزيع محميات الطيور ومساراتها تشير إلى البحيرات المصرية والمسارات فوق الصحراوين الشرقية والغربية وصولا لمواقع مستقبلات تلك الطيور وكان بينها بعض جزر جنوب النيل فقط، ربما كان قرار رئيس الوزراء الأسبق باعتبارها محميات طبيعية عن إدراك ووعى بأهمية حماية تلك الجزر، وعلى الرغم من الأهمية الإيكولوجية لبعض تلك الجزر والأهمية البيولوجية لمعظمها للثروة السمكية والنباتية وكونها إمكانية استزراع وإفراخ لنوعيات مطورة من الزراعات والنباتات النادرة وتحويل معظمها لمراكز حفاظ وتنمية بيئية، إلا أن وجودها على المواقع الرسمية يقع على الخريطة السياحية فقط والتى تعتمد عليها السياحة البيئية لمحميات جزر نهر النيل كما ورد بموقع دليل مصر السياحى.
***
فى عام 2005 أصدرت وزارة الدولة لشئون البيئة دراسة بعنوان «نحو استراتيجية وطنية وخطة العمل للسياحة البيئية فى مصر، ذكرت فيها أن «الدولة تبنت سياسة حماية الحياة البرية والبحرية بالإعلان عن أراضى ومناطق محمية لرعاية السلالات والكائنات النباتية النادرة والمهددة بالانقراض، والمحافظة على التكوينات الجيولوجية المتفردة والتراث الطبيعى والثقافى الأصيل، علاوة على تطوير وتنمية وإدارة تلك الموارد على أسس وقواعد علمية وفنية وتنظيم استغلالها للأنشطة التنموية والسياحية والتقنية والبحثية والترفيهية لتكون نبعا متجددا للدخل القومى وتراثا قيما مصانا للأجيال المتعاقبة واحتياطيا استراتيجيا للموارد الطبيعية بالدولة«، ثم أشارت الاستراتيجية أنها «تتولى حماية موائل الطيور المقيمة والمهاجرة وتنمية الثروة السمكية ومعاونة المجتمعات المحلية وتشجيع السياحة البيئية«، من المفترض أن الحكومات تسير على تلك الاستراتيجية منذ 12عام، وبينما صدر قرار رئيس مجلس الوزراء باستبعاد 17 جزيرة من المحميات الطبيعية، وإعلانها مناطق إدارة بيئية، ويكون دور وزارة البيئة وأجهزتها معاونة الجهات المختصة فى وضع الضوابط والشروط البيئية للأنشطة الواقعة عليها، يبرز السؤال عن طبيعة دور الوزارة حيث المفترض أنها كانت تدير تلك الموارد على أسس، والآن ستعاون الجهات فى وضع الضوابط والشروط البيئية للأنشطة؟
وبينما كان قرار عام 1998 يمنع إقامة أى نشاط سكانى أو صناعى أو اقتصادى على الجزر، أكدت استراتيجية 2005 معاونة المجتمعات المحلية وتشجيع السياحة البيئية، والحقيقة الواقعة أمامنا أن بين تلك الجزر جزيرتى الزمالك ومنيل الروضة، فأى طبيعة وأى حماية بل وأى مجتمع محلى وأى سياحة بيئية نتحدث عنها فيما بين القرارات والاستراتيجيات قديمها وحديثها، ما هو التوصيف العلمى لتلك الجزر؟، وما هو التوصيف الملائم لما نريد فعله بها؟، وحقيقة أخرى أن القيمة السوقية لسعر القيراط فى بعض الجزر الزراعية المستبعدة من الحماية تقدر بنحو 200 ألف جنيه، وبتقدير الأسعار بعد هبوط سعر الجنيه، واعتبار نسب التضخم والتقدير بعد تقنين وضعية الأراضى وتغيير صفة الاستخدام يصل السعر إلى نحو 700 ألف جنيه للقيراط، حيث تصل قيمة جزيرة الوراق مثلا إلى حوالى 1.4 مليار دولار.
***
بفرض أن نفس الجزيرة كمثال يقطنها 70 ألف نسمة، فإن فرص العمل البديلة للعاملين تقدر بنحو مليار دولار، أى أن مشروعا لاستغلال جزيرة الوراق قد يتطلب من المستثمر حوالى مليارى دولار قيمة الأراضى وإيجاد فرص عمل بديلة بذات الموقع أو بآخر أو تعويضات، ولمن يريد من الأهالى أن يستبدل تعويضاته بصكوك مشاركة فى مشروعات التطوير كما تفعل دولا عدة فى مشروعات التطوير العمرانى الجارية، سيخفف ذلك من أعباء التعويض وبدائل فرص العمل ويوفر قيم الحصص المدفوعة فى رأس المال، المستثمِر يعمل ليكسب، ومشروعا كهذا لن تقل ربحيته عن 300%، فقط يحتاج إلى إدارة استثمارية وعمرانية واعية، فلماذا يُحفظ حق الدولة ويُبخس الناس فى حقوقهم، وفيم المراوغة والقرارات المبهمة، وتبريرات أبعد ما تكون عن موضوعية توصيف ما نريده، قبل توصيف الجزر إن كانت محميات أو مراقٌ ترابُها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.