عودة المدارس 2024| «تغيير الأثاث» الأبرز.. عبد اللطيف يقدم مقترحات لتطوير التعليم    الأمم المتحدة تحيي اليوم الدولي للغات الإشارة    أسعار الذهب اليوم الإثنين 23 سبتمبر في بداية التعاملات| إنفوجراف    تداول 13 ألف طن و696 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    وزير الإسكان يتابع إجراءات «القابضة للمياه» بشأن ضوابط ترشيد الاستخدام    «التنمية المحلية»: المنتدى الحضري العالمي ثاني أكبر حدث على أجندة الأمم المتحدة    وزير الاتصالات يبحث مع تريلكس الأمريكية الاستثمار فى مصر فى مجال التعهيد    وزيرة البيئة تؤكد دور مصر في استكمال العمل المناخي لبرنامج جلاسكو – شرم الشيخ    كونتكت و"Converted Pay" تتعاونان لتوفير حلول مبتكرة لرواد الأعمال    طيران الاحتلال يقصف عشرات البلدات جنوب لبنان    الاحتلال الإسرائيلى يوجه رسائل للبنانيين بعد اختراق محطات الراديو    فضيحة النازي الأسود تقود كبار موظفي حملة المرشح لحاكم نورث كارولاينا إلى الاستقالة    نتنياهو يأمر فعليا ببناء حاجز على الحدود مع الأردن    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    موقف شريف| تشكيل الخليج المتوقع أمام الطائي في كأس خادم الحرمين    الشامي: تدربنا على ركلات الترجيح قبل مواجهة الهلال.. ولم لا ننافس على الدوري    أول تعليق من محمد صلاح على اعتزال أحمد فتحي.. ماذا قال؟    جون ستونز: هذا ما طلبه جوارديولا مني أمام أرسنال    وزير التعليم يثمن جهود المبادرة الرئاسية " بداية جديدة لبناء الانسان"    ضبط تشكيل عصابي استولي على مبلغ مالي من شخصين بإحدى شركات الأدوية    ضبط قطع أثرية مقلدة بحوزة أشخاص في القاهرة للنصب على المواطنين    تعاني من الاكتئاب.. الداخلية تكشف حقيقة استغاثة فتاة داخل منزلها في المنصورة    «الداخلية»: ضبط 5 متهمين في حملات أمنية لمكافحة جرائم السرقات بالقاهرة    يبدأ 24 أكتوبر .. « مهرجان الجونة السينمائي » يدعم المواهب الشابة    إعلام إسرائيلي: حزب الله قد يضرب أهدافا في تل أبيب وسنكون مستعدين للرد    وفاة والد الإعلامية حياة عبدون .. موعد الجنازة والعزاء    تفاصيل مسلسل تيتا زوزو الحلقة 2 قبل ساعات من عرضها التلفزيوني    منظمة خريجي الأزهر تناقش مكانة المرأة في الإسلام بورشة عمل للطلاب الوافدين    الأزهر للفتوى يوضح تواضع النبي الذي كان عليه    «الصحة» تعلن حصول مستشفى القناطر الخيرية على شهادة اعتماد الجودة    جامعة القاهرة تعلن برنامج القوافل التنموية ضمن «بدابة جديدة»    ارتفاع ضغط الدم قد يؤدي إلى ألزهايمر.. 5 طرق بسيطة لتقليل المخاطر    خلال 24 ساعة.. ضبط 30129 مخالفة مرورية متنوعة    اليوم.. فتح باب تعديل الترشيح بجامعة الأزهر إلكترونيًا وحتى الأربعاء    هل يتعاقد برشلونة مع حارس مرمي جديد بعد انتهاء موسم تير شتيجن؟    انطلاق دورة إنقاذ الغرقى والإسعافات الأولية بكفر الشيخ ضمن مبادرة «بداية جديدة»    جمال عبد الحميد يحذر الأهلي قبل قمة السوبر الإفريقي    دفتر أحوال النجوم.. سامو زين وإيمي سمير غانم يتعرضان لوعكة صحية    حالات تمنع صرف تعويض عن الحبس الاحتياطي بمشروع قانون الإجراءات الجنائية    أنباء عن أن الجيش الإسرائيلي اخترق شبكة الاتصالات التابعة لوزارة الاتصالات اللبنانية في قضاء صور    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    بالأسماء، وزير الداخلية يسمح ل 21 شخصًا بالحصول على جنسيات أجنبية    طب القناة تحتفل باليوم العالمي لسلامة المريض (صور)    مجدي الجلاد: قطاع الزراعة القاعدة الأساسية للاكتفاء الذاتي والأمن القومي    اليوم.. أولى جلسات محاكمه الفنان عباس أبو الحسن    المستشار الألماني يلتقي زيلينسكي وأردوغان ولولا في نيويورك    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    متحور XEC.. هل المضادات الحيوية فعَّالة في الوقاية من متحورات كورونا؟‬    شعبة الأدوية توضح كيفية تحصل الأدوية الناقصة في السوق    ماذا قال محمد صلاح لأحمد فتحي بعد اعتزاله كرة القدم ؟    هانى فرحات يختتم حفلات صيف الرياض بليلة رابح صقر    استشهاد 4 أطفال فلسطينيين ووالدتهم جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي    إصابة فى مقتل    أحمد سعد يعلق على سرقة مقتنياته الثمينة في حفل زفاف نجل بسمة وهبة: "المكاسب من عند الله"    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-9-2024    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منى الكاتب طالبة ماجستير بكلية الاقتصاد البريطانية بلندن تكتب: المتحف البريطانى والاستعمار الجديد.. كيف يدعم المتحف الإمبريالية البريطانية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 11 - 2016

«أهلا بكم فى المتحف البريطانى» حين تدخل المتحف تأخذ ورقة مطوية مرفقا بها خريطة للمتحف ومكتوبا عليها بخط واضح: «أهلا بكم فى المتحف البريطانى.. متحف عن العالم وللعالم»، ولعل أول سؤال يمكن أن يطرأ على ذهن من يقرأ هذه الجملة هو: إذا ما كان فعلا المتحف البريطانى هو متحف عن العالم وللعالم.. إذا كان ذلك صحيحا فلماذا يحمل اسما له صبغة وطنية مفرطة إلى هذا الحد؟ وحقيقة الأمر هى أنه ليس هناك الكثير من الأسباب يمكن أن تجعل هذا المتحف «بريطانيًا» من حيث ما يعرض على الأقل.

ولعل النظر لهذا المتحف بنظرة ما بعد الكولونيولية تفصح عن مراحل مختلفة لتطور هذا المتحف بدأت بصفة مفرطة فى الكولونيولية، وصولا إلى مرحلة ما بعد الكولونيولية الحالية. فالرسالة التى ينقلها المتحف البريطانى لزائريه هى ببساطة أن «بريطانيا العظمى مازالت عظيمة» بحسب الجملة التى صكها كريس سيلفرستر فى عام 2009.
وكان افتتاح المتحف فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر ليستمر فى توسعه بالتوازى مع التوسع الذى حققته الإمبراطورية البريطانية. وقام السير روبرت سميرك بإعادة صياغة معمارية تقريبا للمتحف، وهو من قام بتصميم نحو 44 من الأعمدة فى استلهام لمعبد اثينابولس واتساقا مع الطراز الإغريقى الحديث، وفى هذا ما يلفت إلى أنه حتى من حيث التصميم المعمارى فإن المتحف البريطانى ليس به الكثير من استلهامات المعمار البريطانى، بل هو بالأحرى تعبير عن مدى اتساع الإمبراطورية البريطانية.
ولا يمكن لمن يصل إلى عتبات المتحف البريطانى إلا أن يستشعر عظمة المكان الطاغية، ليدخل الزائر إلى حيث توجد ملايين من القطع، من كل أنحاء العالم، والتى لا يمكن أن تقدر بثمن.
وكان هناك الكثير من الجدل حول بعض هذه القطع وضرورة إعادتها إلى بلدانها مثل بعض أهم القطع التى تمثل الحضارة الإغريقية. وفى هذا المتحف توجد ثانى أكبر مجموعة من الآثار الفرعونية ولا يسبقها من حيث التنوع والأهمية سوى مجموعة المتحف المصرى.
تهدف هذه المقالة لنقاش قطعة واحدة من العديد من القطع المصرية الموجودة بالمتحف البريطانى وهى حجر رشيد. ولقد قامت مجموعة من جنود الحملة الفرنسية لمصر التى قام بها نابليون بونابرت باكتشاف هذا الحجر عام 1799 والتى مكنت العالم من فك طلاسم اللغة الهيروغليفية وقراءتها. وبعد الهزيمة التى تعرضت لها الجيوش الفرنسية فى معركة النيل عام 1801 فقدت سيطرتها على هذه القطعة وغيرها من القطع المهمة من قبل القوات البريطانية المحتلة التى لم تسمح للدولة المصرية الدخول فى مفاوضات حول مصير هذه القطع كما لم تسمح للشعب المصرى أو دولته تقرير مصيرها. وبحسب التقديرات المتاحة فإن حجر رشيد هو القطعة التى تحظى بأكثر اهتمام من المترددين على المتحف البريطانى. وعلى الرغم من أنه من المقرر أن القطع الأثرية الأهم تحظى بحيثية تاريخية أكبر حال عرضها فى بلدانها فإن السلطات المصرية لم يسمح لها أبدا بأن تقوم بعرض حجر رشيد أو حتى إجراء دراسة متفحصة لهذه القطعة التى تم تمريرها بين عدد من المتاحف الأوروبية منذ اكتشافها من قبل جنود الحملة الفرنسية. وكانت هناك محاولات عديدة فيما سبق بشأن تمكين مصر من استعادة حجر رشيد. وفى هذا الشأن قال زاهى حواس، رئيس المجلس الأعلى للآثار فى عام 2003 إذا ما أراد البريطانيون أن يضعوا بصمة إيجابية على تاريخهم فسيكون عليهم إعادة حجر رشيد إلى مصر خاصة أن هذا الحجر هو عنوان لهوية الحضارة المصرية القديمة. وفى عام 2009 فى ظل الازمة الاقتصادية العالمية طرح حواس أن تحظى مصر فقط بحق استعادة حجر رشيد لمدة 3 أشهر اثناء عام 2013 ليتم عرضه مع افتتاح المتحف المصرى الكبير فى ذلك العام حسبما كان مقررا فى حينه. وكما تم رفض طلب إعادة حجر رشيد إلى مصر تم رفض طلب الموافقة على عرضه بالتزامن مع افتتاح المعرض الكبير.
وربما بالفعل يمكن القول إن وجود حجر رشيد، بما يمثله من نقلة فاصلة فى قراءة التاريخ، يجعل من الأسهل على أعداد أكبر من السائحين الاطلاع عليه فى لندن التى هى أيضا بالتأكيد واحدة من أهم المدن الكوزموبوليتانية فى العالم، ولكن ربما يكون نقله إلى مصر مدعاة للبعض أيضا لزيارة مصر لرؤية هذا الحجر. فى كل الأحوال فإن معظم القطع الموجودة حاليا بالمتحف البريطانى تم اقتناؤها من خلال تفاعلات دبلوماسية سياسية.. وهنا علينا أن نقول: «أهلا بالعلاقات الدولية حيث الواقعية هى الفيصل».
ولكن هذا المنظور يتجاهل حقيقة أن بعضا من القطع الموجودة فى المتحف البريطانى تمثل نقاط تحول هائلة فى قراءة حضارات بعينها، وهى بالتالى ليست مجرد قطع ولكن عناوين رمزية لهذه الحضارات، ولعل حجر رشيد بما يمثله للحضارة المصرية هو نموذج بالغ الوضوح فى هذا الشأن، وبالتالى فان الإصرار على حرمان مصر من عرضه يمثل تذكرة بفظائع ارتكبتها الإمبراطورية البريطانية لا يمكن إنكار ما جلبته من عذابات وإهانات وصراع من أجل نيل الحرية بل إنه يمكن القول إن الإصرار على عدم السماح بنقل حجر رشيد لمصر هو فى الحقيقة عنوان للرمزية التى يمثلها التاريخ الاستعمارى لبريطانيا.
ولمصر الآلاف من القطع التى تتواجد متناثرة حول العالم بعد أن كانت كلها فى المستقر الآمن على الأرض المصرية، ولكن حجر رشيد هو عنوان للحضارة التى أنتجت كل هذه القطع، وهنا يكون السؤال: هل من السذاجة المفرطة المطالبة بعودة حجر رشيد لمصر حيث كان وحيث تم اكتشافه وأخذه عنوة وبدون موافقة البلاد ولا إقرار من أهلها بنقله؟.
أظن أن علينا إعادة قراءة هيكلية القوى التى مثلها تاريخ بريطانيا الاستعمارى والنظر فى سبل التعاطى معه، وعلى الرغم من أن القانون الحاكم للمتحف البريطانى والذى تم إقراره فى مطلع الستينيات من القرن العشرين لا يسمح بنقل أى قطع أصبحت فى حوزة المتحف البريطانى فإننا يجب علينا أن نتساءل عما إذا كنا فى حقبة تسمح لنا باعادة قراءة هذه القوانين وطرح الأسئلة حولها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.