فى الوقت الذى اتفقت فيه وزارة الرى مع سائر الوزارات والجهات المعنية بقضية مياه النيل والعلاقات مع دول الحوض على التهدئة فى معالجة اختلاف وجهات النظر مع بعض الدول، فقد قرر الدكتور نصر الدين علام وزير الموارد المائية والرى الشروع فورا فى مواجهة ما سماه بالتحديات الكبرى. التى تواجه وزارته على المستوى الداخلى، واصفا هذه التحديات بأنها الأصعب، وقد اعترف الوزير بأن مصر تحتاج إلى خمس سنوات أخرى حتى لا تتجاوز حصتها المقررة من مياه النيل، وذلك بعد أن ظلت سنوات عديدة تتعدى هذه الحصة. كانت مناقشات اللجان المشكلة من الخارجية والرى ومركز معلومات مجلس الوزراء وجهات الأمن القومى قد توصلت إلى توصية بأنه لا خطر حاليا على حصة مصر من مياه النيل، وأن مشروع الاتفاقية الإطارية لم يصل إلى طريق مسدود. وأنه لا داعى لوضع سقف زمنى محدد بستة أشهر لتسوية الخلاف حول بعض النصوص، وذلك انتظارا لزيارة رئيس الوزراء د.أحمد نظيف لدول الحوض فى الشهر المقبل، مع العودة إلى الإدارة السياسية للعلاقات مع دول حوض النيل بعد ثبوت فشل إدارة الملف فنيا فقط من خلال وزارات الرى فى دول الحوض. جاءت تصريحات الوزير فى حفل الإفطار، الذى حضره قيادات وزارة الموارد المائية والعاملون بها ومجموعة من الصحفيين والإعلاميين. وقال الدكتور علام إن التحديات الخارجية معلومة للجميع، ولكن تحديات الداخل هى الأصعب، فشبكة الصرف أصبحت مهملة ولا أهمية لها والمصارف أصبحت «مزابل» واستطونت الأمراض فى الترع والمصارف واصبحت المجارى المائية بؤرة لمزارع الأسماك. والمياه الجوفية هى المصدر الرئيسى للمنتجعات السياحية، وزادت معدلات التعديات على النهر بشكل مخز حتى أصبحنا نحتاج كل موظفى الوزارة حتى يرصدوا التعديات على النهر وحده، بل إن أعدادهم مجتمعين لن تكفى، فما تم تسجيله مؤخرا 20 ألف حالة تعد وأنا على يقين بأن ما لا نعلمه أكثر مما نعلمه، كما تم إلغاء نظام المناوبة وتمت سرقة بوابات الترع. وفى ظل هذا الفساد فهناك بطالة مقنعة داخل الوزارة تصل إلى 40 ألف موظف وعامل، وفى نفس الوقت نحتاج للكوادر المدربة ولا نجدها. وقال موجها حديثه للعاملين بالرى: «الوزارة بيتعمل ليها ألف حساب، لأن مسئولياتها جسيمة، ويجب أن تلقى الاحترام اللازم»، مضيفا أنها كانت فيما مضى إحدى الوزارات التى إذا «تفوهت» استمع الكل لها وكان مرصودا لها أكبر ميزانية على مستوى الوزارات، ولكن الآن وصلنا إلى حال آخر تماما، فرواتب العاملين تدنت، والمشروعات التى تباشرها وزارة الرى تعمل من خلال ميزانية ضعيفة جدا، وأصبح هناك تميز بين رواتب مهندسى القاهرة «العاصمة» ومهندسى المحافظات. لذا فبعد يوم من تقلدى الوزارة أصدرت أوامر بتسوية الحوافز، وأصبح مهندسو الأقاليم يعاملون نفس معاملة مهندسى القاهرة، وقمنا بتثبيت المهندسين الذين يعملون منذ سنوات، حيث كان الموظفون يعملون فى قطاع ضخم، ويتعاملون فى أموال بالملايين، فى حين أنه يعمل على «الساركى». وأعلن عن موافقة الحكومة على تعديل وضع المهندسين بعد أن وصلوا إلى وضع مخز، فأى مهندس رى يعمل خارج الوزارة يتقاضى ثلاثة أضعاف راتبه فى أقل مكان فى «السوق». وقرر الوزير صرف شهر مكافأة لجميع العاملين. وفجر الوزير مفاجأة بقوله إن مصر تعدت حصتها المائية المقررة من نهر النيل بالمليارات، وحتى نعود إلى حصتنا المائية المقننة نحتاج إلى خمس سنوات.