هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. تحت عنوان "قرارات مهمة لمجلس إدارة اتحاد الكرة" صدر يوم الإثنين 28 فبراير 2011.. جاء في البند السابع والأخير ما يلي: النظر في اعتماد باروميتر جديد لأسعار اللاعبين بالاتفاق مع الأندية ليكون بداية لنهاية المغالاة في أسعار اللاعبين. وقبل 21 عاما، وفي مجلة الأهرام الرياضي، طرح الزميل مصطفى عبد الله في روما موضوع الباروميتر، ثم بعد 10 سنوات أخرى بنصوص نشرت، أعدت طرح الموضوع نفسه.. لكننا كنا نحتاج إلى ثورة، كي يدرك اتحاد الكرة المصري أنه لابد من تنظيم أسعار اللاعبين.. تماما كما نحتاج إلى غرق عبارة لفحص كل العبارات.. إلخ.. هل هذا معقول؟ اليوم.. بعد 21 عاما من تطبيق الاحتراف، ندرس وضع حدود لأسعار اللاعبين. لكن يبدو أن الحديث اليوم عن الإصلاح الرياضي ترف، فالشعب يرى أن الأولويات تنصب على محاربة الفساد ونهب ثروات البلد، ثم الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومن الأولويات أن يجد المواطن العلاج في حالات المرض، وأن ينهض مستوى التعليم الذي يوسع مدارك الطالب ويحرك عنده مساحات الإبداع والبحث العلمي وأن تتحقق بالحرية الحقيقية وأن ينحني الجميع أمام القانون؟! وأذكر أن مذيعا شابا سألني على الهواء مباشرة في التليفزيون المصري منذ سنوات: كيف نبدأ عملية إصلاح الكرة المصرية؟ فأجبته: عندما أجد ضابط مرور يوقف سيارة وزير ويسحب رخصة القيادة، وهو يتجاوز السرعة بأكثر من مائة كيلومتر، لأن رخصة المواطن تسحب إذا تجاوز السرعة بكيلومتر واحد. ترى ما اتجاهات الإصلاح الرياضي والإصلاح العام؟ مضت سنوات ونحن نعيش "أزمة الضمير الرياضي والعام".. وهذا الضمير الغائب وراء زمن الظلام الرياضي، والفساد، واللوائح التي لا تطبق أو تخترق، وغياب المهنية في كثير من المواقع، وغياب العمل الاحترافي.. وبدون مراجعة هذا الضمير وإصلاحه لا أمل في إصلاح.. والواقع أنني أستند كثيرا على كتاب "أزمة الضمير الأوربي" للمؤلف الفرنسي بول هازار.. وهو كتاب يرصد فيه المؤلف طور النهضة الأوربية ويبدأ في الإعداد لطور الثورة الفرنسية التي لم تغير حياة أوربا وحدها وإنما غيرت معها حياة الإنسانية كلها.. لقد كانت أوربا بغضاء محتدمة تعيش حالات حرب بين الجيران. حرب بين فرنساوإنجلترا.. حرب بين فرنسا والنمسا.. حرب بين البرتغال وإسبانيا.. حرب بين السويد والدنمارك.. حرب حلف أوجسبرج. حرب الوراثة الإسبانية.. ما من قيراط أرض واحد إلا كان محل نزاع من قرون.. عاشت القارة العجوز سنوات من الفساد والظلام والجهل والتخلف ثم خرجت من كل هذا بالفكر الجديد والتفكير العقلي بقيادة الفلاسفة. هكذا تشعر أن الرياضة المصرية في السنوات الماضية عاشت مثل هذه الحروب البغيضة بين الجيران، وبين المتنافسين وبين الإعلاميين الذين هم أصحاب رسالة. ودعونا نكمل في أزمة الضمير الأوربي، حيث يقول الكتاب: خرجت أوربا من الظلام إلى النور بالعمل وبالبحث وبالتعليم والتعلم.. كانت الجمعية الملكية في إنجلترا تحظى بإعجاب الأوربيين لاهتمام أعضائها الحكماء بتقدم العلوم والفنون ولاختراعهم آلات خاصة.. كان الهولنديون يتميزون بعلماء الطبيعة والنبات ويتسابقون في العمل.. وكان الإيطاليون في مجمع سيمنتو بفلورنسا يجعلون كل ظاهرة طبيعية موضع بحث: لماذا يوجد دود في الفواكه؟ لماذا تضيء السمكة في الماء؟ لماذا تعصف الرياح؟ وأخذوا يصنعون الأدوات ويقومون بالتجارب، وظهر علماء في كل مجال في كل دولة في أوربا.. ونخرج نحن من هذا بأهمية البحث والكد والعمل والتفكير والجدية والحلول غير التقليدية والتجربة ودراسة نتائجها.. وتلك أمور تحقق النهضة في أي مجال وليس المجال الرياضي فحسب! وبطبيعة الحال انعكس التقدم والإصلاح في عصر النهضة الأوربية على الرياضة وعلى كرة القدم، وليس في ذلك إقحام لأمر صغير في أمور كبيرة، لأن الرياضة من نسيج الحياة اليومية للأوربي، وهو يمتلك الحريات وحقوقه كمواطن أمام الدولة والقانون وينتخب ويختار ويحاسب ويعاقب ويسحب الثقة ويمنحها، ويجد العلاج والتعليم والملعب والمدرج، فلم تعد الرياضة بالنسبة لهم ترفا إنسانيا ولذلك يلعبون باستمتاع وسعادة ويشاهدون المباريات في احتفاليات ويهتفون ويغنون بينما نحن دائما غاضبون، ساخطون، رافضون، ثائرون، نلعب بغضب وضيق وغل.. ومازالت ممارسة الرياضة في بلادنا ترفا، وستظل ترفا، إلى أن يجد المواطن المصري حقوقه الضائعة. فبعد أن يجد المسكن، والعلاج، والطعام، والملبس، والعمل. سوف يلعب، من أجل الاستمتاع أو بحثا عن البطولات.. أتحدث عن عموم المصريين، وليس عن نخبتهم.. وأضع ذلك كله كنقاط فوق الحروف، لعدة أسباب: 1- الكف فورا عن طرح حلول مستحيلة، لا يمكن أن تتحقق، وهي تطرح منذ 40 عاما وتبدو مثل الكتابة فوق الرمال. ومن ذلك هذا الحديث الخرافي عن عودة الرياضة إلى المدارس، فهي لن تعود في هذا القرن لأسباب مادية. 2- التفكير في حلول عملية، والإسراع بحل المشاكل الصعبة التي تواجهنا، لاسيما في أهم نشاط وهو كرة القدم. فكيف نواجه دوري المحترفين؟ كيف نطبق المادة 18 كما يطرحها الفيفا؟ 3- ماذا يعني الفوز بسبع بطولات للأمم الإفريقية لكرة القدم.. واحتكار مصر للدورات العربية والإفريقية؟ وهل ذلك ينفي حاجتنا للإصلاح أم أن هناك الوجه الآخر وهو اتساع قاعدة الممارسين والقضاء على الفساد بكل صوره، والانطلاق إلى العالمية؟ هذا سيكون ضمن موضوعاتنا القادمة بإذن الله..