سألت عدداً من أصدقائي مشجعي الزمالك عن العقوبات المناسبة.. والعادلة.. والضرورية.. التي كانوا يتوقعونها من لجنة المسابقات بشأن مباراة القمة الأخيرة بين الأهلي والزمالك.. فقالوا إن العدل كان يقتضي معاقبة جمهور الأهلي على هتافاته البذيئة والعنصرية ضد شيكابالا بحرمانه من حضور أول مباراة مقبلة وغرامة لا تقل عن العشرين أو حتى الخمسين ألف جنيه مع توجيه إنذار لهذا الجمهور في حالة تكرار هذا السباب الجماعي بإقامة كل مباريات الأهلي حتى آخر الموسم دون جمهور.. وحين سألت عدداً من أصدقائي مشجعي الأهلي عن نفس العقوبات.. قالوا إن اللجنة الضعيفة المتخاذلة استسلمت لضغوط الزمالك فاكتفت بعقوبة هزيلة على شيكابالا مع أنه كان المفروض إيقاف اللاعب أربع مباريات على الأقل وغرامة مالية كما أن اللجنة لو كانت منصفة وعادلة فقد كان عليها التعامل مع إبراهيم حسن بشكل أكثر حسما وصرامة بعد تكرار تصريحاته التي تهدد الاستقرار الكروي في مصر.. ولن أحكي لكم عن الجدل الطويل الذي خضته مع الأصدقاء هنا وهناك والذي يمكن اختصاره في أن جمهور الزمالك لن يرضى بأي قرار ولا جمهور الأهلي أيضا.. إدارة الزمالك دعت لاجتماع عاجل لمجلس إدارة النادي لرفض تلك العقوبات والتظلم منها.. وإدارة الأهلي.. دون اجتماع.. قررت أن ترسل احتجاجا لاتحاد الكرة الذي تضامن مع شيكابالا ضد الأهلي وجمهوره.. فلا أحد من جمهور الأهلي على استعداد للتضامن أو التعاطف مع شيكابالا وتصور مشاعره وهو يجد المئات، بشكل صارخ وخارج وغاضب ودائم وقاس، يسبون والدته الراحلة دون أي مراعاة لإنسانيته، وبخروج فاضح ومهين على كل القواعد والحدود الدينية والأخلاقية والاجتماعية ودون أي تفسير أو مبرر أيضا.. لا أحد أيضا من جمهور الأهلي استطاع أن يشرح لي بالضبط كيف يمكن لإبراهيم حسن إثارة الفتنة الكروية أو لماذا يخاف الإعلام الرياضي من إبراهيم حسن والإصرار الأهلاوي الدائم على ذلك كما لو أن هناك تحريضا مستمرا للإعلام بإعلان الحرب على إبراهيم حسن.. وكأنه لا أحد في الأهلي يعترض على التحكيم أو كأن الإعلام الرياضي لا يقيم طول الوقت للأهلي ألف حساب وألف اعتبار.. لا أحد أيضا من جمهور الزمالك مستعد للاعتراف بأن شيكابالا أخطأ في مباريات سابقة لم يكن الأهلي طرفا فيها وذلك حين بدا شيكابالا على الشاشات يرقص مع جمهور الزمالك احتفالا بالفوز والتألق فيشتم جمهور الأهلي رغم أنه لم يكن هناك، وبالتالي لم تكن هناك هتافات أو إساءة أو استفزاز.. بل إن جمهور الزمالك حتى الآن لايزال يشكك في أن شيكابالا رفع الحذاء أصلا.. إن رأوا الصورة.. قالوا إنها صورة مركبة وليست حقيقية.. فإن ثبت أنها حقيقية.. قالوا إن شريط المباراة لم يتضمن تلك الواقعة.. فإن تبين أن المراقب كتب الواقعة في تقريره.. قالوا إن المراقب بشر لا يمكنه مراقبة كل شيء في وقت واحد وبالتالي هو لم ير شيئا وإنما رجل يكره الزمالك.. وفي النهاية وبعد إثبات رفع الحذاء بجميع السبل والدلائل سنعود لنقطة البداية وهو أنه رد فعل طبيعي نتيجة الاستفزاز والهتافات غير اللائقة.. ولم أكن أريد أن أكتب كل ذلك لأنني بالفعل أريد إنهاء حالات التوتر الزائف والعداء المفتعل لأنه لدينا كلنا هموم ومواجع حقيقية وظاهرة ولسنا في حاجة مطلقا لاختراع أي هموم أو مواجع إضافية.. ولكن يبدو أن هناك في مصر من لا يريدون ذلك.. يسعدهم جدا دوام المعارك بين الأهلي والزمالك باعتبارها معارك ممتعة تشغل من يبحث عما يشغله.. وساحة عرض مناسبة لكل من يريد استعراض قدرته على شتيمة الآخرين وإهانتهم.. والمشكلة أنه حتى الإعلام الرياضي بات أيضا من السعداء بهذا العداء وتلك الحرب المشتعلة دوما.. كأنه إعلام حرب لا إعلام سلام وهدوء.. كأنه إعلام دم وتخريب وكراهية لا إعلام بناء ووفاق وأحلام كثيرة ممكن تحقيقها.. وأنا أتمنى لو يقتنع الجميع بنقطة نغلق بها هذا السطر لنبدأ من أول السطر.. نتجاوز كل ما جرى ونبدأ من جديد.. مسئولين وأندية ولاعبين وجماهير وإعلاماً.. شيكابالا موهبة رائعة تحتاجها مصر كلها وقد أصبح في المنتخب.. والأهلي والزمالك أكبر وأرقى من تلك الخلافات.. ومصر ليست في حاجة لكل هذا العبث.