دراسة ل "دلتا" تتوقع انخفاض الطلب واضطراب السوق .. غضب في قطاع السيارات بعد تأجيل خفض جمارك "الأوروبية" لم يمر قرار وزير التجارة والصناعة الخاص بتأجيل التخفيض المقرر على جمارك السيارات الأوربية للعام 2018 مرور الكرام، إذ أثار موجة غضب عارمة داخل أوساط العاملين في قطاع السيارات، وسط تحفظات بالغة نتيجة اعتبار القرار "جرعة حماية مجانية جديدة" لمنتجي السيارات في السوق المحلية. وبحسب ما قاله المهندس رأفت مسروجة الرئيس الشرفي لمجموعة مسوقي السيارات في مصر "أميك"، فإن قرار المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة ستكون له تداعيات سلبية، موضحا في تصريحات صحفية أن الوكلاء في مصر لن يستوعبوا القرار. وأبدى مسروجة تخوفه من "استراتيجية صناعة السيارات" المزمع إعلانها قريبًا قائلا: "لو بنيت الاستراتيجية الجديدة على حماية المكونات فقط، فسيكون تأثيرها محدوداً ولن تجذب المستثمرين الأجانب". التأثيرات السلبية للقرار وكشفت دراسة أعدها مركز "دلتا" للأبحاث عن وجود تأثيرات سلبية للقرار، من بينها انخفاض الطلب الكلي بنسبة 5% نتيجة التطبيق الفجائي لتأجيل التخفيض الجمركي على الواردات من السيارات الأوروبية، مقابل زيادة سنوية متوقعة بنسبة 4% في حالة عدم التأجيل، وهو ما سيؤثر سلبا على الحصيلة الجمركية والضريبية بالتبعية. وأكدت الدراسة أن القرار "لن يكون له تأثير إيجابي يذكر على الصناعة خلال عام 2018، لكنه سيؤدي إلى ترحيل الأثر وتراكمه مع التخفيض المؤجل السابق عن عام 2014، وبالتالي فإن التخفيض الذي سيتم العام المقبل ولن يمكن تأجيله كليا أو جزئيا سيكون صادما باعتباره تأجيلا مستحقا عن ثلاث سنوات دفعة واحدة". وتنص اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية التي دخلت حيز النفاذ في العام 2004 على إجراء تخفيض تدريجى بنسبة 10% سنويا لتصل إلى الإعفاء الجمركى الكامل فى عام 2019. ولفتت دراسة "دلتا" إلى أن القرار "لم يراعِ مصالح كل الأطراف؛ إذ أن العملية الاستيرادية للسيارات تستغرق ما بين شهر و3 أشهر، وبالتالي فإن هناك تعاقدات تمت بالفعل، وقام المستوردون بإجراء عمليات استيرادية وتعاقدات بيعية في السوق المحلية بناء على ما توافر لديهم من معلومات. وجاء قرار تأجيل التخفيض مفاجئا ليسبب اضطرابا في السوق". وتوقعت الدراسة أن ينشأ عن القرار نزاعات بين الأطراف المتعاقدة. المستفيد الوحيد وأضافت الدراسة أن المستفيد الوحيد من القرار هم مجمعو السيارات المحلية التي لا تتعدى القيمة المضافة الحقيقية فيها نسبة 20%، مؤكدة أنه "لولا الحماية العالية للسيارات المحلية لما استطاعت الشركات أن تبيع وحدة واحدة، نظرا لأن الصناعة المحلية لا تحقق أرباحها من كفاءة حقيقية وإنتاجية عالية وقدرة على المنافسة من وراء الحماية العالية، وبالتالي فهي تحقق أرباحها من جيوب المواطنين، موضحة في الوقت ذاته أنه طالما وجدت الصناعة حماية فإنها لن تحسن من جودتها، ولن ترفع من إنتاجيتها، أو تزيد من تنافسيتها بتبني تكنولوجيا جديدة أو بإدخال تطويرات على المنتج". وكشفت الدراسة عبر تحليل بيانات استيراد السيارات عن نمو إجمالي قيمة واردات السيارات إلى مصر خلال عام 2017 مقارنة بعام 2016، بنسبة 4%، وأن حصة الاتحاد الأوروبي منها (حسب المنشأ) بلغت 50.6% بنمو 39.6 %عن عام 2016. بينما كانت حصة بقية دول العالم من واردات السيارات إلى مصر 49.4% بنسبة انخفاض 17.5% عن عام 2016. وبحسب دراسة "دلتا" للأبحاث، فإن الاستراتيجية الجديدة لتطوير وتعميق صناعة السيارات المنتجة محليا في مصر، تشوبها ضبابية الرؤية وغير محددة الملامح حتى الآن، نتيجة عدم وجود أدنى التزامات على المنتجين المحليين للسيارات، مقابل الحماية المجانية الممنوحة لهم، والتي يحققون من ورائها أرباح غير عادية، وتتيح لهم الحصول على أوضاع احتكارية في السوق. "كُلّه مستورَد" : من جهة أخرى اعتبر أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية، أن قرار وزير التجارة «يصب في مصلحة الشركات الكبرى التي تدّعي التصنيع»، وأضاف: «مفيش مسمار في صناعة السيارات بيتعمل في مصر، وحتى الزجاج والتنجيد نستورده من الخارج". وتابع شيحة: «بنجيب العربية متفككة ومعفية من الجمارك ونشتريها ب 3 أضعاف السعر الخارجي"، وتساءل: «إزاي يبقى سعر العربية 7 آلاف دولار، ونشتريها ب300 ألف جنيه؟ »، مؤكدًا أن تكلفة التجميع لا تتجاوز 20 ألف جنيه. ووصف السفير جمال بيومي، رئيس وحدة الشراكة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي سابقًا، في تصريحات خاصة ل"نشرة دلتا"، قرار وزير الصناعة بأنه "لا محل له من الإعراب"، قائلا: "أين هي الصناعة الوطنية التي تسعى الوزارة لتشجيعها؟". وأعرب بيومي عن رفضه لقرار تأجيل خفض الجمارك على واردات السيارات من الاتحاد الأوروبي، مرجعاً الأمر إلى "رغبة حكومية لاستمرار معدلات الجمارك الحالية، خاصة وأنه وفقًا للاتفاقية ستضطر الحكومة لتخفيض نسبة الجمارك دفعة واحدة مع حلول يناير 2019". وتابع قائلا: "الأمر له جوانب أخرى تتعلق بضرورة إحكام الرقابة على الأسواق ومواجهة احتكار مستوردي السيارات الذين يطرحون المنتجات بنفس الأسعار ولا يرضخون لقرارات خفض الأسعار، ويتحمل المستهلك في النهاية نتيجة كل هذه القرارات". وبشأن مدى تأثير القرار على اتفاقية الشراكة الأوروبية أوضح بيومي، أنه يتوقع أن "يكون القرار صدر بتنسيق مسبق مع الجانب الأوروبي، ولكن هذا التنسيق لا يمنع الأوروبيين من اتخاذ قرارات مماثلة تجاه المنتجات المصرية المُصدّرة للاتحاد الأوروبي في حال استمرار التأجيل، وتعنت الجانب المصري".