ومصر أم الدنيا اختتم بابا الفاتيكان فرانسيس الثاني، أمس، زيارة تاريخية إلى مصر استمرت يومين استجابة لدعوة شيخ الأزهر الإمام الأكبر د.أحمد الطيب للمشاركة في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام. وحظيت زيارة البابا باهتمام رسمي رفيع المستوى، وأحيطت باجراءات أمنية غير مسبوقة في كافة أرجاء القاهرة، وخاصة المواقع التي تضمنتها الزيارة. وكان في وداع البابا فرانسيس لدى مغادرته للقاهرة عصر أمس، الرئيس عبد الفتاح السيسي، فيما اصدرت رئاسة الجمهورية بيانًا أكدت فيه الحرص على التعاون المشترك بين مصر ودولة الفاتيكان لتكريس التسامح والتعايش المشترك والسلام. وترأس البابا فرانسيس، أمس، مراسم القداس الإلهي بمشاركة 6 طوائف كاثوليكية مصرية، في استاد 30 يونيو بالتجمع الخامس، وبمشاركة نحو 25 ألفا من الأقباط من كافة المحافظات، وقبيل بدء القداس استقل البابا سيارة مفتوحة وتجول فى أنحاء الاستاد لتحية الجماهير، ودعا في عظته إلى أن يحل السلام فى الشرق الأوسط والعالم وأن يحفظ الله مصر. وشهد أمس الأول (الجمعة) نشاطًا مكثفًا للبابا فرانسيس في مصر، إذ استقبله الرئيس السيسي بقصر الاتحادية، وتوجه بعدها إلى مقر مشيخة الأزهر الشريف للقاء د.أحمد الطيب، قبل أن يتجها سويا إلى قاعة مؤتمرات جامعة الأزهر لإلقاء كلمة في الجلسة الختامية لمؤتمر الأزهر العالمي للسلام. وخلال كلمته التي حظيت باهتمام بالغ دعا شيخ الأزهر إلى إعادة الوعى برسالات السماء ونشر القيم الأخلاقية والإنسانية وإبراز قيمة السلام والعدل والمساواة واحترام الإنسان مهما كان دينه أو عرقه. وقال مفندًا الاتهامات الموجهة إلى الأديان بقوله:" إن المسيحية ليست دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين بها حملوا الصليب وراحوا يحصدون الأرواح لا يفرقون بها بين رجل وامرأة وطفل ومقاتل وأسير، وليست اليهودية دين إرهاب بسبب توظيف تعاليم موسي عليه السلام في احتلال أراضٍ راح ضحيتها الملايين من أصحاب الحقوق من شعب فلسطين المغلوب على أمره، كما أكد أن الحضار الأوروبية ليست حضارة إرهاب بسبب حربين عالميتين اندلعتا في قلب أوروبا وراح ضحيتها أكثر من 70 مليون قتيل ولا الحضارة الأمريكية حضارة إرهاب بسبب ما اقترفته قنابلها من تدمير البشر والحجر في هيروشيما ونجازاكي" وتابع: "هذه كلها انحرافات عن نهج الأديان ونهج الحضارات، وهذا الباب من الاتهامات لو فتح كما هو مفتوح على الاسلام الآن، فلن يسلم دين أو نظام أو حضارة ولاتاريخ من تهمة العنف والإرهاب". وأعرب شيخ الأزهر عن تقديره لتصريحات البابا المنصفة التي تدفع عن الإسلام والمسلمين تهمة الإرهاب، مشيرا إلى أنه التمس حرص البابا على احترام العقائد والاديان ورموزها والوقوف معا في وجه من يسيئ إليها ومن ويوظفها في إشعال الصراع بين المؤمنين. وأشاد بابا الفاتيكان بمصر كأرض للحضارة والتاريخ، معربا عن أمله في أن يحفظها الله دائما، مؤكدًا أهمية الهوية المنفتحة على الجميع والتي تسعى للحوار مع الحاضر دون أى إضرار، وحرص على افتتاح كلماته في أكثر من مناسبة بتوجيه عبارة "السلام عليكم" باللغة العربية، كما اختتم كلمته بعبارة "تحيا مصر". وأشار فرانسيس إلى أهمية التفرقة بين الدين والسياسة، مؤكدا أن الدين ليس المشكلة بل جزء من حل المشكلة وداعيًا إلى بازدهار الأديان من جديد لتعلم كيفية بناء الحضارة. كما أقيم احتفال خاص بفندق الماسة حضره الرئيس السيسي وجميع أعضاء الحكومة وعدد من النواب والشخصيات العامة، قبل أن يتوجه بابا الفاتيكان إلى مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث التقى البابا تواضروس بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وأقيم بعدها بالكنيسة البطرسية التي شهدت تفجيرا إرهابيا قبل عدة أشهر قداس للترحم على أرواح الضحايا، حضره أسر الشهداء وممثلو كنائس مصر والمنطقة.