عرفته مشاكساً , محاوراً , باحثاً عن الحقيقة , غواصاً في سراديب المشاعر , الشاعر سيد فيشا فارس يمتطي صهوة البلاغة في فلاة الشعر ......!! التقيت به في العالم الرقمي , يناضل وينافح بالكلمة والحرف والإشارة وأحياناً بالقوة والحرارة عن قضايا فكرية تهم الإنسانية , إذا أردت أن تسبر أغوار أديب لابد أن تقف على محطات تكوينه الثقافي والفكري والإجتماعي والسياسي ولاسيما وان كان محامياً ....الكلام صنعته والحجة بضاعته والبحث عن الحقيقة موهبته .....نعم البحث عن الحقيقة ....هاهو سيد فيشا يبحث عن الحقيقة , عبر قصائد ديوانه (( عزف على وتر الحنين )) هذا الديوان الذي يتحول إلى ساحة نزال أو سجال أو قتال .....وربما مهادنة وإعتزال . سيد فيشا لا يستسلم لأي إجابة دون تحقيق وتمحيص , ومن ثم حينما شُرِفتُ بكتابة تلك المقدمة قررت الإبتعاد عن سيد فيشا الصديق والذي التقيت به محاوراً لي في حفل تكريمي في ضيافة عميد الأدب العربي الأستاذ الدكتور طه حُسين في متحفه (( رماتان )) هذا المكان الذي كان له سكناً وسكينةً , اتذكر حواري مع المناضل سيد فيشا حول سؤاله لي عن خاصية الزيجة الثقافية بين مصر وفرنسا وقت حملة (( نابليون بونابرت )) تلك الحملة التي أحدثت صدمة حضارية ذات صاعين ووجهين , الأول صدمة حضارية للفرنسيين أنفسهم وهم يقفون وجهاً لوجهٍ امام الحضارة المصرية القديمة , وأيضاً صدمة حضارية للمصريين من حملة أتت لهم برهط من العلماء وأيضاً بالمدفع والمطبعة .....وخرج المدفع وبقيت المطبعة لتسجل تلك الزيجة الثقافية بين مصر وفرنسا , ويتم تفعيل التلقيح الثقافي بين الحضارتين خرج المدفع وبقيت المطبعة حتى يأتي دور ديوان شاعرنا سيد فيشا بين حروف المطبعة مع سيد فيشا نبدأ الكلام , وأظن أن الكلام لن ينتهي معه أبداً. مهمة صعبة ألقاها على كاهلي شاعرنا الجميل سيد فيشا , مهمة كتابة مقدمة ديوانه , أحسبها أصعب من بحث في رسالة دكتوراه ....صعب جداً أن تقدم شاعراً لأن شعره يقدمه , ولذلك أنا أثق في فراسة القارئ الذي سوف يعطي شاعرنا حقه كما ينبغي . مما لاشك فيه أن هذا الديوان يهمس في وجدان القارئ بأريج العطر الفوّاح من بين السطور (( عزف على وتر الحنين )) رسالة تكشف الستار على قصائد شاعرنا المكتوبة على جدار المشاعر , العزف موسيقى تخاطب الوجدان , تطير بالقلوب خارج دائرة الزمان والمكان ولاسيما وإن كانت موسيقى وترية , في ألات وترية تهز الأحداث وتقلب الموازين , موازين الحب والحنين . ومما لاشك فيه أن الحنين لن يكون إلا بالتوبة والعودة إلى جدار الحب المنيع . هكذا تدور رحى قصائد شاعرنا (( سيد فيشا )) في هذا الفلك , فلك الحب , وحب القلب من القلب إلى القلب . شاعرنا في ديوانه يكافح وينافح , تارة يعلن الهدنة وأحري الحرب والثورة . حينما قرأت بعض القصائد شعرت أني أقف على شاطئ البحر , بكل ما للبحر من مفاجأت , الهدوء الذي يلتحم بالسماء , وثورة الماء ....وما أدراك ما ثورة الماء بالحروف من الألف إلى الياء.. الحب هو نواة الديوان ....وفي النواة شحنات موجبة تداعب إليكترونات سالبة هكذا الحب في قصائد سيد فيشا , ذرات تحمل كل المتناقضات تريد أن ترسو على شاطئ الحقيقة وهل يرسو قارب الشعر بين المد والجزر ؟ لعل أكثر ما يميز هذا الديوان هي جرأة الشاعر في التلميح والتصريح بين النصر والهزيمة يرنو بالحروف في كل الظروف . يسعدني أن اقدم للمكتبة العربية شاعراً محمل بكتلة مشاعر . (( عزف على وتر الحنين )) نوتة موسيقية تحتاج إلى عازف حاذق يقظ متمرس لتصل ألحانه الدافئة لقلوب تهوى اليراع والإبداع . هذا الديوان يطرح سؤالاً فلسفياً عن قيمة الحرية , حرية الفكر , وحرية العقل , وحرية الخيال , وحرية الحب . شاعرنا طائر يعشق الحب على الأغصان دون السجون والقضبان . شاعرنا يعزف على وتر الحنين , نسمع ونصغي , والعبرات تلمع في العين , نشاركه فرحة اللقاء , ونبكي معه لوعة الوداع بلا حروف الرجاء والنداء . الوتر رسالة صوتية , تحمل الهمس والسكون , وأيضاً الثورة حد الجنون . بين يديكم هذا الديوان ....دعوة للحب ...للمصالحة ....لرفع الراية البيضاء ....للقاء ...للغناق ....للحوار . هذا الديوان يقدم شهادة على العصر , العصر الرقمي , العصر الإفتراضي . وسؤالي لشاعرنا العريق هل ستنجح شاعرنا في تكثيف ماء الحب من السماء لتروي قلوب التعساء في الصحراء والبيداء ؟ سيداتي ....سادتي ....انتظر منكم الجواب وفصل الخطاب , بكل الأراء من الشعراء والقراء والنقاد والكتاب . باريس في 27 أكتوبر 2016