بعد زيادة سعر أنبوبة البوتجاز.. مصطفى بكري يوجه نداء عاجلا للحكومة    صلاح سليمان: المرحلة الحالية مرحلة تكاتف للتركيز على مباراة السوبر الأفريقي    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    48 ساعة قاسية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الجمعة (ذروة ارتفاع درجات الحرارة)    عبد الباسط حمودة: أبويا كان مداح وكنت باخد ربع جنيه في الفرح (فيديو)    صفارات الإنذار تدوي في عدة مقاطعات أوكرانية وانفجارات ضخمة في كييف    شهيد ومصابون في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا    وزير الأوقاف ينشد في حب الرسول خلال احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    "الآن أدرك سبب معاناة النادي".. حلمي طولان يكشف كواليس مفاوضاته مع الإسماعيلي    تعرف على قرعة سيدات اليد فى بطولة أفريقيا    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 20-9-2024 في قنا    بسبب كشك، مسجل خطر يقتحم حي الدقي ورئيسه يحرر محضرا    القبض على سائق «توك توك» دهس طالبًا بكورنيش المعصرة    سباق الموت.. مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم دراجتين بالفيوم    نقيب الفلاحين يقترح رفع الدعم عن أسمدة المزارعين: 90% منها لا تصل لمستحقيها    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    عاجل| إسرائيل تواصل الضربات لتفكيك البنية التحتية والقدرات العسكرية ل حزب الله    خزينة الأهلي تنتعش بأكثر من 3 ملايين دولار (تفاصيل)    كمال درويش: معهد الإحصاء ب «الفيفا» أعطى لقب نادي القرن للزمالك    الصومال:ضبط أسلحة وذخائر في عملية أمنية في مقديشو    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    رسميًا.. إعادة تشكيل مجلسي إدارة بنكي الأهلي ومصر لمدة 3 سنوات    رسميًا.. فتح تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والدبلومات الفنية (رابط مفعل الآن)    عيار 21 يعود للارتفاعات القياسية.. أسعار الذهب تقفز 280 جنيها اليوم الجمعة بالصاغة    بايدن: الحل الدبلوماسي للتصعيد بين إسرائيل وحزب الله "ممكن"    بعد فيديو خالد تاج الدين.. عمرو مصطفى: مسامح الكل وهبدأ صفحة جديدة    عبد الباسط حمودة عن بداياته: «عبد المطلب» اشترالي هدوم.. و«عدوية» جرّأني على الغناء    «ابنك متقبل إنك ترقصي؟» ..دينا ترد بإجابة مفاجئة على معجبيها (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024    ضبط 5000 زجاجه عصائر ومياه غازية مقلدة بمصنع غير مرخص وتحرير 57 مخالفة تموين بالإسماعيلية    المؤبد لعامل لاتجاره في المواد المخدرة واستعمال القوة ضد موظف عام في القليوبية    حسن نصر الله: "تعرضنا لضربة قاسية وغير مسبوقة".. ويهدد إسرائيل ب "حساب عسير" (التفاصيل الكاملة)    التفجير بواسطة رسائل إلكترونية.. تحقيقات أولية: أجهزة الاتصالات فُخخت خارج لبنان    بارنييه ينتهي من تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: لن نعود لقطع الكهرباء مرة أخرى    محافظ القليوبية: لا يوجد طريق واحد يربط المحافظة داخليا    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    حدث بالفن| هشام ماجد يدعم طفلا مصابا بمرض نادر وأحدث ظهور ل محمد منير وشيرين    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    النيابة تصرح بدفن جثة ربة منزل سقطت من الطابق السابع في شبرا الخيمة    نقيب الأشراف: قراءة سيرة النبي وتطبيقها عمليا أصبح ضرورة في ظل ما نعيشه    حكاية بسكوت الحمص والدوم والأبحاث الجديدة لمواجهة أمراض الأطفال.. فيديو    وكيل صحة قنا يوجه بتوفير كل أوجه الدعم لمرضى الغسيل الكلوي في المستشفى العام    البلشي: إطلاق موقع إلكتروني للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    رئيس جامعة القناة يتفقد تجهيزات الكلية المصرية الصينية للعام الدراسي الجديد (صور)    فيلم تسجيلي عن الدور الوطني لنقابة الأشراف خلال احتفالية المولد النبوي    أمين الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعا وخيانة للأمانة    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    الداخلية تضبط قضيتي غسيل أموال بقيمة 83 مليون جنيه    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    فحص 794 مريضًا ضمن قافلة "بداية" بحي الكرامة بالعريش    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصة القصيرة.. والمجموعة القصصية
نشر في شموس يوم 30 - 12 - 2014


كتبت: داليا جمال طاهر
الأقصوصة أو القصة القصيرة:-
هي جنس أدبي وهو عبارة عن سرد حكائي نثري أقصر من الرواية، وتهدف إلى تقديم حدث وحيد غالبًا ضمن مدة زمنية قصيرة ومكان محدود غالبًا لتعبر عن موقف أو جانب من جوانب الحياة، لابد لسرد الحدث في القصة القصيرة أن يكون متحدًا ومنسجمًا دون تشتيت.
وغالبًا ما تكون وحيدة الشخصية أو عدة شخصيات متقاربة يجمعها مكان واحد وزمان واحد على خلفية الحدث والوضع المراد الحديث عنه.
الدراما في القصة القصيرة تكون غالبًا قوية وكثير من القصص القصيرة تمتلك حسًا كبيرًا من السخرية أو دفقات مشاعرية قوية لكي تمتلك التأثير وتعوض عن حبكة الأحداث في الرواية.
يزعم البعض أن تاريخ القصة القصيرة يعود إلى أزمان قديمة مثل قصص العهد القديم عن الملك داود، وسيدنا يوسف وراعوث. لكن بعض الناقدين يعتبر القصة القصيرة نتاج تحرر الفرد من ربقة التقاليد والمجتمع وبروز الخصائص الفردية على عكس الأنماط النموذجية الخلاقية المتباينة في السرد القصصي القديم.
يغلب على القصة القصيرة أن يكون شخوصها مغمورين وقلما يرقون إلى البطولة والبطولية، فهم من قلب الحياة حيث تشكل الحياة اليومية الموضوع الأساسي للقصة القصيرة وليست البطولات والملاحم.
ويعتبر إدغار آلان بو من رواد القصة القصيرة الحديثة في الغرب.
وقد ازدهر هذا اللون من الأدب، في أرجاء العالم المختلفة، طوال قرن مضى على أيدي موباسان وزولا وتورغينيف وتشيخوف وهاردي وستيفنسون، ومئات من فناني القصة القصيرة.
وفي العالم العربي بلغت القصة القصيرة درجة عالية من النضج على أيدي يوسف إدريس في مصر، ومحمد بوزفور في المغرب، وزكريا تامر في سوريا.
يوسف إدريس.. أمير القصة القصيرة:-
يوسف إدريس.. مفكر، وأديب مصري، من أبرز كتاب القصة القصيرة في الأدب العربي في العصر الحديث، وأشهر المجددين في فنونها، يتميز قلمه بالدقة والتركيز والتعبير المميز، قدم للأدب العربى أكثر من 20 مجموعة قصصية، و5 روايات، و10 مسرحيات، وترجمت أعماله إلى العديد من اللغات العالمية، ما أهله لأن يكون أمير القصة القصيرة بلا منازع.
ولد يوسف إدريس في 19 مايو من عام 1927م في قرية "البيروم" بمحافظة الشرقية شمال مصر، تلقى دراسته الأولية في محافظة الشرقية وانتقل عام 1945م إلى القاهرة ليدرس في كلية الطب التي تخرج فيها عام 1951م، وفي 28 أغسطس 1957م تزوج يوسف ادريس من السيدة رجاء الرفاعي.
بدأ يوسف إدريس كتابة القصة القصيرة منذ وقت مبكر بعد إلتحاقه بكلية الطب، وجذبت قصصه الأولى الانتباه إلى أن اسم يوسف إدريس سيصبح من الأسماء اللامعة في فترة وجيزة وهو ما حدث بالفعل خاصة بعد كتابته قصة "أنشودة الغرباء" والتي نشرت في مجلة "القصة" عام 1950م، ثم تابع نشر قصصه في مجلة "روزاليوسف"، ثم قدمه عبدالرحمن الخميسي إلى قراء جريدة "المصرى" التي كان ينشر فيها قصصه بانتظام وأصدر يوسف إدريس مجموعته القصصية الأولى "أرخص ليالي" عام 1954، وقد لاقت ترحيبًا كبيرًا من النقاد والقراء.
كتب يوسف إدريس عدة مقالات في مجلة "صباح الخير"، ثم أصبح من كتاب جريدة "الجمهورية" التي كان يرأس مجلس إداراتها في ذلك الوقت الرئيس الراحل أنور السادات حيث بدأ بنشر حلقات قصص "قاع المدينة "، و"المستحيل" و"قبر السلطان"، ثم انطلق يوسف إدريس مؤكدًا مكانته كأبرز كتاب القصة القصيرة.
واستطاع يوسف إدريس تثبيت أقدام القصة القصيرة ونقلها من المحليّة إلى العالميّة، حيث اختار موضوعاتها من حياة الإنسان العربي المهمّش، فخلق قصة عربيّة، بلغة عربيّة مصرية قريبة من لغة الإنسان العادي وبذلك نقلها من برجها العاجي إلى لغة التخاطب اليومي.
وبالنسبة لشخصيات قصصه فقد ركز على نمطين من أنماط الشّخصيّة القصصيّة وهما:
شخصيّة المرأة باعتبارها عنصرًا مسحوقًا ومهمّشًا أكثر من غيره، فنذر حياته للدّفاع عنها وللكتابة من أجلها.
أما النمط الثاني فهو الشّخصيات الرّجوليّة وهي شخصيّات، في معظم الحالات، من قاعدة الهرم، من الشريحة المظلومة في المجتمع المصري وهي تمثيل للإنسان المصري الذي يعيش على هامش الحياة المصرية بكل مستوياتها.
وقد شهد نهج يوسف إدريس في كتابة القصّة القصيرة تغيّرًا جذريًا، في نهاية الخمسينيات وأوائل الستينيات، فالتصوير الواقعي، البسيط، للحياة كما هي في الطبقات الدنيا من المجتمع الريفي، وفي حواري القاهرة، بدأ يتلاشى، ويظهر نمط للقصّة أكثر تعقيدًا، وتدريجيًا، أصبحت المواقف والشخصيات أكثر عموميّة وشموليّة، إلى أن قارب نثره تجريد الشعر المطلق، ويشيع جو من التشاؤم، وينغمس أبطال القصص في الاستبطان والاحتدام، ويحل التمثيل الرمزي للموضوعات الأخلاقية والسياسية محل الوصف الخارجي والفعل المتلاحق.
وقد أخرجت السينما المصرية عن أعماله الإبداعية 11 فيلم أهمها:-
* "لا وقت للحب" عام 1963م وهو مأخوذ عن روايته "قصة حب" الصادرة عام 1957م.
* و"الحرام" عام 1965م، وهو مأخوذ عن روايته "الحرام" الصادرة عام 1959م.
* و"العيب" عام 1967م، وهو مأخوذ عن روايته "العيب" الصادرة عام 1962م.
* و"حادثة شرف" عام 1971م، وهو مأخوذ عن قصته "حادثة شرف" من المجموعة التي تحمل العنوان نفسه.
* و"النداهة" عام 1975م، عن قصته "النداهة" من مجموعته التي تحمل العنوان نفسه.
* و"ورق سيلوفان" عام 1975م، عن قصته "ورق سيلوفان" من مجموعته.
* "بيت من لحم" الصادرة في العام 1971م.
ومن أشهر أعماله القصصية:-
* * "أرخص ليالي".
* و"جمهورية فرحات".
* و"أليس كذلك".
* و"البطل".
* و"حادثة شرف".
* و"النداهة".
* و"بيت من لحم".
* و"قاع المدينة".
* و" لغة الآي آي".
* و"مشوار".
أما رواياته فكان أشهرها:-
* "قصة حبّ".
* و"الحرام".
* "العيب".
* و"العسكري الأسود".
* و"البيضاء".
ومن مسرحياته:-
* "ملك القطن".
* "اللحظة الحرجة".
* و"المهزلة الأرضية".
* و"الجنس الثالث".
* و"الفرافير".
* و"المخططين".
* و"البهلوان".
وحصل الأديب الكبير يوسف إدريس على العديد من الجوائز كان أشهرها:-
* جائزة عبد الناصر في الآداب عام 1969م.
* وجائزة صدام حسين للآداب عام 1988م.
* وجائزة الدولة التقديرية عام1990م.
وقد توفي يوسف ادريس في الأول من شهر أغسطس عام 1991م.
أنيس منصور.. حول العالم في 200 يوم:-
أنيس محمد منصور كاتب صحفي وفيلسوف وأديب مصري.
إشتهر بالكتابة الفلسفية عبر ما ألفه من إصدارت، جمع فيها إلى جانب الأسلوب الفلسفي الأسلوب الأدبي الحديث.
كانت بداية أنيس منصور العلمية مع كتاب الله تعالى، حيث حفظ القرآن الكريم في سن صغيرة في كتاب القرية وكان له في ذلك الكتاب حكايات عديدة حكى عن بعضها في كتابه عاشوا في حياتي.
كان الأول في دراسته الثانوية على كل طلبة مصر حينها، ثم إلتحق في كلية الآداب في جامعة القاهرة برغبته الشخصية، دخل قسم الفلسفة الذي تفوق فيه وحصل على ليسانس آداب عام 1947، عمل أستاذاً في القسم ذاته، لكن في جامعة عين شمس لفترة، ثم تفرغ للكتابة والعمل الصحافي في مؤسسة أخبار اليوم.
آثر أن يتفرغ للكتابة مؤلفاً وكاتباً صحفياً، وترأس العديد من مناصب التحرير لعدد من الصحف والمجلات، إذ صحب هذا المشوار الصحفي اهتمامه بالكتابة الصحفية.
وحافظ على كتابة مقال يومي تميز ببساطة أسلوبه استطاع من خلاله أن يصل بأعمق الأفكار وأكثرها تعقيدًا إلى البسطاء.
ظل يعمل في أخبار اليوم حتى تركها في عام 1976 ليكون رئيساً لمجلس إدارة دار المعارف، وثم أصدر مجلة الكواكب.
وعاصر فترة جمال عبد الناصر وكان صديقاً مقرباً له ثم أصبح صديقاً للرئيس السادات ورافقه في زيارته إلى القدس عام 1977.
تعلم أنيس منصور لغات عدة منها: الإنكليزية والألمانية والإيطالية واللاتينية والفرنسية والروسية، وهو ما مكنه من الإطلاع على ثقافات عديدة، ترجم عنها عددًا كبيرًا من الكتب الفكرية والمسرحيات، كما سافر إلى العديد من بلدان العالم، ألف العديد من كتب الرحلات ما جعله أحد رواد هذا الأدب منها: حول العالم في 200 يوم، اليمن ذلك المجهول، أنت في اليابان وبلاد أخرى.
حصل في حياته على الكثير من الجوائز الأدبية من مصر وخارجها ومن أبرزها الدكتوراه الفخرية من جامعة المنصورة وجائزة الفارس الذهبي من التلفزيون المصري وجائزة الدولة التشجيعية في مصر في مجال الأدب.
كما له تمثال بمدينة المنصورة يعكس مدى فخر بلده به.
توفي صباح يوم الجمعة الموافق 21 أكتوبر 2011 عن عمر ناهز 87 عاماً بمستشفى الصفا بعد تدهور حالته الصحية على إثر إصابته بإلتهاب رئوي وإقيمت الجنازة يوم السبت بمسجد عمر مكرم بعد صلاة الظهر. وتم دفنه بمدافن الأسرة بمصر الجديدة بعد تشييع جثمانه.
تعريف القصة القصيرة:
في اللغة: هي من التتبع وقص الأثر أي تتبع مساره ورصد حركة أصحابه، والتقاط بعض أخبارهم.
في المصطلح النقدي: يعرفها الأستاذ فؤاد قنديل بأنها (نص أدبي نثري يصور موقفًا أو شعورًا إنسانيًا تصويرًا مكثفًا له مغزى).
ويعرفها آرسكين كالدويل بأنها (حكاية خيالية لها معنى، ممتعة بحيث تجذب انتباه القارئ، وعميقة بحيث تعبر عن الطبيعة البشرية).
وتعرفها كاترين آن بورتر بأنها (العمل الذي يقدم فكرة في المقام الأول، ثم معلومة ما عن الطبيعة البشرية، بحس عميق).
خصائص القصة القصيرة:-
تختلف الخصائص عن العناصر في أن العناصر هي المكونات الرئيسية للعمل أما الخصائص فهي المحدد الأساسي للعمل، بمعنى أدق إن افتقاد العمل لأحد عناصره لا يؤثر في تحديد هوية العمل، هل هو قصة قصيرة أم لا، ولكن إذا افتقدت القصة القصيرة لأحد خصائصها كانت شيئا أخر غير القصة القصيرة.
وهذه الخصائص بالترتيب هي:
* الوحدة: وتعني أن كل شيء فيها يكون واحدًا، بمعنى إنها تشتمل على فكرة واحدة، وتتضمن حدثا واحدا، وشخصية رئيسية واحدة، ولها هدف واحد...الخ.
وهو ما يعني إن الكاتب عليه توجيه كل جهده الإبداعي صوب هدف واحد لا يحيد عنه.
* التكثيف: ويقصد به التوجه مباشرة نحو الهدف من القصة مع أول كلمة فيها، فهي كما يقول يوسف إدريس" القصة القصيرة رصاصة، تصيب الهدف أسرع من أي رواية".
* الدراما: ويقصد بها خلق الحيوية والديناميكية والحرارة في العمل، حتى ولو لم يكن هناك صراع خارجي، ولم تكن هناك غير شخصية واحدة.
فالدراما هي عامل التشويق الذي يستخدمه الكاتب للفت انتباه القارئ، وهي التي تحقق المتعة الفنية للقارئ وتشعر القاص بالرضا عن عمله.
عناصر القصة القصيرة:-
وهي بالترتيب:
* الرؤية: وهي جوهر العمل الفني، ونواته الفكرية التي قد تصدر عن الفنان دون وعي منه لفرط خبرته، فهي تعبر عن مفهومه ونظرته للحياة، فالمبدع الحقيقي هو الذي تكون له نظرة ما حول ما يقدمه من أعمال فنية، فبالرؤية يختلف الكاتب الكبير عن الكاتب الصغير.
* الموضوع: هو الحدث أو الحدوثة التي تتجسد من خلالها الرؤية، التي يعتبرها المبدع أساس عمله، وهي حدث يتم في مكان وزمان محددين، تنشأ عنه علاقات إنسانية مختلفة، متمثلة في أنماط سلوكية بشرية تسعى لتحقيق هدف ما، ومعبرة عن أمالها ومشاعرها الوجدانية.
* اللغة: وهي المعبر والمصور لرؤية المبدع وموضوعه، فهي أساس العمل الأدبي، فالبناء أساسه لغوي والتصوير والحدث يتكئان على اللغة، والدراما تولدها اللغة الموحية المرهفة، كل هذا يشير بدلالة واضحة على أهمية اللغة وإنه لولاها لكان العمل الأدبي سيئ وغير مفهوم.
سمات اللغة الفنية:-
* السلامة النحوية.
* الدقة.
* الاقتصاد والتكثيف.
* الشاعرية.
* الشخصية: وهذه الأخيرة هي جوهر القصة القصيرة، فهي التلتي تقوم بالحدث الذي تبنى عليه القصة، وقد يكون شخص أو قوى غيبية، أو بمعنى أدق كل شيء مؤثر في اتجاه الحدث صعودا وهبوطا، انبساط أو تأزما.
* البناء: وهي مراحل أو شكل العمل الأدبي، وهي عادة لا تقل عن ثلاثة مراحل هي، البداية، ثم الوسط، الذي قد يطول أو يقصر وفيه يكون ذروة الصراع، ثم النهاية وفيها يكون الكشف عن كل محتوى العمل وهدفه الأساسي.
* الأسلوب الفني: وهو التقنية الفنية التي يتم بها تصوير الحدث أو الحالة، والكاتب في حاجة لتشكيل هذه الصياغة الفنية لوسائل عديدة ينفذ بها لشخصياته ومواقفه، بحيث تتعاون في النهاية في رسم صورة جيدة للعمل الأدبي.
فهي المنظور الذي منه يتم رؤية العمل الفني، فيتم الإعجاب به من قارئه، فحرفية القاص تنبع من الأسلوب الأخاذ الذي عبر به عن قصته، بحيث تبدو كما لو كانت عملا واقعيا وإن كل دور الكاتب فيها هو عمله على نقلها على الورق.
والأسلوب الفني يتأتى بالأتي:-
* السرد: هو الوصف أو التصوير، فهو جزء من الحدث والشخصية ومن كل عناصر القص، فقصة بلا سرد ولا وصف ليست بقصة.
ويجب أن ينبعا من صميم العمل فلا يكونا دخيلين عليه، كما يتعين أن يكونا فاعلين فيه لا مجرد زينة.
* الحوار: هو الديالوج والمحادثة التي تدور بين شخصيات العمل، فهو أحد أهم التقنيات الفنية المشاركة في بناء العمل، وذلك لأنه
أ - هو نافذة يطل منها القارئ على ثنايا القصة.
ب - وسيلة فنية لتقديم الشخصيات و الأحداث والتعريف بها من داخلها.
من أجمل القصص القصيرة:-
الطبيب والكحل:-
شكا رجل إلى طبيب وجع في بطنه فقال: ما الذي أكلت؟.
قال: أكلت رغيفا محترقا. فدعا الطبيب بكحل ليكحل المريض.
فقال المريض: إنما أشتكي وجع في بطني لا في عيني.
قال الطبيب: قد عرفت، ولكن أكحلك لتبصر المحترق، فلا تأكله.
جحا والسائل:-
كان جحا في الطابق العلوي من منزله، فطرق بابه أحد الأشخاص، فأطل من الشباك فرأى رجلاً، فقال: ماذا تريد ؟ قال: إنزل إلى تحت لأكلمك، فنزل جحا فقال الرجل: أنا فقير الحال اريد حسنة يا سيدي. فاغتاظ جحا منه ولكنه كتم غيظه وقال له: اتبعني. وصعد جحا الى أعلى البيت والرجل يتبعه، فلما وصلا إلى الطابق العلوي التفت إلى السائل وقال له: الله يعطيك فاجابه الفقير: ولماذا لم تقل لي ذلك ونحن تحت؟ فقال جحا: وأنت لماذا انزلتني ولم تقل لي وأنا فوق؟.
غاندي وفردة الحذاء:-
لو سقطت منك فردة حذاءك
.. واحدة فقط
.. أو مثلا ضاعت فردة حذاء
.. واحدة فقط ؟؟
ماذا ستفعل بالأخرى ؟
يُحكى أن غاندي
كان يجري بسرعة للحاق بقطار
.... وقد بدأ القطار بالسير
وعند صعوده القطار سقطت من قدمه إحدى فردتي حذائه
فما كان منه إلا خلع الفردة الثانية
وبسرعة رماها بجوارالفردة الأولى على سكة القطار
!!!... فتعجب أصدقاؤه
وسألوه
ماحملك على مافعلت؟
لماذا رميت فردة الحذاء الأخرى؟
فقال غاندي الحكيم
أحببت للفقير الذي يجد الحذاء أن يجد فردتين فيستطيع الإنتفاع بهما
!... فلو وجد فردة واحدة فلن تفيده
! ولن أستفيد أنا منها أيضا
... نريد أن نعلم انفسنا من هذا الدرس
أنه إذا فاتنا شيء فقد يذهب إلى غيرنا ويحمل له السعادة
فلنفرح لفرحه ولا نحزن على مافاتنا
! فهل يعيد الحزن ما فات؟
الحسود والبخيل:-
وقف حسود وبخيل بين يدي أحد الملوك، فقال لهما: تمنيا مني ما تريدان فإني سأعطي الثاني ضعف ما يطلبه الأول. فصار أحدهما يقول للآخر أنت أولا، فتشاجرا طويلا، و كان كل منهما يخشى أن يتمنى أولا، لئلا يصيب الآخر ضعف ما يصيبه. فقال الملك: إن لم تفعلا ما آمركما قطعت رأسيكما. فقال الحسود: يا مولاي إقلع إحدى عينيَ!!!
أبو دلامة:-
دخل أبو دلامة على المهدي وعنده اسماعيل بن علي و عيسى بن موسى والعباس بن محمد وجماعة من بني هاشم.
فقال له المهدي والله لئن لم تهج واحدا ممن في هذا البيت لأقطعن لسانك فنظر إلى القوم وتحير في أمره، وجعل ينظر إلى كل واحد فيغمزه بأن عليه رضاه.
قال أبو دلامة، فازددت حيرة فما رأيت أسلم لي من أن أهجو نفسي.
ألا أبلغ لديك أبو دلامة
فلست من الكرام ولاكرامة
جمعت دمامة وجمعت لؤما
كذاك اللؤم تتبعه الدمامه
إذا لبس العمامة قلت قردا
وخنزيراَ إذا نزع العمامة
قسمة أعرابي:-
قدم أعرابي من أهل البادية على رجل من أهل الحضر، وكان عندهدجاج كثير وله امرأه وإبنان وإبنتان
فقال الأعرابي لزوجته: اشوي لي دجاجة وقدميها لنا نتغدى بها. فلما حضر الغداء جلسنا جميعا، أنا وامرأتي وابناي و ابنتاي و الأعرابي، فدفعنا إليه الدجاجة، فقلنا له: اقسمها بيننا، نريد بذلك أن نضحك منه.
قال: لا أحسن القسمة،فإن رضيتم بقسمتي قسمت بينكم. قلنا: فإنا نرضى بقسمتك. فأخذ الدجاجة وقطع رأسها ثم ناولنيه، وقال الرأس للرئيس، ثم قطع الجناحين وقال: والجناحان للابنين،ثم قطع الساقين فقال: الساقان للابنتين، ثم قطع الزمكي وقال: العجز للعجوز، ثم قال: الزور للزائر، فأخذ الدجاجة بأسرها !
فلما كان من الغد قلت لامرأتي اشوي لنا خمس دجاجات. فلما حضر الغداء قلنا: أقسم بيننا. قال أضنكم غضبتم من قسمتي أمس. قلنا: لا، لم نغضب، فاقسم بيننا. فقال: شفعا أو وترا ؟ قلنا: وترا. قال: نعم. أنت و امرأتك ودجاجة ثلاثة، ورمى بدجاجة، ثم قال: وابناك ودجاجة ثلاثة، ورمى الثانية. ثم قال: وابنتاك ودجاجة ثلاثة، ورمى الثالثة. ثم قال وأنا ودجاجتان ثلاثة. فأخذ الدجاجتين، فرآنا ونحن ننظر إلى دجاجتية، فقال: ما تنظرون، لعلكم كرهتم قسمتي؟ الوتر ما تجيء إلا هكذا. قلنا: فاقسمها شفعا. فقبض الخمس الدجاجات إليه ثم قال: أنت وابناك ودجاجة أربعة، ورمى إلينا دجاجة. والعجوز وابنتاها ودجاجة أربعة، ورمى إليهن بدجاجة. ثم قال: وأنا و ثلاث دجاجات أربعة، وضم إليه ثلاث دجاجات. ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: الحمد لله، أنت فهًمتها لي !
نعل الملك:-
يحكى أن ملكاً كان يحكم دولة واسعة جداً..أراد هذا الملك يوما القيام
برحلة برية طويلة. وخلال عودته وجد أن أقدامه تورمت بسبب
المشي في الطرق الوعرة، فأصدر مرسوماً يقضي بتغطية كل
شوارع مدينته بالجلد ولكن احد مستشاريه أشار عليه برأي أفضل
وهو عمل قطعة جلد صغيرة تحت قدمي الملك فقط.
فكانت هذه بداية نعل الأحذية.
مجموعة من القصص القصيرة:-
قصة القارب العجيب :-
تحدى أحد الملحدين- الذين لا يؤمنون بالله- علماء المسلمين في أحد البلاد، فاختاروا أذكاهم ليرد عليه، وحددوا لذلك موعدا.وفي الموعد المحدد ترقب الجميع وصول العالم، لكنه تأخر. فقال الملحد للحاضرين: لقد هرب عالمكم وخاف، لأنه علم أني سأنتصر عليه، وأثبت لكم أن الكون ليس له إله !وأثناء كلامه حضر العالم المسلم واعتذر عن تأخره، تم قال: وأنا في الطريق إلى هنا، لم أجد قاربا أعبر به النهر، وانتظرت على الشاطئ، وفجأة ظهرت في النهر ألواح من الخشب، وتجمعت مع بعضها بسرعة ونظام حتى أصبحت قاربا، ثم اقترب القارب مني، فركبته وجئت إليكم. فقال الملحد: إن هذا الرجل مجنون، فكيف يتجمح الخشب ويصبح قاربا دون أن يصنعه أحد، وكيف يتحرك بدون وجود من يحركه؟!فتبسم العالم، وقال: فماذا تقول عن نفسك وأنت تقول: إن هذا الكون العظيم الكبير بلا إله؟!
قصة الدرهم الواحد:-
يحكى أن امرأة جاءت إلى أحد الفقهاء، فقالت له: لقد مات أخي، وترك ستمائة درهم، ولما قسموا المال لم يعطوني إلا درهما واحدا!فكر الفقيه لحظات، ثم قال لها ربما كان لأخيك زوجة وأم وابنتان واثنا عشر أخا. فتعجبت المرأة، وقالت: نعم، هو كذلك.فقال: إن هذا الدرهم حقك، وهم لم يظلموك: فلزوجته ثمن ما ترك، وهو يساوي (75 درهما)، ولابنتيه الثلثين، وهو يساوى (400 درهم)، ولأمه سدس المبلغ، وهو يساوي (100 درهم)، ويتبقى (25 درهما) توزع على إخوته الاثنى عشر وعلى أخته، ويأخذ الرجل ضعف ما تأخذه المرأة، فلكل أخ درهمان، ويتبقى للأخت- التي هي أنت- درهم واحد.
قصة المال الضائع:-
يروى أن رجلاً جاء إلى الإمام أبى حنيفة ذات ليلة، وقال له: يا إمام! منذ مدة طويلة دفنت مالاً في مكان ما، ولكني نسيت هذا المكان، فهل تساعدني في حل هذه المشكلة؟فقال له الإمام: ليس هذا من عمل الفقيه؛ حتى أجد لك حلاً. ثم فكرلحظة وقال له: اذهب، فصل حتى يطلع الصبح، فإنك ستذكر مكان المال إن شاء الله تعالى.فذهب الرجل، وأخذ يصلي. وفجأة، وبعد وقت قصير، وأثناء الصلاة، تذكر المكان الذي دفن المال فيه، فأسرع وذهب إليه وأحضره.وفي الصباح جاء الرجل إلى الإمام أبى حنيفة، وأخبره أنه عثر على المال، وشكره، ثم سأله: كيف عرفت أني سأتذكر مكان المال ؟! فقال الإمام: لأني علمت أن الشيطان لن يتركك تصلي، وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك.
قصة المرأة الحكيمة:-
صعد عمر- رضي الله عنه- يوما المنبر، وخطب في الناس، فطلب منهم ألا يغالوا في مهور النساء، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يزيدوا في مهور النساء عن أربعمائة درهم؟ لذلك أمرهم ألا يزيدوا في صداق المرأة على أربعمائة درهم.فلما نزل أمير المؤمنين من على المنبر، قالت له امرأة من قريش يا أمير المؤمنين، نهيت الناس أن يزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم؟ قال: نعم.فقالت: أما سمعت قول الله تعالى: {وآتيتم إحداهن قنطارا} ( القنطار المال الكثير).فقال: اللهم غفرانك، كل الناس أفقه من عمر.ثم رجع فصعد المنبر، وقال: يا أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا في مهور النساء، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل.
قصة الخليفة الحكيم:-
كان عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- معروفا بالحكمة والرفق، وفي يوم من الأيام، دخل عليه أحد أبنائه، وقال له:يا أبت! لماذا تتساهل في بعض الأمور؟! فوالله لو أني مكانك ما خشيت في الحق أحدا.فقال الخليفة لابنه: لا تعجل يا بني؛ فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في المرة الثالثة، وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدفعوه (أي أخاف أن أجبرهم عليه مرة واحدة فيرفضوه) فتكون فتنة.فانصرف الابن راضيا بعد أن اطمأن لحسن سياسة أبيه، وعلم أن وفق أبيه ليس عن ضعف، ولكنه نتيجة حسن فهمه لدينه.
قصة ورقة التوت:-
ذات يوم جاء بعض الناس إلى الإمام الشافعي، وطلبوا منه أن يذكر لهم دليلاً على وجود الله عز وجل.ففكر لحظة، ثم قال لهم: الدليل هو ورقة التوت.فتعجب الناس من هذه الإجابة، وتساءلوا: كيف تكون ووقة التوت دليلاً على وجود الله؟! فقال الإمام الشافعى: "ووقة التوت طعمها واحد؛ لكن إذا أكلها دود القز أخرج حريرا، وإذا أكلها النحل أخرج عسلاً، وإذا أكلها الظبي أخرج المسك ذا الرائحة الطيبة.. فمن الذي وحد الأصل وعدد المخارج؟! ".إنه الله- سبحانه وتعالى- خالق الكون العظيم.
قصة العاطس الساهى:-
كان عبد الله بن المبارك عابدا مجتهدا، وعالما بالقرآن والسنة، يحضر مجلسه كثير من الناس؛ ليتعلموا من علمه الغزير.وفي يوم من الأيام، كان يسير مع رجل في الطريق، فعطس الرجل، ولكنه لم يحمد الله. فنظر إليه ابن المباوك، ليلفت نظره إلى أن حمد الله بعد العطس سنة على كل مسلم أن يحافظ عليها، ولكن الرجل لم ينتبه.فأراد ابن المبارك أن يجعله يعمل بهذه السنة دون أن يحرجه، فسأله:أي شىء يقول العاطس إذا عطس؟فقال الرجل: الحمد لله!عندئذ قال له ابن المبارك:يرحمك الله.
قصة الرجل المجادل:-
في يوم من الأيام ، ذهب أحد المجادلين إلى الإمام الشافعي، وقال له:كيف يكون إبليس مخلوقا من النار، ويعذبه الله بالنار؟!ففكر الإمام الشافعى قليلاً، ثم أحضر قطعة من الطين الجاف، وقذف بها الرجل، فظهرت على وجهه علامات الألم والغضب. فقال له: هل أوجعتك؟قال: نعم، أوجعتنيفقال الشافعي: كيف تكون مخلوقا من الطين ويوجعك الطين؟!فلم يرد الرجل وفهم ما قصده الإمام الشافعي، وأدرك أن الشيطان كذلك: خلقه الله- تعالى- من نار، وسوف يعذبه بالنار.
قصة الشكاك:-
جاء أحد الموسوسين المتشككين إلى مجلس الفقيه ابن عقيل، فلما جلس، قال للفقيه: إني أنغمس في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك: هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟فقال ابن عقيل: اذهب، فقد سقطت عنك الصلاة.فتعجب الرجل وقال له: وكيف ذلك؟فقال ابن عقيل:لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ ". ومن ينغمس في الماء مرارا - مثلك- ويشك هل اغتسل أم لا، فهو بلا شك مجنون .
قصة الطاعون:-
خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ذاهبا إلى بلاد الشام، وكان معه بعض الصحابة.
وفي الطريق علم أن مرض الطاعون قد انتشر في الشام، وقتل كثيرا من الناس، فقرر الرجوع، ومنع من معه من دخول الشام.فقال له الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله يا أمير المؤمنين؟فرد عليه أمير المؤمنين لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!ثم أضاف قائلاً: نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله؛ أرأيت لو أن لك إبلا هبطت واديا له جهتان: إحداهما خصيبة (أي بها زرع وحشائش تصلح لأن ترعى فيها الإبل)، والأخرى جديبة (أي لا زرع فيهما، ولا تصلح لأن ترعى فيها الإبل)، أليس لو رعيت في الخصيبة رعيتها بقدر الله، ولو رعيت في الجديبة رعيتها بقدر الله؟ .
قصة الخليفة والقاضي:-
طلب أحد الخلفاء من رجاله أن يحضروا له الفقيه إياس بن معاوية، فلما حضر الفقيه قال له الخليفة: إني أريد منك أن تتولى منصب القضاء. فرفض الفقيه هذا المنصب، وقال: إني لا أصلح للقضاء. وكان هذا الجواب مفاجأة للخليفة، فقال له غاضبا: أنت غير صادق. فرد الفقيه على الفور: إذن فقد حكمت علي بأني لا أصلح. فسأله الخليفة: كيف ذلك؟فأجاب الفقيه: لأني لوكنت كاذبا- كما تقول- فأنا لا أصلح للقضاء، وإن كنت صادقا فقد أخبرتك أني لا أصلح للقضاء .
قصة حكم البراءة:-
تزوجت امرأة، وبعد ستة أشهر ولدت طفلا، والمعروف أن المرأة غالبا ما تلد بعد تسعة أشهر أو سبعة أشهر من الحمل، فظن الناس أنها لم تكن مخلصة لزوجها، وأنها حملت من غيره قبل زواجها منه.فأخذوها إلى الخليفة ليعاقبها، وكان الخليفة حينئذ هو عثمان بن عفان- رضي الله عنه- فلما ذهبوا إليه، وجدوا الإمام عليا موجودا عنده، فقال لهم: ليس لكم أن تعاقبوها لهذا السبب. فتعجبوا وسألوه: وكيف ذلك؟ فقال لهم: لقد قال الله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (أي أن الحمل وفترة الرضاعة ثلاثون شهرا). وقال تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) (أي أن مدة الرضاعة سنتين. إذن فالرضاعة أربعة وعشرون شهرا، والحمل يمكن أن يكون ستة أشهر فقط.
قصة المرأة والفقيه:-
سمعت امرأة أن عبد الله بن مسمعود- رضي الله عنه- لعن من تغير خلقتها من النساء، فتفرق بين أسنانها للزينة، وترقق حاجبيها.فذهبت إليه، وسألته عن ذلك، فقال لها: ومالي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله.
فقالت المرأة في دهشة واستغراب: لقد قرأت القرآن الكريم كله لكني لم أجد فيه شيئا يشير إلى لعن من يقمن بعمل مثل هذه الأشياء.
وهنا ظهرت حكمة الفقيه الذي يفهم دينه فهما جيدا، فقال للمرأة: أما قرأت قول الله تعالى: { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}؟!أجابت المرأة: بلى، فقال لها: إذن فقد نهى القرآن عنه- أيضًا.
قصة الحق والباطل:-
سأل أحد الناس عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- فقال له: ما تقول في الغناء؟ أحلال أم حرام؟
فقال ابن عباس: لا أقول حراما إلا ما ذكر في كتاب الله أنه حرام.
فقال الرجل: أحلال هو؟فقال ابن عباس: ولا أقول حلالاً إلا ما ذكر في كتاب الله أنه حلال.ونظر ابن عباس إلى الرجل، فرأى على وجهه علامات الحيرة.
فقال له: أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة، فأين يكون الغناء؟فقال الرجل: يكون مع الباطل.وهنا قال ابن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك.
قصة السؤال الصعب:-
جاء شيخ كبير إلى مجلس الإمام الشافعى، فسأله: ما الدليل والبرهان في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله.فقال الشيخ: وماذا- أيضا-؟ قال: سنة رسول الله.
قال الشيخ: وماذا- أيضا-؟ قال: اتفاق الأمة.
قال الشيخ: من أين قلت اتفاق الأمة؟ فسكت الشافعي، فقال له الشيخ: سأمهلك ثلاثة أيام. فذهب الإمام الشافعى إلى بيته، وظل يقرأ ويبحث في الأمر.
وبعد ثلاثة أيام جاء الشيخ إلى مجلس الشافعي، فسلم وجلس. فقال له الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى هداني الله إلى قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوفه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}.
فمن خالف ما اتفق عليه علماء المسلمين من غير دليل صحيح أدخله الله النار، وساءت مصيرا.
فقال الشيخ: صدقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.