العلاقة بين التعليم والثقافة أشبه بالعلاقة بين الروح والجسد لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر؛ وقد أدرك مفكرو نهضتنا الحديثة ذلك ومن ثم لم يعزلوا التعليم عن الثقافة ؛ وحين كانت وزارة التعليم تعرف باسم وزارة المعارف العمومية ربيكانت الثقافة إدارة تابعة لوزارة المعارف ؛بل إن معظم المثقفين والمفكرين والأدباء والكتاب كانوا يعملون في الحقل التعليمي كمعلمين وموجهين؛ كما أن معظم مؤلفات هؤلاء في الفكر والأدب تدرس في المدارس وعلي سبيل المثال وليس الحصر د. طه حسين ؛العقاد؛محمد فريد ابو حديد ؛ عباس خضر...... وقبل أن نتكلم عن حالنا اليوم لابد لنا أن نعي دور الثقافة وأهميتها في بناء وتقدم المجتمعات بل هي العمود الفقري في صياغة الحضارة ونحن أحوج ما نكون – في هذه المرحلة الصعبة في حياة أمتنا –إلي تحديد أهدافنا بدقة وتعيين الوسائل التي هي سبيلنا إلي تحقيق التقدم ؛ لأننا نعيش في عالم لا مكان فيه للضعفاء والتقدم هنا بمفهومه الحضاري هو تقدم الوطن والمواطن ؛ إنه القدرة علي المشاركة في المنظومة العالمية والمساهمة بمكان متميز في قطار التفوق العالمي. لكن سؤال الكيفية هو الأصعب دائما ؛فكيف نصل إلي ما نصبو إليه ؟وما هي الوسيلة والآلية التي تمكننا من تحقيق ذلك ؟ لأنه حين يلتبس علي الطبيب تشخيص المرض تتعدد الأدوية ومن ثم تسوء حالة المريض ويصبح الدواء عبئا عليه بدلا من أن يكون عونا له. فهل آن الأوان لتشخيص مرضنا المزمن والذي لا علاج له إلا بأن تكون الثقافة مع التعليم كيانا واحدا . إنهما القاطرة التي تجر باقي عربات القطار التي تمثل السياسة والاقتصاد وكافة مناحي الحياة... لقد قال (جوبلز) وزير الدعاية في عصر النازي: ؛؛عندما أسمع كلمة ثقافة أتحسس مسدسي وكان الرجل يقصد خطورة هذا السلاح؛سلاح الوعي ؛فلا وعي للمجتمعات بدون ثقافة ؛ ولا ثقافة بدون تعليم . وإذا فقدت الأمة وعيها فقدت بذلك أهم مقومات التقدم الحضاري ؛ وفي كتابه(سلطة المعرفة) أكد (توفلر) علي دور المعرفة في تحديد موازين القوي. ويشكل قطاع التعليم في مصر واحدا من أهم الركائز في البناء الثقافي والحضاري؛ فالمحور البشري هو الفيصل في نهضة الأمم ؛ وبدون العناصر البشرية المؤهلة لن يكون هناك استثمار أمثل للموارد البشرية المؤهلةولن يكون هناك استثمار أمثل للموارد المادية ؛ ومن ثم يصبح التعليم هو المسئول الأساسي عن هذا التأهيل ؛ ونقصد بالتعليم هنا جميع مراحل التعليم (الأساسي والثانوي والجامعي – العام والخاص ) أي المنظومة التعليمية كاملة ؛ ولا يفوتنا أن الرؤية النقدية الواعية تتطلب منا أن نكون علي قدر كبير من الشجاعة يجعلنا قادرين علي كشف العيوب والتعرف علي الأخطاء بعيدا عن المجاملة أو الخوف ؛وعن التهوين أو التهويل ؛ولا ننسي أن يكون النهج الديمقراطي هو الأسلوب الأمثل للوصول إلي رأي ما أو تقرير حقيقة أو التعامل مع الحالات والأحداث ؛ فالنظر من زاوية واحدة أو التركيز علي رأي واحد أو الاستبداد بوجهة نظر أحادية ؛كل هذه الأشياء تعود بنا إلي الوراء ؛ومن ثم تجيء أهمية عقد المؤتمرات المعنية بتطوير التعليم قبل اتخاذ أية قرارات ؛ فليكن منهجنا إبراز وتشجيع وترسيخ كل ما هو إيجابي ومثمر وتحبيذ التفوق والتميز ؛ولنعمل دائما علي مزج الثقافة بالتعليم والتعليم بالثقافة أي تثقيف التعليم