نشأت بين أقرانها و أخواتها ، كانت قريبة الشبه منهم ولكنها كانت تشعر باختلافها ، كانت معتزة بنفسها جدا و تشعر بثقة لتميزها ، وكانت على يقين أن حياتها ستتغير للافضل عن قريب . تحققت أمنيتها يوم رأته ، شاب في مقتبل العمر ، وسيم جداً ذو وجه مبتسم ، رائحة عطره ملأت المكان ، قرر أن يؤسس بيته و يتزوج . ها هو يدور بعينيه في المكان ، وهي تجلس و الخجل يُغلفها ، تخشى أن يختار واحدة أخرى غيرها ، تشرئب بعنقها ليراها ، يقترب منها ببطء و يطيل النظر إليها ثم يلتف جانباً ، ويهمس لأمه ببعض الكلمات ، ترفع وجهها بخجل و تسرق نظرة خاطفة و تعود مرة أخرى و تطاطئ رأسها ، وهي تتمنى أن تكون هي من وقع عليها الاختيار ، كيف لا وقد وقعت في غرامه من أول لحظة . يبتعد قليلاً و يقف على بُعد خطوات منها ، ثم يبتسم و يشير إليها ، تنتفض فرحاً وتشعر برغبة في الطيران ، يدفع مهرها بلا تردد و يصطحبها معه ، تغمض عينيها و تحلم بحياة وردية في صحبته . ها هي أخيراً في بيته ، و تحققت أحلامها . في البداية كان يتعامل معها برفق وحنان ، وكانت لمساته الرقيقة تجعلها تفيض بعذوبة ، مرت أيام وتغير سريعاً وأصبح يتعامل معها بلامبالاة ، ثم أصبح قاسياً عنيفاً ، كان يلوي عنقها بلا رحمة ، فتنهمر دموعها ، وتبكي و يتحشرج صوتها فلا يهتم ، و يزداد عنفاً ، زادت قسوته و عنفه و معاملته السيئة لها غير عابئ بقلبها . مقتت خنوعها وقررت التوقف عن العطاء ، وعندما جاء اليها فاجأه صمتها ! نظر اليها شزراً و الشرر يتطاير من عينه ، فسرت بجسدها برودة الخوف ، استشاط غضباً وتوعدها ، و ذهب بعيداً ، كان وقع خطواته مرعباً ، ينبئها أن الامور ستزداد سوءاً ، فكرت في التراجع عن قرارها والعودة لسابق عهدها معه ، العطاء دون انتظار مقابل ، ولكن قبل ان تحسم أمرها سمعت خطواته تقترب مرة أخرى . دخل مسرعاً وتقدم نحوها ، ورفع يده وهوى على رأسها بمطرقة ، تألمت جداً و شعرت بدوار أفقدها النطق ، لم يرحمها و ظل يهوي على رأسها بضربات سريعة متلاحقة . لم يترك لها مجالاً للاختيار ، قضى على اخر قطرة حب بداخلها ، لن تتمكن من مواصلة حياتها معه مرة أخرى . وعندما شعر بعجزه أمام عنادها ، خرج وتركها ، سمعته يتحدث تليفونيا ويحكي عنها ، لا لن تنفع وساطة أحد في علاج الشرخ الذي أحدثه بقلبها ، لقد استنفذ فرصته الاخيرة معها . كانت تتقبل اهماله وخشونة تعامله ، ولكنه اهانها و شوهها ! مر الوقت ببطء والسكون يسيطر على المكان ، وفجأة سمعت صوت رجل غريب يدخل معه و يتقدمان نحوها ، أشار له عليها وخرج وتركها والغريب بمفردهما . نظرت للغريب بذهول و سألته " ماذا ستفعل بي ؟" ، أخذ يدندن بأغنية غير مفهومة وهو يدخن سيجارته ، ونظر إليها طويلاً و هو يفكر ، ثم نادى عليه و قال له " للاسف لم تعد صالحة للاستعمال ، لقد قضيت عليها تماماً ، أنت بحاجة لحنفية جديدة ، لن يستغرق تغييرها دقائق ، هل ستترك لي مهمة الاختيار ، أم ستقوم بشراءها أنت ؟ " انتفضت وتمنت أن تصرخ و تقول له : لا ، كفاية ضحية واحدة ، لا تذهب لاخواتي ، اتركهن سعيدات بالمكوث فوق أرفف المحل ، ولا تغتال أحلامهن بقسوتك !