"الداعية" هو الأقوى ..روبى مفاجأة "بدون ذكر أسماء" و"العراف" متميز غلبت أحداث ثورة يناير وما تمر به مصر منذ وقت الثورة على معظم مسلسلات رمضان هذا العام سواء كانت تخدم البناء الدرامى للعمل وفى سياق الأحداث أو كانت مقحمة عليها بالعافية، وقليل منها ماجاء بعيدا عن تلك الأحداث . جاء مسلسل الزوجة الثانية الذى يحمل اسم واحدا من علامات السينما المصرية وأروعها فى صورة مسخ حيث الأداء التمثيلى الضعيف والساذج لأبطال المسلسل الذى يشعرك انه مقدم على مسرح مدرسى ، آيتن عامر لا ترقى أبدا للفنانة سعاد حسنى خاصة فى المشاهد التى تجمعها بزوجة العمدة التى لا ترقى أيضا للفنانة سناء جميل وكذلك أداء عمرو واكد ، وحاول عمرو عبد الجليل أن يبذل جهدا فى تقديم دور العمدة ولكن قدمه بشكل كوميدى مفتعل يتفق مع أدواره السينمائية مؤخرا ولم يبتكر شيئا جديدا ،وكان يجب على المخرج أن يأخذ فى الاعتبار أن المقارنة ستتم حتما وأتعجب أن يحمل المسلسل اسم مخرج كبير مثل خيرى بشارة فالمسلسل فى مجمله ضعيف من جميع النواحى الفنية حتى اللهجة الفلاحى لا يلتزم بها فى كل المشاهد بالإضافة إلى التطويل والتغيير فى الأحداث الذى جاء صادما للمتفرج. أما فرح ليلى فقد أتى أيضا صادما للجمهور الذى كان ينتظر مسلسلا لنجمته المفضلة ليلى علوى من المفترض أن يكون أفضل من ذلك بكثير ولكن ظل وجودها هو السبب الوحيد لمشاهدة المسلسل الذى استعان مخرجه بمجموعة من الوجوه الجديدة ابعد ما يكونوا عن فن التمثيل فهم يتحدثون وكأنهم يسمعون نصا مما يضفى نوعا من الملل والسذاجة على العمل ، ناهيك عن كم الاغانى المقحمة التى تفصل المتفرج عن أحداث المسلسل تماما وليس لها اى ثقل فى البناء الدرامى وجاءت لتطويل الحلقات ليس إلا وكذلك دور ادهم الذى قام به السورى فراس سعيد جاء أداؤه نمطيا بوجه غير معبر باى شكل من الأشكال. ورغم بطء الأحداث وهذا التطويل الممل التى كان يمكن اختصارها فى عدد حلقات اقل من ذلك بكثير إلا ان المسلسل لم ينتهى فى ثلاثين حلقة ولم يمتد إلى واحد وثلاثين حلقة فحسب بل فاجأنا المخرج فى نهايته أن له جزء ثانى فى رمضان المقبل بدون اى داعى. ويأتى مسلسل الداعية على قمة الدراما الرمضانية هذا العام ويكشف المسلسل الوجه الزائف لمن يسمون أنفسهم بدعاة الإسلام وهم لا يملكون من الإسلام سوى المظهر وهم فى الحقيقة يتاجرون بالدين لتحقيق مصالحهم الخاصة وجسد ذلك تماما الشيخ حسن وأدى دوره احمد فهمى الذى يتحدث مع الناس بوجه آخر مخالف لقناعاته الشخصية فقط لتسيير أموره وتحقيق طموحاته حتى إن كان ذلك عن طريق تشويه سيرة غيره ، أما هانى سلامة فقد أبدع فى تقديم دور الداعية يوسف الذى تحول من التشدد فى الحلقات الأولى إلى الوسطية وصحيح الدين وتقديم الشكل الايجابي للداعية فى النصف الثانى من المسلسل بعد أن تسلل الحب إلى قلبه وتعلق بجارته عازفة الكمان الثورية ، والتى أدت دورها الفنانة بسمة وجاء أداؤها مفتعلا بعض الشئ فى معظم المشاهد حتى مشاهد الحب كان أدائها غير مقنعا بالمرة ، وكان يوسف يتابعها من شباك حجرته وأضفت قصة الحب تلك على المسلسل شيئا من الرومانسية المفتقدة فى ظل الجو المشحون بالعنف الذى ملأ مصر خلال حكم الإخوان وبعد إسقاطهم. وفى رأيى أن الداعية هو المسلسل الأقوى فى دراما هذا العام. وخاصة نهايته التى أعطانا فيها مخرجه محمد العدل نهايتين مختلفتين وترك لنا الاختيار الذى يدعونا إلى التفكير ورسم مستقبل مصر ما بين التخلف وسيطرة الجماعات الإسلامية والعنف والجهل وبين الدولة القوية المدنية التى يحكمها القانون. بدون ذكر أسماء مسلسل متميز كعادة أعمال مؤلفه وحيد حامد الذى طالما قدم تاريخ الجماعات الإسلامية وكشف زيفهم فى كتاباته ، وتسرد أحداث المسلسل فترة الثمانينات والتسعينيات وسرد واقعها بدقة وحبكة درامية عالية ، وهو مسلسل متكامل فنيا من حيث الأداء التمثيلى والتصوير والديكور والملابس حتى تتر المسلسل ، وجاءت الفنانة روبى مفاجأة المسلسل وأدت دور مبسوطة بشكل جيد جدا يبرز موهبتها الحقيقية بعيدا عن الإثارة حتى لا يكاد المتفرج أن يتعرف عليها خاصة فى الحلقات الأولى وهى تؤدى دور فتاة الشارع واستطاعت أن تلبس الشخصية وتملكها تماما . وكذلك باقى أبطال المسلسل فيأتى دور احمد الفيشاوى كبداية فنية حقيقية له. مسلسل العراف للزعيم عادل أمام الذى أكد انه مازال الزعيم بأدائه المتميز فجاء المسلسل بمكانة متفردة بين سباق المسلسلات . وقد تعرض المسلسل إلى السياسة فى بعض المشاهد بداية من مظاهرات ما قبل ثورة 25 يناير وحتى أحداث جمعة الغضب وفتح السجون واوضح المسلسل انها فتحت على يد الجماعات الإسلامية. وأدى عادل إمام دور النصاب الخير الذى يجعل المشاهد يتعاطف معه خاصة فى علاقته بأبنائه الخمسة الذى أصر أن يبحث عنهم فى محافظات مصر المختلفة مع اختلاف أسماؤهم وأهوائهم التى عبرت عن أطياف الشعب المصرى فمنهم المنتمى إلى التيار اليسارى ومنهم المنتمى للتيار الاسلامى والشاب الذى يلعب بالبيضة والحجر والابن الذى يعمل بالشرطة والابنة التى تعبر عن عامة الشعب المصرى وكأنه يقول أن جميع أطياف الشعب هم إخوة ويجب أن يتعايشوا فى سلام وان اختلفوا فى الآراء وان يتوحدوا كمصريين ، ويحاكى المسلسل الواقع المصرى بعد ثورة يناير وان النصاب الذى خرج من السجن ترشح للرئاسة وظل يجارى كافة التيارات بالشعارات والوعود الزائفة لجمع الأصوات حتى انه لا يتوانى عن بيع مصر نفسها لتحقيق أطماعه ، ويبارى الزعيم فى الأداء الفنان حسين فهمى لواء الشرطة الذى رفض الخروج من عمله إلا بعد أن يقبض على النصاب ويسلمه للعدالة ، وجاءت المشاهد التى جمعت بينهما ممتعة للمتفرج وقد ذكرونى فى أدائهم بفيلم اللعب مع الكبار .