قررت ليلي الرحيل .. فكرت في الابتعاد عن الزحمة والمشاكل التي تحيط بها .. كي تختلي بنفسها وتفكر فيما مر عليها في الشهور المنقضية . فكرت كثيرا أي الأماكن ستذهب .. وبعد تفكير مطول قررت الذهب لخيم في الصحراء .. هي بمفردها فقط .. مكان نائي .. وحيدة خلال رحلتها . جهزت حقيبتها .. وضعت طعامها وما ستحتاج إليه .. ولم تنسي غطاء كي يفقدها البرد متعت سكون الليل . ركبت سيارتها وانطلقت .. توغلت للعمق .. توغلت إلي أن شعرت بالوحدة .. ولم تعد عينها تلمح طيف عمران في الأفق . أطفئت هاتفها الخلوي .. أمله في العزلة ليس أكثر .. والاسترخاء قليلا .. أنهكها ضجيج الحياة .. وقطارها السريع الذي كلما حاولت اللاحق به وقبلما تصل له يبتعد . لم تتجاوز الثلاثين إلا أنها تشعر بالشيخوخة .. تشعر بأنها هرمت قبل أوانها .. حياتها فارغة خالية من الحيوية . شعرت براحة لم يستمتع بها من فترة .. فأسدل النوم ستائره عليها .. منذ فترة لم يأتها النوم بهذه السرعة .. فاستمرار لا تنام بسهولة حتى ولو كانت متعبة .. كانت متعبة فغفوت . استيقظت علي صوت ضجيج ومعدات وشحنات .. الشمس مازالت تذيح ستائرها .. لم تظهر في الأفق بعد . لبست حذاءها ونزلت من السيارة .. لتجد العمال في كل مكان .. ومعدات بترول تحملها الشحنات . فجأة : مهندسة ليلي .. لم أنتي هنا باكر .. مهندس عمران حضر منذ قليل .. وهو من سيتولى الإشراف علي الموقع . صاح العامل بصوت عالي : مهندس عمران مهندسة ليلي هنا . التفت لتجد عمران قادم نحوها : مرحبا ليلي .. لم يخبرني أحد بأنك ستتولى معي الموقع . لم تتفوه بكلمة تنظر إليه مشتتاه فقال عمران : ليلي ما بك .. أنتي بخير . نعم .. الحمد الله .. أ،ا في إجازة لم أتي للعمل . حسنا لكن لم أنتي هنا إذا ً ؟! . صمتت قليلا ً ثم قالت : فكرت ارتاح من ضجيج الحياة .. لكنه لم يتركني .. أتي ورائي .. يرفض تركي أتمتع بجمال السكون ولو لساعات قليلة .. تسمح لي سأنصرف . ركبت سيارتها وقبلما تنطلق زفير حولها .. وأخذت زفير بطئ ثم قالت : منذ ساعة كنت مكان صامت .. صحراء لا صوت سوي أنفاس الريح ليتك ظللت علي حالك .. وظللت علي حالي .. سلام .