تشهد الجزائر العاصمة نشاطا ملحوظا عشية الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الأربعاء والخميس المقبليين للجزائر. المباني في الطرقات الرئيسية تزينت باللون الأبيض، فيما انتشر رجال الأمن بكثافة في الشوارع الرئيسية وعلى مفارق الطرق. التحضيرات على قدم وساق في العاصمة الجزائرية لاستقبال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي يقوم بأول زيارة رسمية له لهذا البلد الأربعاء والخميس المقبلين. عمال البناء منهمكون ليلا ونهارا في إعادة ترميم المباني والشوارع التي سيعبرها موكب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ونظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ، كشارع ديدوش مراد الرئيسي ونهج زيغوت يوسف المؤدي إلى مبنى البرلمان. المباني استعادت حلتها البيضاء بعد عملية الدهان، في حين قامت مصالح ولاية الجزائر بنزع الصحون اللاقطة والمكيفات المزروعة عشوائيا على جدرانها. عملية ترميم مماثلة شهدتها أيضا ساحة "موريس أودان" التي تقع بين "نفق الجامعة" وشارع محمد الخامس بقلب العاصمة حيث سيقوم فرانسوا هولاند بتدشين نصب تذكاري تكريما لأودان، الذي كان مدرسا للرياضيات في جامعة الجزائر والذي توفي تحت التعذيب في 1957 بسبب نضاله من أجل استقلال الجزائر. "أبواب نادي الصنوبر ستبقى دائما مغلقة أمامنا" وأثارت هذه الأشغال استغراب حفيظ صلاح الدين، وهو شاب جزائري عاطل عن العمل طرد من السويد بعد أن عاش فيها 10 سنوات. يقول صلاح الدين لفرانس 24 إنه لم يعتاد على رؤية مثل هذه الحركة وهذا النشاط من قبل مصالح ولاية الجزائر. " وما أتمناه هو أن يزور فرانسوا هولاند الجزائر كل يوم ويتجول في جميع أحياء العاصمة، لعل الحكومة ستقوم بترميمها وبعث الحياة فيها من جديد ". ويضيف صلاح الدين، 39 سنة، أن زيارة هولاند للجزائر لن تغير أي شيء في حياته. "العاصميون" –سكان العاصمة - لا يهتمون بهذه الزيارة. النظام الجزائري جعلهم يفكرون في "بطونهم" قبل أن يفكروا في السياسة والعلاقات الدولية". "طبعا سنرى هولاند وبوتفليقة جنبا إلى جنب على التلفزيون الوطني وسيقولون لنا أن كل شيء سيتحسن ابتداء من الآن، لكن نحن الجزائريون ندرك أن لا شيء سيتغير. فأبواب نادي الصنوبر – حي راق يسكنه كبار رجال الدولة والأغنياء- ستبقى دائمة مغلقة أمامنا و"المافيا" ستواصل بسط سيطرتها على ثروات البلاد. أما الشهداء، فحزني عليهم كبير لأنهم لو عرفوا أن الجزائر ستكون على ما هي عليه اليوم، لكانوا رفضوا التضحية من أجل استقلالها". "الشعب الجزائري طوى صفحة الاستعمار لكن لم يمزقها كليا" من جهته، يرى مولود شكاوي، وهو مدير لوكالة سياحية ، أن زيارة هولاند بإمكانها أن تعيد الدفء للعلاقات الجزائرية- الفرنسية بعد الجمود المقلق الذي عرفته في عهد نيكولا ساركوزي حسب تعبيره. وبين جعة وأخرى، يقول مولود شكاوي إن فرنسا هي التي بحاجة اليوم للجزائر وليس العكس." الاقتصاد الفرنسي يعاني من أزمة والجزائر تملك مليارات الدولارات، فمن الواضح أن هولاند جاء إلى الجزائر لبناء شراكة اقتصادية قوية وطويلة الأمد والاستفادة من الأموال الكبيرة التي تتمتع بها البلاد ". وانتقد شكاوي سلوك رجال الأعمال الفرنسيين الذين يطلبون حسب رأيه الكثير من الجزائر ولا يريدون في المقابل تقديم شيء. " عليهم أن يعلموا أن الجزائر لن تنتظرهم إذا تأخروا وأن شركات أخرى ورجال أعمال آخرين سيأخذون مكانهم. وهذا ما بدأ يحدث أصلا". وأضاف الشعب الجزائري طوى صفحة الاستعمار لكنه لم يمزقها كليا وأن الجزائر لا تنتظر من فرنسا هدايا أو تسهيلات، بل أن تعاملها كشريك اقتصادي وسياسي متساو. "أين المليارات وأين جزائر العز والكرامة؟" في الجزائر، المسافة بين الاستثمار والاستعمار قصيرة جدا. هذا ما يعتقده الكاتب حميد غرين الذي يعول كثيرا على زيارة فرانسوا هولاند الأولى خاصة في المجال السياسي. " أنتظر من الرئيس الفرنسي الجديد أن يعترف بجميع جرائم الاستعمار، وليس ببعضها فقط. لا أدري لماذا فرنسا، التي اعترفت بمسؤوليتها في النظام العبودي الذي راح ضحيته عشرات الآلاف من السود، ترفض الاعتراف بجرائم الاستعمار"، مضيفا أن الدولة الجزائرية تنتظر أيضا من باريس أن تغير موقفها من مشكلة الصحراء الغربية أو على الأقل أن تكتفي بالحياد. أما بالنسبة لسفيان، وهو طالب جامعي يعمل حارسا في مرآب للسيارات "ينبغي الكف عن الكلام الفارغ والانتقال من الأقوال إلى الأفعال". وعوض الحديث عن فرانسوا هولاند، تساءل سفيان متى يزور عبد العزيز بوتفليقة رسميا الجزائر ويخرج من قصره في المرادية لكي يطلع على مشاكل شعبه المتراكمة؟. ويقول سفيان:" لا يعقل أن ينتظر الجزائريون التغيير من هولاند في حين رئيسهم غائب تماما ولا يستطيع أن يخطو عشرة أمتار بمفرده. العالم يتقدم والجزائر تتراجع. بعض المغتربين يريدون مساعدة بلادهم لكنهم عندما يعودون إلى الجزائر، لا تقدم الحكومة لهم أية مساعدة. أنظروا الدولة لم تستطع حتى إيواء المتضررين من زلزال بومرداس عام 2003 في شقق عادية. فأين المليارات إذن وأين جزائر العز والكرامة التي وعدنا بها رئيسنا الحبيب"؟ المصدر: فرانس 24.