(الأعْمالُ صَوَرٌ قائِمةٌ، وأرواحهُا وجود سِرِّ الإخلاص فيها) الأعمال هنا: عبارة عن الحركة الجسمانية أو القلبية، والصور: جمع صورة، وهو ما يتشخص في الذهن من الكيفيات. والروح: السر المودع في الحيوانات، وهو هنا عبارة عما يقع به الكمال المعتبر في الأعمال. والإخلاص: إفراد القلب لعبادة الرب، وسره لبه، وهو الصدق المعبر عنه بالتبرى من الحول والقوة، إذ الإخلاص نفي الرياء والشرك الخفي، وسره: نفي العجب وملاحظة النفس، والرياء قادح في صحة العمل، والعجب قادح في كماله فقط. الأعمال كلها أشباح وأجساد، وأرواحها وجود الإخلاص فيها، فكما لا قيام للأشباح إلا بالأرواح وإلا كانت ميتة ساقطة، كذلك لا قيام للأعمال البدنية والقلبية إلا بوجود الإخلاص فيها، وإلا كانت صور قائمة وأشباحاً خاوية لا عبرة بها، قال تعالى: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء". والإخلاص على ثلاث درجات: درجة العوام، والخواص، وخواص الخواص. فإخلاص العوام: هو إخراج الخلق من معاملة الحق مع طلب الحظوظ الدنيوية والأخروية كحفظ البدن والمال وسعة الرزق والقصور والحور، وإخلاص الخواص: طلب الحظوظ الأخروية دون الدنيوية، وإخلاص خواص الخواص إخراج الحظوظ بالكلية. فعبادتهم تحقيق العبودية، والقيام بوظائف الربوبية، أو محبة وشوقاً إلي رؤيته.