لم يعد يمر يوماً الا ونقرأ فى عناوين الصحف أخبار صادمة عن جرائم بشعة يرتكبها بعض الافراد فى المجتمع ,جرائم لم نكن نتخيل ان نسمع عنها او حتى نفكر فيها, فالازواج يقتلون زوجاتهن والعكس والاباء تقتل ابنائها والعكس وحالات اغتصاب وتعذيب يتعرض لها النساء والاطفال وجرائم قتل تتم على يد اطفال لم يبلغوا الحلم بعد كل هذه الجرائم تعكس حالة التفسخ الاجتماعى التى نمر بها والتى تسببت فى أحداث خلخلة فى بنية المجتمع وتفكيك فى نسيج الاسرة الواحدة والذى كان من نتائجه انزواء لثقافة التسامح ، وتغييب لروح الحوار، حتى أصبح استخدام العنف الاجتماعي هو السبيل لحل الخلافات. لقد اصبح العنف المجتمعى ظاهرة مقلقة تهدد تركيبة الامن الاجتماعى فى المجتمع بعد انتشار الجريمة داخل الاسرة الواحده على نطاق واسع مما يجعلنا نبحث عن اسباب تفاقم تلك الظاهرة حتى نضع حلولا مناسبة للقضاء عليها. وبوجه عام هناك عدة اسباب لانتشار العنف وتفاقمه فى المجتمع منها :- تعرض الفرد فى صغره داخل الاسرة للعنف الاسرى والذى يكون على هيئة ضرب مؤلم او تحقير وتوبيخ او تعذيب او تكليفه بما لايستطيع تحقيقه او مشاهدته للعنف الذى يحدث بين افراد الاسرة سواء كان بين الام والاب او بين احدهما وبين احد الابناء او مع الجيران والمعارف فيلجا هو الاخر الى استخدام العنف لانه هو الوسيلة الوحيدة التى يعلمها لمواجهة مشاكله. الانفتاح التكنولوجي الهائل الذي حدث في فترة زمنية قصيرة والذى جعل دور الأهل في التربية دوراً ثانوياً، فانتشار أساليب التكنولوجيا والاتصال الحديثة، وفقدان الخصوصيات لكل أسرة مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، أدى ذلك إلى عدم استشعار الأبناء بأهمية الأهل، والنظر لهم نظرة دونية، وأنهم مجرد مصدر للتعايش المادي، وبالتالي فإنه تقع على الأهل مهمة مراقبة الأبناء ومتابعتهم قدر الإمكان وتوجيههم التوجيه الصحيح في استخدام هذه الوسائل عبر وسائل وطرق التربية الحديثة. غياب دور التربية الحقيقية في المدارس، فالمدرسة هي البيئة التي ينشأ فيها الطفل ويكتسب منها كل مهاراته وخبراته ومع غياب دور المعلم وتقييد حرياته، وعدم إنصافه أحيانا ، ادى ذلك إلى تخلي عدد كبير من المعلمين عن دورهم في تربية الأبناء والحرص على تنشأتهم النشأة الصحيحة إما خوفاً من العواقب والمسائلات، وإما إلى شعورهم بالانتكاس بسبب عدم تقدير جهودهم في المجتمع مما أدى إلى تنامي ظاهرة الجشع والسعي وراء المصالح المادية، وتربية الأبناء على هذه القيم الجديدة بالتبعية، فيجب على الدولة تمكين المعلم وإعطاءه الحرية اللازمة والوقت الكافي في نشر القيم الصحيحة بين أبناءه الطلاب كما يجب إنصافه بكافة الطرق الممكنة، وإيجاد آليات الرقابة على عمله. الشعور لدى البعض بالنقص لعدم حصولهم على الرعايه والاهتمام من الاسرة او فى المدرسة او مقارنته بغيره فيتولد بداخلهم شعور بالحقد على مجتمعاتهم فيزداد الانحراف والعصيان والرغبه فى الانتقام. اعتياد الافراد على مشاهدة مشاهد العنف والدماء من خلال وسائل الاعلام المرئية والافلام والمسلسلات التى تساعد على نشر ثقافة العنف بين الناس وتعظم ابطال تلك المشاهد مما يؤدى الى ترسيخ مفهوم البطولة بشكل مرتبط بالبلطجة والضرب والعنف والقتل. انتشار الفقر والبطالة وتدنى الوضع الاقتصادى للاسرة مع ازدياد عدد افرادها يؤدى الى تفشى العنف سواء كان عنف لفظى او جسدى كوسيلة لحل المشاكل.. ادمان الكحول والمخدرات التى تجعل من الشخص السوى مجرد مسخ لايتحكم فى ردود افعاله وتجعله اكثر عرضة لممارسة السلوكيات العنيفة.. غياب القوانين الرادعة لمن يرتكب المخالفات والعنف بحق المجتمع، و التساهل مع أرباب الجرائم والسوابق فالتهاون في تطبيق العقوبات وتمطيط المحاكمات، ووجود الكثير من المنافذ القانونية كل ذلك أدى إلى تفاقم ظاهرة العنف المجتمعي. وللعنف اضرار جسيمة على الافراد والمجتمعات فهى تتسبب فى نقص ادراك قيمة الذات ومشاكل عقلية ونفسية والام واضرار جسدية ككسور العظام، والحروق، والكدمات، والقطوع، والتي تستمرّ آلامها لسنوات بعد التعرُّض للإيذاء كما يساهم العنف على التمييز بين الأدوار وانعدام المساواة بين الجنسين؛ مما يسبب إعاقة في عملية التقدم الاجتماعي وازدياد الصراعات والحروب والثأر. وللحد من العنف يجب اتخاذ التدابير اللازمة والوسائل الفعّالة للحدّ منها ومن هذه الوسائل : نشر الوعي في المجتمع وتثقيفه بمعلومات صحيحة حول مدى انتشار العنف، وأسبابه، وكيفيّة التعامل معه، ومقدار تأثيره على المجتمع، وإرشاد الأفراد لكيفيّة التحكُّم بالانفعالات، وتجنُّب ممارسة تصرُّفات تتّسم بالعنف. الابتعاد عن التهميش والاهتمام بالمهمشين واشراكهم وادماجهم في المجتمع من خلال تعاون مؤسسات المجتمع المدني والحكومية وتطبيق القانون بعدالة على الجميع دون استثناء . التاكيد على الثوابت والقيم الدينية والوطنية والتعايش السلمي وقبول الآخر وترسيخ قيم التسامح وزيادة النشاطات اللامنهجية في المدارس لإشغال الطلبة بما هو مفيد والابتعاد عن كل ما هو ضار وتوفير اماكن رياضية وثقافية وترفيهية في كل المناطق تكون على مستوى عال من الحداثة والنظافة والرقي تسمح للجميع الاستفادة من المرافق الموجودة دون اية تكاليف مالية . دمج الحقوق الإنسانيّة، والحماية من أنواع العنف، وحُرمة الجسد ضمن المناهج المدرسية بهدف ترسيخ هذه المفاهيم في الأذهان. دراسة حالات العنف دراسة دقيقة ومعرفة الجوانب النفسية والإجتماعية والعضوية التي تتطلّب المعالجة. تعلُّم كيفيّة التعامل مع الغضب دون اللجوء إلى العنف عن طريق إثبات أنّه ليس الوسيلة الملائمة لحل الخلافات، والاتّفاق مع الطرف المقابل حول الطريقة المناسبة للتعامل مع المواقف الصعبة. ترسيخ مفهوم الحوار لدى الشباب وإعطاءه الفرصة للتعبير عن ذاته واحتياجاته. توفير فرص عمل وإيجاد مصادر دخل تُمكّن الشباب من بناء الأُسر. تعزيز ثقافة المحبة والتفاهم، والتشجيع على استخدام العقل ومدح الأذكياء, ممّا يساهم في نبذ العُنف والاعتماد على العضلات في حل المشاكل. وعلى وزارة الداخليةكذلك القيام بدورها والضرب بيد من حديد على هؤلاء الخارجين عن سيادة القانون وتغليظ العقوبات كل هذا يجعل الفرد في المجتمع يعرف ما له وما عليه من حقوق وواجبات في ظل الدولة ويكون مشاركاً في تنمية وبناء مجتمعه فالمواطنة الحقة لا تقوم على الشعارات, وإنما على الفكر والتعبير وإطلاق الإبداعات والطاقات. لابد لكابوس العنف المتكرر ان ينجلى ولابد ان يتم الاهتمام بدراسة اسبابه وتطبيق طرق العلاج سريعا حتى نتجنب الاضرار الناتجة عنه ونضمن عدم تكرار مثل تلك الظواهر المجتمعية الشاذة التى تضر بأمن المجتمع .