زادت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على كوكب الأرض في 2018 بنسبة 1.7 في المائة لتبلغ 33.1 مليار طن وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، وذلك نتيجة لزيادة الطلب على موارد الطاقة والظروف المناخية القاسية. وتؤدي الزيادة في تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى تفاقم أزمة المناخ العالمي كما تؤثر بشكل سلبي فيما يتعلق بالمساعي لتحقيق الهدف المنشود بالنسبة لعدد من الدول التي تعمل على الوصول إلى نسبة صفر من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2050. ووفقًا لرودني علام، الحائز على جائزة الطاقة العالمية لعام 2012، وعضو لجنة جائزة الطاقة العالمية، فإن الانتقال إلى مستقبل ذو انبعاثات كربونية منخفضة لن يكون بهذه البساطة، إذ تتطلب هذه العملية نهجًا متكاملًا وتخطيطًا ثابتًا على المدى الطويل. وكان علام قد طرح رؤيته لبلوغ هذا المستقبل في جلسة “الإزالة العميقة للكربون: استراتيجيات جديدة لانبعاثات الكربون الصفرية”، والتي عقدت اليوم، 9 سبتمبر، ضمن فعاليات مؤتمر الطاقة العالمي الرابع والعشرين للطاقة في أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة. ويرى رودني علام أن عملية إزالة الكربون على مستوى العالم من نظام الطاقة العالمي مسألة يمكن أن تتم على المدى الطويل، كما أنها تؤثر على قطاعات الاقتصاد الرئيسية، ومنها قطاعات الطاقة والنقل والصناعة والزراعة وغيرها. وترتبط الموجة الأولى من عملية إزالة الكربون بتطوير تقنيات الطاقة النظيفة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة. ورغم ذلك، فإن النسبة المنخفضة للاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة على مستوى العالم لا تضمن تحقيق الأهداف العالمية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المستقبل القريب. ووفقًا لرودني علام، فإن الموجة الثانية تشمل تطبيقًا واسع النطاق لعمليات توليد الطاقة من الوقود الأحفوري بنسبة تقترب من صفر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مع توفر كبير لمواقع جيولوجية للتخلص من ثاني أكسيد الكربون وأنابيب تجميع ثاني أكسيد الكربون. ويرى علام أنه يمكن إعادة الحياة لمحطات الطاقة التقليدية التي تعمل بالهيدروكربون، وذلك من خلال جعلها صديقة للبيئة. سيكون هذا الأمر ممكنًا بفضل التكنولوجيا التي طورها علام، والتي أطلق عليها اسم “دورة علام”. ويقوم مبدأ تشغيل هذه الدورة على النحو التالي: يتم حرق الغاز الطبيعي في غرفة الاحتراق مع الأكسجين النقي عند ارتفاع الضغط، ثم يمر غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج ضمن حلقة مغلقة عن طريق توربينات خاصة ويعود مرة أخرى إلى العملية. يحتوي النظام على نسبة احتجاز عالية للكربون تصل إلى 100٪ تقريبًا. وتتمثل الميزة الإضافية في انخفاض تكلفة إنتاج الكهرباء، وذلك مقارنة بتكلفة توليد الكهرباء بواسطة توربينات الغاز الحديثة الأخرى التي تبلغ حوالي 6 سنتات لكل كيلو واط/ ساعة. وفي الوقت الحالي، ما تزال هذه التكنولوجيا في مرحلة العرض التوضيحي. ووفقًا لرودني علام، فإن تنفيذها على نطاق واسع لن يحدث قبل عام 2030. هناك طريقة أخرى لإنتاج الطاقة النظيفة من الوقود الأحفوري حيث ترتبط بتقنية إنتاج الهيدروجين من الغاز الطبيعي بنسبة 100٪ من ثاني أكسيد الكربون وبكفاءة حرارية قدرها 90٪. ويمكن استخدام الهيدروجين الذي تم استخلاصه بهذه الطريقة باعتباره بديلًا للغاز الطبيعي المستخدم في تطبيقات التدفئة المنزلية والتجارية والصناعية. ويمكن أن يكون وقودًا بديلًا للغاز الطبيعي ليستخدم في نظام التوربينات الغازية الحالية والجديدة لتوليد الطاقة. أما الاستخدام الرئيسي باعتباره وقود فسيكون لجيل جديد من السيارات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود، ومنها القطارات. كما أفاد رودني علام أيضًا إلى أنه إضافة إلى تطوير التقنيات النظيفة، يجب أن يكون هناك جهد هائل في جميع أنحاء العالم للحد من استهلاك الطاقة وتنفيذ ممارسات مستدامة. يقول علام: “في عملية إزالة الكربون عن نظام الطاقة العالمي، يجب أن تكون التدابير عالمية. ستكون التغييرات الرئيسية في أنماط حياتنا ضرورية لاستبدال مجتمعنا الاستهلاكي الحالي بممارسات أكثر استدامة تشمل عمليات التعبئة الجديدة، وإعادة التدوير، وإضاءة “إل إي دي” الأكثر الكفاءة حول العالم، والمنتجات الأكثر دوامًا، ووسائط النقل الأكثر فعالية والخالية من الانبعاثات، وتقليل حرق الغابات، والأنظمة الزراعية المستدامة. وبالنسبة لهذه الأعمال فمن الضروري أن يكون التنسيق على مستوى دولي، وأن تتم إزالة الحواجز السياسية، واستقطاب الاستثمارات في الطاقة المستدامة. وكان رودني علام قد تحدث في جلسة بعنوان “الإزالة العميقة للكربون: استراتيجيات جديدة لانبعاثات الكربون الصفرية” والتي أقيمت ضمن البرنامج الرسمي لشركة جلوبال إنيرجي أسوسيشين "Global Energy Association" ضمن فعاليات مؤتمر الطاقة العالمي الرابع والعشرين. وبالإضافة إلى العروض التقديمية التي قدمها خبراء جلوبال إنيرجي أسوسيشين "Global Energy Association" ضمن برنامج أعمال المؤتمر، فإن الشركة تعقد حدثًا جانبيًا خاصًا بها بعنوان: “المهمة ممكنة: جائزة الطاقة العالمية كمحرك للطاقة المستدامة للجميع”.