تحولت مبادرة دعم المرأة والمطالبة بمنحها إجازة خاصة أثناء فترة الدورة الشهرية “الطمس” على مواقع التواصل الإجتماعى الى حالة من الجدل المجتمعى خاصة بعد موافقة إحدى الشركات الخاصة فى مصر بتطبيق هذه المبادرة . تباينت ردود الأفعال بين من إستنكرها ويصفها بأنها “قلة أدب” وأنه لايصح التحدث عن تلك الأمور بشكل علنى لانه يتنافى مع مفهوم الحياء والستر الذى من المفترض أن تتحلى به النساء مشيرين الى ان هذا القرار يؤكد أن المرأة”كائن ناقص”لاتستطيع العمل مثل الرجال ويجعلها غير جديرة بالمساواة معه. وآخرون أثنوا على تلك الفكرة واعتبروا ان المبادرة حق من حقوق المرأة ولايقلل منها ولا من قدرتها على العمل مؤكدين أن هذا من صميم متطلبات النساء الجسمانية والنفسية ومراعاة لظروفها الخارجة عن إرادتها والتى خلقها الله سبحانه وتعالى بها حيث إنها تعانى فى تلك الفترة ألاما شديدة تؤثر على حالتها الجسمانية والنفسية والعصبية. ولم تكن مصر هى الأولى التى تفكر فى طرح مثل هذه المبادرة فهناك عدة دول منحت المرأة إجازة فى هذا اليوم وكانت الهند من أولى تلك الدول التى نفذت هذا القانون وذلك قبل 71 عاما من الآن حيث يطبق منذ عام 1947. ثم نفذته دول عدة من بعدها مثل” أندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والفلبين وزامبيا والصين وايطاليا ” الا أنه واجه عاصفة من الانتقادات اعلاميا ومجتمعيا وعلى مواقع التواصل الاجتماعى حينما تم تناوله والمطالبة به فى مصر. والسؤال الذى يطرح نفسه الآن …. هل من الممكن إصدار قانون يمنح المراة إجازة رسمية مدفوعة الاجر أثناء فترة الطمس فى المجتمعات العربية والإسلامية أسوة بما تم فى بعض المجتمعات الغربية؟؟ والحقيقة تؤكد ان المرأة فى المجتمعات العربية تعيش منذ زمن بعيد وسط صراع فكرى مجتمعى متناقض تستخدمها مجتمعاتها فقط لتظهر الجانب الحداثى فيها ولتمحى لقب الرجعية التى ستلاحقها اذا جارت عليها أو سلبت حقوقها. وبالتالى فتلك المجتمعات من فترة لآخرى تنعم على النساء ببعض العطايا أو باقرار بعض الحقوق لها وتتغنى بها أمام العالم لتثبت أنها تنصف المرأة وتحررها من القيود التى تكبلها حتى تسير فى ركاب الدول المتقدمة. وكثيرا من الحقوق التى حصلت عليها المرأة فى أول الامر كان دافعها الأول قضايا جدلية شغلت الرأى العام والحقوقيين الباحثين عن حقوقها وتباينت ردود الافعال حولها فمنهم من إعتبرها مطالب شاذة مرفوضة مجتمعيا ودينيا وانتقدها بشدة والبعض الآخر اشاد بها واعتبرها حقا اصيلا لها اى أنه لم يكن حصول المرأة على أى من الحقوق التى حصلت عليها بالامر الهين فكل حق حصلت عليه المرأة كان نتاج نضال وكفاحا طويلا . ولذلك لم أتعجب من طرح فكرة منح النساء اجازة فى فترة الطمس ولم أتعجب ايضاً من كم الانتقادات اللاذعة التى طالتها من الرجال وبعض النساء وأرى ان ذلك من الطبيعى جدا فهذا مايحدث دائما عند التعرض لأى قضية تخص المرأة لأننا فى مجتمعاتنا الشرقية ننظر للنساء على أنهن كائن من الدرجة الثانية ضعيف لايستطيع القيام بالاعمال التى يقوم بها الرجال ولايستطعن تحمل المسئولية وليس عليهن سوى تربية الاولاد وخدمة الازواج أما الحقوق فيحصلن عليها بالقطارة . وأتوقع بعد إثارة كل هذا الجدل وبعد كل هذه الاعتراضات والانتقادات حتما ستنتصر النساء فى النهاية ويصبح منحهن إجازة الطمس حق من حقوقهن حتى ولو بعد أمد طويل فالمسألة فقط مسألة وقت حتى يتقبل المجتمع الفكرة.