الأغنيات: فيروزيات ذات أمسية تشرينية في العام الماضي، وقبل مغادرتي التلال العمَّانية الجميلة عائدا إلى الربى الكرمية الفلسطينية وجيوس بلدتي الخضراء، حيث الدفء مقارنة ببرد عمَّان وشتائها، كان الوداع مع أمسية شعرية متميزة حلق فيها الشاعر قيس قوقزة في فضاء منتدى البيت الثقافي العربي، بحضور ثلة متميزة ومتذوقة للشعر باحثة عن الدفء في محرابه. عنان محروس الروائية والأديبة الرقيقة والجميلة أدارت الأمسية باقتدار كما عهدتها منذ أول مرة التقيتها فيها، فأحالت الأمسية والحضور والشاعر أيضا إلى قصيدة شعر، فاحترت بين تألقها وبين تألق الشاعر، أيهما أضاف الجمال على الآخر. كانت المرة الأولى التي أحضر فيها للشاعر أمسية، لكني تمتعت جدا بسماع شعره والتحليق في لوحاته المرسومة بالكلمات، وأشهد له أنه شاعر قدير، كما أشهد لعنان بتألقها كما نجمة من نجمات الفضائيات. ولميرنا حتقوة تقدير خاص على تنسيقها الأمسية، فهي سيدة من اختار الجمال في أمسيات المنتدى سواء في مقره الجديد أو السابق أو في بيت الشعر الأردني.. جندي مجهول لا تتكلم تاركة لفرحة الحضور أن ترسم على محياها الهادئ ابتسامة بصمت. وللحضور الجميل تحية، فقد كان أنموذجا بالاستماع بهدوء وتفاعل بالتصفيق بين الفقرات، ولم أرى أي من هواة الثرثرة خلال الفعالية الشعرية، فتمتعت وحلقت وعدت لمنزلي فرحا أعد نفسي للسفر وأنا الذي اعتاد أن يحمل حقيبته الجلدية الصغيرة وعدسته وقلمه على عاتقه الستيني دون كلل أو ملل أو استقرار، متجولا في الوطن الواحد موثقا ذاكرة الزمان والمكان.