(لا يَكُنْ تأخرُ أمَدِ العطاء مع الإلْحاح فى الدعاء مُوجِباً ليأسك، فهوَ ضَمَنَ لك الإجابة فيما يختار لك لا فيما تختار لنفسك، وفى الوقت الذى يُرِيُد لا في الوقت الذي تريد). الإلحاح في الشيء هو تكرره من وجه واحد، والدعاء: طلب مصحوب بأدب في بساط العبودية لجناب الربوبية، والموجب للشيء ما كان أصلاً في وجوده، واليأس قطع المطامع. اعلم أن من أسمائه تعالى القيوم، وهو مبالغة في القيام، فقد قام تعالى بأمر خلقه من عرشه إلى فرشه، وعين لكل مظهر وقتاً محدوداً وأجلاً معلوماً، ولكل واحد شكلاً معلوماً ورزقاً مقسوماً. "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون". فإذا تعلق قلبك بحاجة من حوائج الدنيا والآخرة، فارجع إلى وعد الله ، واقنع بعلم الله، ولا تحرص، ففي الحرص تعب ومذلة. وإن كان ولابد من الدعاء فليكن دعاؤك عبودية لا طلباً للحظ، فإذا تركت الحظوظ صبت عليك الحظوظ، وإن غلب عليك وارد الطلب وطلبت شيئاً ثم تأخر عنك وقت العطاء فيه ، فلا تتهم الله في وعده حيث قال: "ادعوني استجب لكم". ولا تيأس من نواله ورفده، فإن الله قد ضمن لك الإجابة فيما يريد من خير الدنيا وخير الآخرة، وقد يمنعك لطفاًً بك لكون ذلك المطلب لا يليق بك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من داع إلا وهو بين إحدى ثلاث: إما أن تعجل له طلبته، وإما أن يدخر له ثوابها، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها).