«تحرش ومواريث وأحوال مدنية».. «القومي للمرأة»: حل 27 شكوى ببني سويف    انطلاق قافلة دعوية إلي مساجد الشيخ زويد ورفح    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    وزيرة التضامن تترأس اجتماع مجلس أمناء المؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع    أسعار العملات اليوم الجمعة 20-9-2024 في مصر.. إلى أين وصل الدولار؟    تحديث في سعر الذهب اليوم الجمعة 20-9-2024.. عيار 21 يسجل رقما جديدا    أسعار البيض اليوم الجمعة 20-9-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024 بعد الانخفاض الأخير    المشاط تؤكد أهمية تعزيز كفاءة الهيكل المالي العالمي لدفع التمويل من أجل التنمية    رشا عبد العال: حريصون على إزالة المعوقات الضريبية التي تواجه الشركات اليابانية المستثمرة بمصر    مسئول استخبارات أمريكي: إسرائيل تجهز لعملية تفجير البيجر منذ 15 عاما    اليونيسيف: ارتفاع عدد النازحين بغزة ل1.9 مليون شخص    الخارجية الباكستانية: رئيس الوزراء سيشارك في الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة    وثائق: روسيا توقعت هجوم كورسك وتعاني انهيار معنويات قواتها    الحسناء الغامضة.. من هي كريستيانا بارسوني وعلاقتها بانفجار «بيجر» في لبنان؟    مدرب أتالانتا: نادم لعدم تحقيق الفوز على آرسنال في مباراة كنا الأحق بها    مصر تفوز ب 8 ميداليات فى بطولة العالم للمواي تاي بتايلاند    تحرير 595 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 2220 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    تصل ل44.. هل تتكرر الظاهرة المناخية المتسببة في ارتفاع الحرارة خلال الخريف؟    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    القبض على تاجري عملة متهمين بغسل 80 مليون جنيه في الإسكندرية    أول بيان من «الداخلية» بشأن اتهام شيخ صوفي شهير بالتحرش    وزير الإسكان يتابع استعدادات أجهزة مدن السويس وأسيوط وبني سويف الجديدة والشيخ زايد لاستقبال الشتاء    عمرو دياب يتألق في حفل أسطوري أمام الأهرامات.. صور    تامر حسني يشكر أصدقائه على حضور افتتاح مطعمه: «إخواتي وأعز الناس»    «الإفتاء» تحذر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم بالموسيقى: حرام شرعًا    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024 في المنيا    الهيئة العامة للرعاية الصحية: إطلاق ندوات توعوية في 6 محافظات ضمن مبادرة «بداية»    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    محافظ القليوبية يتابع التشغيل التجريبي لمبنى الرعايات الجديد بمستشفى حميات بنها    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    طريقة عمل البرجر فى المنزل بمكونات آمنة    شهداء ومصابون إثر استهداف سيارة بشارع البنات في بيت حانون شمال قطاع غزة    رئيس جامعة القاهرة يشارك في المؤتمر السنوي للرابطة الأوروبية للتعليم الدولي بفرنسا    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    «ناس قليلة الذوق».. حلمي طولان يفتح النار على مجلس الإسماعيلي    دعاء يوم الجمعة للرزق وتيسير الأمور.. اغتنم ساعة الاستجابة    جرس الحصة ضرب.. استعدادات أمنية لتأمين المدارس    «الخارجية الروسية»: الغرب تحول بشكل علني لدعم هجمات كييف ضد المدنيين    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    انقطاع مياه الشرب 5 ساعات عن منشية ناصر و10 مناطق بالقاهرة    تحذير جديد من انتشار جدري القرود في إفريقيا.. خارج نطاق السيطرة    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: ارتفاع الأسعار ونداء عاجل للحكومة.. تصريحات الفيشاوي ونهاية تخفيف الأحمال    الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعًا وخيانة للأمانة (فيديو)    مصرع شقيقين تحت عجلات قطار في المنيا بسبب عبور خاطئ للمزلقان    رابطة الأندية تكشف سبب تأخر تسلم درع الدوري ل الأهلي    دينا: ابني فخور بنجاحي كراقصة    الطريقة العلاوية الشاذلية تحتفل بالمولد النبوي الشريف في شمال سيناء.. فيديو    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    لبنان: وصول رسائل مشبوهة مجهولة المصدر إلى عدد كبير من المواطنين    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    تعرف على قرعة سيدات اليد فى بطولة أفريقيا    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبارك بين فاروق وعجلة التاريخ المرتدة

دأبت الثقافة المصرية الضاربة بجزورها فى تاريخنا أن نؤله حكامنا وان تواضعنا فنجعل منهم انصاف الهة ثم نعاود لنلوم الحكام ونتناسى انهم هم صناعة المحكومين أنفسهم
نحن الشعب الوحيد من بين شعوب العالم الذى يكتب القصائد ويدشن الأناشيد بغية استرضاء كل حاكم يحكمه فنجدنا نغنى لعبيدنا الذين حكمونا كالمماليك ونطبل للمحتل فى الدولة العثمانية ونشرب نخب الصداقة مع المصر الملكى وقبل نهاية كل حاكم ننتفض ونثور وتوجعنا كراماتنا لنكون مثار اندهاش العالم وكأن استعراض الحضارة المصرية واللحمة الوطنية والقوة الشعبية هى المقصد والمبتغى والمرام فحسب
لم نجد شعبا يسطر الأغانى الوطنية تهلل للحاكم حين توليه وتهجوه عند تنحيته كما نحن .. فلم نجد الأمريكان يتغنون بجورج واشنطن أو لنكولن أوحتى أوباما ذاته ولم نجد فرنسا قد أعدت أغانى وطنية فى ديجول بينما نحن فقد غنت أم كلثوم للملك فاروق سنة 1937 من كلمات رامى وألحان السنباطى قصيدة‎ - اجمعى يامصر أزهار الأمانى - وكذا قد غنت - أشرقت شمس التهانى - بمناسبة عيد ميلاده سنة1938 وكذا - لاح نور الفجر - بمناسبة عيد ميلاد جلوسه على العرش سنة1941 وكأن الملكية هى مظهر لعزة مصر كما وفاروق هو حامى البلاد والعباد .. ثم ثار الشعب عليه ليصير مثار اهتمام العالم واحترامه فتأتى الثورة لتنشد فى رجالها -منصورة ياثورة أحرار - ثم يأتى ناصر لينسى الشعب رجال الثورة الا ناصر فيرفعه المصريين لمرتبة نصف الاه كعقيدة موروثة ومؤصلة لديه منذ الفراعنة فرأينا كوكب الشرق ذاتها تقول فيه- ياجمال يامثال الوطنية- ويغنى حليم فيه - ناصر ياحريّة - رغم كل المعتقلات فى عهده ..وكذا - ياجمال ياحبيب الملايين- وعبد الوهاب فيه -ناصر ياحرية- ليبكى الشعب وبحرقة ناصر عند وفاته وكأنه نصف الاه ليعاود طريقه المعهود مع السادات فى -عاش اللى قال للرجال عدوا القنال - ولم يتذكر الشعب من عبروا القناة بالفعل وتذكر فقط من أمرهم بذلك ليختصر جسارة شعب وعظمته وقوته فى شخص واحد وهو الزعيم والبطل الأسمر ابن المنوفية ليثور عليه البعض فيقتلوه ليأتى مبارك ويغنى له الشعب –اخترناه- ليكذب على نفسه مرة أخرى وهو يعلم انه لم يختار شىء فى سنة متبعة ومتواترة من لدن وفاته (ص) اذ صار اختيار السقيفة هو اختيار المسلمين كافة ثم تأتى البيعة جبرا دونما معارض لها والا عُد المعارض مجرما خارجا عن الطاعة والاجماع الشعبى فيغنى الشعب للضربة الجوية التى أتت منفردة لمصر بنصر أكتوبر لتطمس تاريخ رجال وبواسل كالجمسى والشاذلى ليحل محله صاحب الضربة الجوية وتحل الصورة محل الصورة فى تزوير متعمد للتاريخ وقد اغتلنا حق أولادنا وأطفالنا فى معرفة تاريخ وطنهم الحقيقى وغير الزائف .. .. ويتحمل الشعب مالا يتحمله بشر ويصبر ماشاء الرب له حتى اذا انتفض لم يتحمل مبارك انتفاضته ولو لساعات معدودة وتبخّرت أغنية- اخترناه - مع الريح وتغيرت مناهج أطفالنا الدراسية لتذيل صورة مبارك بشباب يناير ومشروع مكتبة الأسرة بقصائد هشام الجخ وتمذّقت كل اللافتات الحاملة صورته واسمه بل ومحى الشعب أحرف اسمه كلّها من تاريخه وكأن التصفّيق له بالأمس مضروب هو اليوم بنعال الشعب لامحالة وقد أيقن الشعب اليوم انه بشرا يقبل المرض والوفاة كغيره وقد كان أمس قول مثل هذا تُعقد له المحاكمات وتفتح له السجون .. ولم ننسى انها طبيعة شعب وثقافته وكذا فنه وفنانيه الذين يغيرون من جلودهم كالحرباء حسب دواعى الوقت ومتطلبات الساعة فقد حاول البعض استغلال شعبية أغنية - ياجمال ياحبيب الملايين ياجمال - لتطرّذ ثانية لأجل ابن الرئيس المخلوع بغية تسويقه شعبيا لخلافة والده ليصنعوا من الحاكم الاها ومن المحكومين عُبّادا ونُسّاكا طائعين بالحد الذى رأيت احدهم يبكى بحرارة شديدة عند سماعه لهذا اللحن بالدرجة التى لم يبكى بها أمه وذويه ..
اننا شعب ياسادة غير منضبط عاطفيا فان أحب سلّم للأخر بالكليّة وان كره أتى على رقبته بالكليّة كذلك .. وهذا الأمر من شأنه اخافة متخذ القرار من مردود فعل الشعب ذاته فاما أن يكون متواضعا بالكلية وهو رمز للدولة وكيانها فيطمع فيه مرضى النفوس من أهل الوطن أوالأعداء واما ان يكون جبّارا فيحافظ على الوطن وسيادته ويكفل له أمنه بينما الحريّات فيغتال ويقتح ابواب المعتقلات وهذين الفرضين لاثالث لهما مادام حال تعاملنا مع الدولة وحاكمنا بالطريقة التى توارثناها حتى الأن
ننظر للماضى دائما بازدراء وقد كنا المصفقين له من قبل وكذا نصفق للحاضر ونحن ثائرين عليه مستقبلا لامحالة .. انه انفلات عاطفى يحتاج لدراسات ومعالجات نفسية بالضرورة ..
ان من يخلق دكتاتورية الحاكم هو الشعب نفسه وليس الحاكم .. ولم تكن هذه الحقيقة غائبة عن التراث الشعبى المصرى فقد قال الأثر الشعبى (قالوا يافرعون من فرعنك قال لم أجد احدا يلمنى ) ومعنى هذا ان الشعب يعلم جيدا أدواته ونتيجة أفعاله وممارساته ولكنه استمرأ الأسلوب الانقيادى للسلطة الأبوية بدءا من رب الاسرة وحتى الحاكم ذاته .. ويثور لينقاد من جديد ليثور أخرى ليستسلم ثانية ليثور ثالثة ليستسلم رابعة وخامسة وسادسة .. وكأن الثورات كتبت علينا الى مالا نهاية
ان الشعوب ياسادة لاتعرف الثورات فى تاريخها الا بمرور دهور بين كل ثورة وتاليتها بينما لدينا فثورة لكل ثلاثة عقود فقط ..ومهما اختلفنا فى توصيفها هل هى ثورة ام انقلاب ..أم انتفاضة شعب... المهم أن الحاكم لايترك مقعده الا بقتل أحد أفراد الشعب له او خيانة احد رفاق الدرب أو الازاحة الشعبية له لكن أن يترك موضعه من نفسه فلا وألف لا .. فلقد استمرأت ثقافة الحكم ذلك واستمرأت ثقافة المحكومون ذلك كذلك
تخيّل معى قارئى العزيز لو كنا كفرنسا من بعد ثورتها وديجول أو روسيا من بعد الثورة البلشقية بل والعديد من دول العالم التى وضعت لنفسها اطارا جديدا ودستورا جديدا ينهى أليات الدكتاتورية ويُكرس من سلطات الشعب ومراقبته لأجهزة حكمه وتفعيل دور المؤسسات الشرعية وعدم مد مدة الحكم الا لمدة واحدة اواثنتين كما ونزيد فى عدد الدوائر الانتخابية بمالايكون معه نائب لكل ماءة ألف بل نائب لكل عشرين ألف مواطن وهنا سيشارك الشعب بالفعل فى السلطة والتشريع والمراقبة .. ويعقد الشعب عقدا اجتماعيا من جديد لتكون أخر الثورات ومن ثم لو كانت ثورة 1952 هى اخر الثورات المصرية وكانت الثورة على الملكية هى بداية عصر مصر الحديث لركبنا قطار التقدم منذ اكثر من خمسة عقود وكنا اليوم كما غيرنا فى دنيا التقدم والترف ولكننا خلعنا الملك لنأتى بملوك من جديد لتعود الثورة لتزبح الثوّار ليسجن نجيب ليأتى ناصر ليثور عليه رفاقه صامتين ويهلل الشعب لخلفه من بعد نحيبه لوفاته فيصفق للسادات حربا وسلاما ليُخوّنه البعض من بعد مقتله ويصفق لقاتليه فيما بعد كأنهم الفاتحين ليأتى مبارك فى خلسة من ليل بعد خمسين عاما من خلع ثورة يوليو لفاروق ليتغنى الشعب باسمه يشاركه سعادته ويواسيه أحزانه ويبكيه ان أضير ويهتف باسمه ويدشن اللافتات على كل شبر من أرض الوطن .. ويثور الشعب من جديد ليضعه تحت اقدامه ويمزق لافتاته وصوره ويمحوه من التاريخ بالكلية ومن خيالات الأطفال ان قدر .. انه مبارك بعد خمسين عاما من خلع ثورة يوليو لفاروق وكلاهما يمثلان أسوء من حكموا مصر عبر تاريخها المعاصر .. ومن ثم يكون مبارك فى منطقة وسطى بين فاروق وعجلة التاريخ المرتدة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.