في روايتها ( غادة ) تسلط الكاتبة إيمان الدواخلي الضوء علي قضية معقدة و شائكة و هي قضية الاستغلال الجنسي للأطفال و مدي تأثيره علي حياة الضحية و مستقبلها. تدور أحداث الرواية حول فتاة قام أخوها باغتصابها و هي طفلة ثم وقف حائلا بينها و بين زميلها في الجامعة الذي أحبته و أرادت الارتباط به ، لكن أخوها رفض دون سبب مقنع و لا حجة منطقية و تتوالي الأحداث و تتصرف بطلة القصة بسيكولوجية الإنسان المقهور الذي يريد الانتقام من قسوة المجتمع و ظلمه في هيئة ذاته ، فالبطلة أقحمت نفسها في علاقات جنسية متعددة و كأنها تريد الإنتقام من أخيها و تستخدم جسدها وسيلة لهذا الهدف لأن أخوها دائماً يتشدق بالشرف و العفة فهي تريد أن تسيء إليه و تنتقم منه حتي لو أضرت بنفسها ، و يتجلي ذلك واضحاً في دخولها في علاقة مع ( مجدي ) الذي لا تحبه و تعرف أنه استغلالي و طماع . و في تجربتها مع يحيى الطالب بكلية العلوم في الجامعة التي تدرس بها يظهر جوهرها النقي في حديثها لنفسها أنها متأثره بحسن أخلاق يحيي و رقة قلبه فهي تكتشف أنها ليست مدمنةً للجنس كما كانت تظن ، ثم تتزوج من مسعود بعد ضغطٍ من أخيها و أمها و هو رجل أعمال ثري اعتبرت زواجها منه صفقة تجارية جيدة ، فهو متزوج من اثنتين و لا ينجب و هذا السبب أدي إلي طلاقها منه و تتحول إلي سيدة أعمال ثرية معتمدةً علي مساعدة زوجها السابق مسعود و ما ادخرته أثناء زواجها منه و مؤخر صداقها هذا غير ورثها عن والدتها . و بعد زواجِ ثانِ فاشل تدخل البطلة في حالة تخبط و ارتباك نفسي و ضغوط عصبية متكررة تؤدي إلي ذهابها إلي طبيبة نفسية و بعد ذلك تنتقل إلي مستشفي للعلاج النفسي و ينتهي بها المطاف في النهاية أن تقتل أخاها عن طريق السُم و تنجح في خطتها الماكرة التي أعدتها و بعد ان تتخلص من أخيها تساعد زوجته و أطفاله و توفر لهم مستلزماتهم المعيشة و تغير من أسلوب حياتهم الممل الذي كان يفرضه أخيها عليهم . و تقنع أرملة أخيها بالزواج و تنجح في ذلك أيضاً و كأنها تريد أن تنتقم من أخيها حتي بعد موته . لم تدخل الكاتبة إيمان الدواخلي في ( غادتها ) في تفاصيل ممارسات جنسية مبتذلة أو تفتعل جراءة سطحية خارجة عن البناء السردي للأحداث ، حيث تم توظيف الجنس بصورة فنية إبداعية راقية بعيداً عن الإبتذال الفج و التكشف الزائف . إن عنوان الرواية ( غادة ) جزء من الدلالات الفنية و ليس فقط مدخل للتعريف بمضمونها فعلاقة العنوان بالنص هنا أكثر تعقيداً من ذلك فالغادة لغةً هي المرأةُ الناعِمَةُ اللَّيِّنَةُ و والشَّجَرَةُ الغَضَّةُ و لعل في هذا إشارة واضحة إلي نقاء روح البطلة و نبل معدنها الذي يتعارض مع كثير من تصرفاتها السيئة في الأحداث و الذي بدوره ناتج موازٍ لما لاقته في طفولتها و من قسوة اجتماعية في مجتمع ذكوري يتصنع العفة و الطهر . سعت الكاتبة إلي تعرية بعض الجوانب المظلمة في المجتمع في كثير من المواقف في الرواية كقهر الأخ لأخته لظنه أن كونه الذكر يعطيه الحق في التحكم فيها و في تصرفاتها و خياراتها و مستقبلها ، حتي بعد أن أصبحت سيدة أعمال ناجحة و ثرية لم يكف عن التدخل في خياراتها و حياتها .