فازت فوزًا مشرفًا, ونالت الغالبية العظمى من مقاعد "المجلس التشريعي الفلسطيني" بنزاهة يشهد لها الأعداء قبل الأصدقاء. أعلنت منذ اللحظة الأولى لفوزها برغبتها الحقيقية بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتسع للكل الفلسطيني, فجوبهت دعواتها بالرفض المطلق والإصرار على عدم مشاركتها أي حكومة تشكلها, بل وذهب البعض إلى تهديد من يسمح لنفسه بمشاركتها حكومتها, في محاولة يائسة لإفشالها. شكلت حكومتها بلونها "الأخضر" بشكل كامل بعدما استنفذت كافة السبل لإقناع الفصائل والأحزاب الانضمام إلى حكومتها وحملت على عاتقها الهم الفلسطيني وأقسمت يمينها أمام الرئيس محمود عباس بحفظها للحق الفلسطيني والثبات على برنامجها المقاوم للاحتلال والذي اختارها الشعب بناءًا عليه . فعوقبت من "المجتمع الدولي" وحتى "النظام العربي" إلا ممن يؤمن بالحرية والمقاومة, وكانت سياسته تحمل الكراهية للمحتل, عانت قطيعة لا تحصر وعداء لا يتوقف من القريب ومن البعيد, لكن حكومة حماس نجحت في إفشال كل مؤامرة كانت تحاك بليل ضدها وتجاوزت عقبات كانت توضع بطريقها . نادت بالوحدة الفلسطينية مرارًا وتكرارًا وأكدت بكافة سياستها أنها لا تسعى الانفراد بالحكم إلى أن تم الاتفاق في مكة على تشكيل هذه الحكومة وتنازلت عن وزارات سيادية, رغبةً وإيمانًا منها في خلق وحدة فلسطينية, فشكلت حكومة جمعت ألوان الطيف الفلسطيني لتكون مصلحة الوطن هي العليا, رغم ما كان ينالها على أرض الواقع من قتل لأبنائها حتى عشية توقيع اتفاقية مكة. وكان البعض يحيك مع "العقربة السوداء" وزيرة خارجية الإدارة الأمريكية سياسة سميت " بالفوضى الخلاقة" وبشروط سميت بالرباعية تفرض عليها الخروج من عباءتها. فضاقت بها الأرض بما رحبت وحوصرت سياسيًا واقتصاديًا من أجل إفشالها, وحوربت من الداخل بمباركة من الخارج إلى أن طالت رصاصات الغدر أبنائها وقادتها وعلمائها, فما كان من "الأسد الجسور" إلا أن يزأر فكان الحسم لزامًا عليها؛ حماية لشعبها ولحقوقه وثوابت قضيتنا. عاشت وشعبها الذي أحاط بها ونصرها وآزرها في حصار كحصار الجاهلية في "شعب بن أبي طالب" في زمانه, فكان الصبر سياسة لها وتعالت على جراحها ومضت في طريقها لتعيد إلى الشعب عزة وكرامة قد فقدها. عاشت حربًا ضروسًا يراد بها القضاء عليها وكسر عزيمتها وقوتها ومقاومتها فتحملت فكانت كالصخر صامدة في وجه ريح عاتية لم تستطع زعزعتها من مكانها لصلابتها وإيمانها بقدرتها على أن تكون سدًا منيعًا يحمي كرامة الأمة وعزتها. أعلن خصومها السياسيين رغبتهم بالمصالحة فوافقت على أن يكون لمقاومتها ومقاومة شعبها حماية واعترافًا ولعدوها إذلالًا ومهانةً وانكسارًا. قبلت أن تتنازل عن كل وزاراتها وألقى رئيس وزرائها كلمة وضح فيها المحطات التي مرت بها حكومته وأعلن أنه سيترك منصبه لمصلحة فلسطينية فكانت ضربة بل صفعة لكل من كان يراهن على أن حماس لا تسعى إلا لحكم ومنصب, فأسقطت حماس بقيادتها الرشيدة كل رهان أمام من كان لا يعرف إلا الانفراد في الحكم وإن كان ضد صالح فلسطين وأبنائها . فهل سنجد لحماس ورئيس وزرائها السيد إسماعيل هنية "أبو العبد" مثيلًا ؟