تقول الأسطورة القديمة إن الإله ست حينما قتل أوزوريس وقام بتقطيع جسده إلى 24 قطعة وألقى بها في أماكن متفرقة على النيل جاءت إيزيس وجمعت هذه القطع من 24 مكان - فيما بعد يقال إن مصر قسمت إلى 24 محافظة - ونفخت فيها فلم يرجع أوزوريس إنما خرج منه حورس إله الحرب.. فمصر هي إيزيس وهي الآن تجمع بقاياها وتحتضن أولادها لتعبر بهم غياهب الليل والظلم الذي جثم على صدور أبنائها عقودا طولا.. وما جرى في تونس ومصر هو إعادة بعث الروح لشعوب رضخت كثيرًا في الذل والهوان والبقية تأتي.. ومن قبيل أنزلوا الناس منازلهم ففكرة التضحية بالنفس من أجل التغيير أظننا جميعا متفقون أننا أخذناها عن الأخوة الفلسطينيين حينما كنا نشاهد الشاب أو الفتاة في القدس يضحون بأنفسهم من أجل تحرير بلادهم عوامل كثيرة أدت إلى الصحوة العربية فكل العرب مشاركون في هذه الثورات العربية لأننا أبناء جلدة واحدة وقضيتنا واحدة وحلمنا واحد . بدأت الشرارة الأولى من تونس ومن ثم مصر ثم تعممت على الوطن العربي.. يكفي اعتراف أوباما مخاطبا الشباب الأمريكي حين قال لهم ( تعلموا من الشباب المصري كيف يكون التغيير) أما بخصوص دور الكلمة في هذه الثورات ففي البدء كان الكلم وأول كلمة نزلت من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم (اقرأ) فللكلمة بكل أنواعها الدور الرئيس في أي تغيير ألستم معي أن مقولة أبي القاسم الشابي سارت شعارا للوطن العربي : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر.. أما على المستوى الشخصي فنجاح الثورة البيضاء في مصر جعلتني أقف أمامها مشدوهاً وأسجد لله أن قدر لي أن أرى من دمرونا وشردونا يسقطون ومزبلة التاريخ التي فتحت أبوابها لهم ما زالت تنتظر المزيد من هؤلاء المتعفنين.. وأنظر للأجيال القادمة بأنهم آن لهم أن يعيشوا في حرية والثمن كان غاليا بشتى المقاييس فهذه الثورة الكل شارك فيها ودوره لا يقل عن دور المتظاهرين أو الشهداء.. فما خرج الشعب المصري من أجل التغيير لنفسه ولكن ليرحموا أولادهم من أن يشربوا من الكأس نفسه الذي فرض علينا.. فنحن كنا مغيبين ولا يحق لنا المشاركة وأن هذه البلد هي ملك لمن يحكمونها فقط وهم يفكرون ويقررون وما علينا سوى السمع والطاعة فما يجري داخل المعتقلات ضرب من الخيال خاصة في ظل وجود رجال أمن الدولة الذين لا يخافون في الظلم لومة لائم... أشياء كثيرة لا مجال لسردها فكلنا ذاق منها بالتصريح أو التلميح ولكن الآن وأنا أرى أصحاب المعالي والحصانة نزلاء في السجون ومن قبلهم تنحي مبارك يجعلك يهون عليك كل ما لقيت من ظلم وتهميش ولا يهم ما يجري بعد ذلك والحمد لله فشعب مصر في رباط إلى يوم القيامة بشهادة من لا ينطق عن الهوى فالكنائس كان يحرسها المسلمون. هل رأيت شعبا في قمة الثورة وتسمع أجمل النكات والبسمات والأغاني سوى من الشعب المصري .. لم تسجل حالة تحرش واحدة في أثناء الثروة الكل على قلب رجل واحد ( تغيير حرية ضمانة اجتماعية) ليس غير .. ما حدث كان صحوة لكل الفئات حتى الإخوان الذي كنت سابقا أخجل من إعلامنا حينما يطلق عليهم علناً الجماعة المحظورة كيف يطلق عليها هذا الاسم ومصر تعتبر دولة إسلامية .. فمصر بعد ما حدث سترجع لدورها الذي خلقت من أجله بين إخوانها العرب وأختم كلمتي بمقولة لأحد المفكرين أو المؤرخين ( مصر شمعة مستقرة في قاع النهر.. كلما أظلم العالم طفت لأعلى)