الآن وبعد انعتاق مصر وإطلاق فجرها الرهين وإطلاق سراحها من قبضة الديكتاتورية وبعد ميلاد عهد جديد قادنا اليه طليعة الوطن من الشباب.. وبعد عشرين يوماً من انطلاق الثورة الطاهرة فى 25يناير 2011، أعظم الثورات المصرية والعالمية قاطبة .. الثورة الشعبية التي حماها ورعاها الجيش المصري .. الثورة التى سقط فيها شهداء أبرار ومصابون أحرار من اجل غداً أفضل ومستقبلاً مشرقاً لمصرنا الغالية .. الثورة السامية التي قادتها عقول شابة مبدعة استخدمت تكنولوجيا العصر السلمية .. عظمتها انها ثورة مدنية ولم تكن انقلاباً عسكرياً ولم تحركها أو تنظمها احزاب .. ثورة أطلقت كل الطاقات المبدعة للشعب المصري .. وأبانت حضارته الساكنة تحت جلده .. تٌرى ماهو المشهد العام في مصر اليوم 14 فبراير.. وما الذي تحقق من مطالب الثورة وما الذي لم يتحقق ؟ المطالب المتحققة يأتي في مقدمتها ، إسقاط الرئيس مبارك وإجباره على التنحي .. ورحيل نائبه عمر سليمان ، وسقوط مؤسسة الرئاسة .. وإقالة حكومة نظيف وصدور قرار النائب العام بمنعه هو وبعض وزرائه من رجال الأعمال المستوزرين وبعض قيادات الحزب الحاكم من السفر للتحقيق معهم بسبب تربحهم ونهبهم المال العام .. وتشكيل لجنة من الفقهاء الدستوريين لتعديل بعض مواد الدستور . وتعهد بتوظيف البعض ومنح أعانة للبعض الآخر. والمطالب التي لم تتحقق هي عدم الاستجابة لمطلب وضع دستور جديد للبلاد والإكتفاء بتعديل الدستور القديم ، وعدم وقف العمل بقانون الطوارئ وعدم الإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين أضيروا من النظام السابق وعدم خضوع الرئيس وعائلته للمحاكمة والمسائلة فى وقائع الفساد المالي والسياسي وعدم إخضاع جهاز الشرطة للمحاكمة ومسائلته فى أمر انسحابه من الخدمة .. هذا عن المطالب التي تحققت والتي لم تتحقق تقريباً . واثناء لحظات الانتظار والتقييم والتساؤلات حول ما أنُجز وما لم يُنجز.. وحول ما سيؤول اليه الأمر بعد تولى المؤسسة العسكرية الحكم .. وسط هذا الترقب والتقييم خرج البيان الخامس من المؤسسة العسكرية في 13 فبراير ، الذى تضمن تعطيل العمل بالدستور مع الاستمرار فى العمل على تعديل بعض مواده ، و للتذكير فأن هذه المواد هي رقم 76 و77 و88 و93 و179 و 189 . وهى تختص بترشيح الرئيس ومدة الرئيس و الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب وأحكام الانتخاب والاستفتاء ومجلس الشعب واختصاصه فى صحة العضوية ومكافحة الإرهاب وطلب تعديل الدستور . وبصدور البيان الخامس تجمدت اللحظة وتوقفت اللقطة وثارت التساؤلات عن معنى هذا .. هل تم تعطيل العمل بالدستور لأنه دستور معيب ومشوه بسبب ما تم عليه من تعديلات متكررة .. وبالتالي لا يجوز العمل به كدستور للبلاد فى هذه المرحلة .. خاصة فى ظل تنحى الرئيس الذي عدل وبدل فى مواد الدستور .. و هل سيتم العمل بهذا الدستور ثانية بعد الإنتهاء من تعديل بعض مواده المذكورة عاليه ومواد اخرى قد ترى اللجنة تعديلها ؟. كذلك يثور سؤال اخر وهو لماذا لا نقبض على تلك اللحظة المبهرة فى التاريخ المصري ونضع دستوراً جديد للبلاد بدلاً من تعديل مواد فى الدستور القديم ؟ دستور جديد يحقق أحلام وطموح المصريين ويوفر لهم العدل والحرية والمساواة وينزع السلطات من يد رئيس الجمهورية .. ويعطى الحق المطلق للأجهزة الرقابية والتشريعية والقضائية فى مسائلة الرئيس والوزراء وغيرهم من التنفيذيين على اختلاف مراكزهم الوظيفية . كذلك يتشكك البعض من تعطيل الدستور ويبدى خشيته من استمرار الحكم العسكري بشكل أو بآخر .. ولا يتصورون ان الجيش سيكون ضامناً وحارساً أميناً لمطالب الثورة ومشرفاً على تنفيذها بكل أمانة . . ويبررون تشككهم هذا بأن الجيش ربما يستكثرأن يتولى رئاسة مصر شخص من خارج المؤسسة العسكرية .. خاصة وأنها هي المؤسسة التي خرج منها رؤساء مصر منذ العام 1952 . واظن ان الجيش سيكون وفياً لوعده وعهده لأنه المؤسسة الأكثر تضحية والأكثر جدية . وهى المؤسسة الأكثر انضباطاً . والأكثر بعداً عن الهوى والأهواء وهى من المؤسسات المنزه عن الفساد .. لكن يظل الرجاء قائماً للجيش بالعمل على تحقيق اهم مطالب الثورة وهو وضع دستور جديد للبلاد .. واتخاذ إجراءات فاعلة على وجه السرعة لمحاكمة كل من اشارت اليهم أصابع الإتهام بالتربح والفساد فى عهد الرئيس السابق .. وعدم الإقتصار على محاكمة الفاسدين فى السنوات الأخيرة فقط .. بل يجب فتح كل ملفات الفساد الادارى والمالي والسياسي طوال الحقبة المباركية .. وأن يتم وبشكل عاجل واستثنائي التحفظ على كل عقود البيع وقرارات التخصيص للعقارات والأراضى الصحراوية والزراعية والعقارية وإبطال أى حقوق رتبتها هذه التخصيصات وتلك العقود لمن خصصت لهم . لحين دراسة وتدقيق كل حالة بيع و تخصيص بروية وتأنى.. لمعرفة أحقية الصادر له التخصيص .. ومعرفة كيف ثُمنت وقُيمت الأراضي والعقارات وقت التخصيص وما تم سداده لخزينة الدولة .. وفى الحالات المخالفة اقترح أن يتم استرداد أراضى الدولة وعقاراتها .. على أن يتم صرف تعويض لمن تم التخصيص لهم عن أى إنشاءات يكونوا قد أقاموها مخصوماً من هذا التعويض العائدات والمكاسب التى تحصلوا عليها من تاريخ التخصيص . وهذه مسألة هامة وحيوية ودستورية .. ولأن كل مواطن مشارك في ملكية كل شبر من ارض مصر.. ولا يجوز ان يرى قطع أراضى من املاك الدولة مساحتها بالكيلومترات مثبت عليها يافطة بأنها ملك فلان أو علان .. وبشكل عاجل وفوري ايضاً يجب فتح ملف الخصخصة .. ودراسة ملفات الشركات والمصانع الوطنية التى تم بيعها بأثمان بخسة مقابل عمولات ضخمة .. ومحاسبة كل من تربح وارتشى واثري من جراء هذه الخصخصة . ومن العدل ان نرد للمواطنين حقوقهم المسلوبة وثرواتهم المنهوبة .. فهذا مال عام .. الشعب مالكه . ان الشعب المصري العظيم الذى ابهر وأدهش العالم اجمع بسلوكه الراقي ووعيه وتحضره ونظامه وتنظيمه .. حين ادار ثورته الطاهرة النقية ومصرنا الأبية بحكمة واقتدار بعد انسحاب الشرطة المخزي ، فحمى ممتلكاته ونظم شئون حياته وسيرها بشكل شبه طبيعي .. ولم يكن هناك اى حوادث سلبية من التى كنا نسمع عنها فى الايام السابقة للثورة .. ولم تُمس كنيسة او مسجد بأذى .. لأنه شعب سليم الفطرة , لا يفكر ابداً فى إيذاء دار عباده أواحد من العباد بسبب ديانته .. الشعب الذى اثبت ان الساسة هم من أحدثوا عن عمد شروخ فى جسد الأمة سموها بالفتنة الطائفية . هذا السلوك الراقى المبهر هو الذى جعل قادة دول العالم المتقدم تمتدح تلك الثورة ويفخروا بهؤلاء الثوار العظماء ويتمنوا ان يكونوا ابناءً لبلادهم .. وجعلهم يطالبوا بدراسة وتدريس الثورة المصرية لكى يتعلموا ويتعلم العالم منها.. وأظن ان هذا الوعي والرقى سيكون له أعظم الأثر فى بث الاطمئنان فى نفوس المستثمرين والسائحين الأجانب وستكون مصر قبلتهم فى الايام والشهور القادمة لذا اناشد ابناء هذا الشعب العظيم أن يظلوا متضامنين متوحدين فى مطالبهم الدستورية والسياسية و الاجتماعية والاقتصادية .. وألا يفتتوا كتلتهم وألا يفرقوا صفوفهم .. وان ينحوا المطالب الفئوية جانباً .. من اجل تحقيق مطالبهم الإصلاحية والدستورية لكل ابناء مصر بشكل عادل ومتوازن .. ودون جور فئة على الأخرى.. وألا يحصروا مطالبهم فى زيادة الأجور..لأن نظام الأجور على مستوى الدولة يجب تعديله ضمن منظومة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية .. بحيث يوفر الدخل حياة كريمة للمواطن ويلبى كل احتياجاته .. وبما يقضى على التفاوت فى الأجور .. وبحيث يتساوى المخصص والمردود المالي للمراكز الوظيفية المتماثلة دون النظر الى جهة ومكان العمل باستثناء بدل مخاطر معقول لبعض المهن التي تشتمل على اخطار . واوصيهم ايضاً بأن ينتظموا فى أعمالهم ويعودوا لمصانعهم ومزارعهم ومواقعهم الإنتاجية .. لتبدأ عجلة الإنتاج فى الدوران .. ولنعوض ما نالنا من خسائر مالية فى الايام الماضية .. ولنخطوا بمصر الف الف خطوة للامام .. ولتكن ثورة فى الإنتاج ايضاً. عاشت مصر حرة دوماً وعاش شعبها العظيم وشبابها صاحب الإعجاز والإنجاز . [email protected]