الواضح وضوح الشمس في الصيف هو أن الدول العربية كلها تسير نحو التمزق والشردمة والفوضى. لكن المؤكد جدا هو أن علة العرب والمسلمين في زعمائهم. العرب والمسلمون لم يبلغوا بعد لمستوى اختيار زعمائهم, بل الصيهوينة العالمية هي من كانت وما تزال تختار لنا الزعماء والحكام وحتى الوزراء والولاة. لذلك لا غرابة إن كان من تختارهم لنا الصهيونية العالمية, خداما لها لا لنا, موالون لها ووبالا علينا. همهم أن يحولوا الأموال التي ينهبوها لحساباتهم التي اصبحت مشتركة بينهم وبين سادة الصهيونية. مهمتهم أن يحاربوا الشعوب العربية والإسلامية, وأن يذلوها ويحاربوا عقيدتها. في كل بلد رجال صادقون, يدركون ما حيك وما يزال يحاك لنا, وهم من يقبضون على الجمر داعين للصبر والحلم, رافضين الخروج على الحاكم والرئيس, حتى وإن كان متصهينا أكثر من أي صهيوني. شعارهم, الحفاظ على أرواح المسلمين مكسب عظيم, هاجسهم أن لا أمل في المستقبل القريب, ليقينهم أن الوقوف في وجه المصتهين لن يثمر إلا أن يحكمنا صهيوني حقيقي. لذلك ومن باب فقه الأولويات فإن عقلاء الشعوب, اختاروا بين الشرين واختاروا أهونهما, ودعوا للهدوء والسكينة. الأنظمة العربية تصدق ما يسرب إليها من تقارير كاذبة عن شعوبها, لذلك نجد النظام العسكري في الجزائر بلغ به الحمق والسفة لدرجة اعتقال وسجن ممثلي الشعب ومحاصرتهم في الصحراء. رغم ذلك صبر العلماء والرجال, ليس صبر الجبناء العاجزين, بل صبر العاقلين الحكماء. لكن شباب الجزائر المؤمنين, لم يرقهم أن ينقض الجنرالات على ممثليهم ويعذبوهم ويسجنوهم, فحمل الشباب المؤمن السلاح في وجه النظام الفاسد الساعي لنشر الفساد في دولة الجزائر الإسلامية. حق لكم يا شباب الجزائر أن تحملوا السلاح بعد الذي بدر من نظام أرعن أحمق, لأن الذي يستهين بالشعب برمته, يستحق أن يجد في الشعب من يستهين به ويحتقره ويحاربه بنفس السلاح. جاء النظام التونسي من بعده معلنا الحرب على الحركة الإسلامية التونسية معذبا الرجال ومغتصبا للحرائر المؤمنات, ظانا أن الشعب التونسي سيركن وإلى الأبد, والمغفل الجاهل لم يعلم أن الرجال إنما يعدوا العدة ليوم يسقطوه فيه ويطردوه أو يشنقوه, ليكون لغير عبرة تعتبر. جاء يوم الطاغية التونسي ولقي مصيرا كالحا, وما يزال سيلقى يوم تلفظه المملكة العربية السعودية, وهي ستلفضه لا محالة, إن كان لحكامها مثقال درة من الحياء, لأن مغتصب الحرائر المسلمات المؤمنات لا يجار, ومن أجاره, فهو أحق بالحرب. ولحق بالسابقين النظام المصري, الذي لجأ الحزب الحاكم فيه إلى استعمال البلطجية والعنف والتزوير الفاضح الواضح والخروج بنتائج انتخابات لا يقبلها العقل والمنطق. فوز ساحق ماحق لحزب الرئيس وهو لو كانت الانتخابات نزيهة ما حصل حتى على ربع ما حصل عليه. المؤكد إذا أن الشعب المصري الذي احتمل حماقات النظام, واحتمل بلطجيته, واحتمل نهبه للثروات, واحتمل تصهينه وخدمته للصهيونية على حساب الشعب المصري, الشعب المصري بعد كل ما ارتكبه نظام دولته, يحق له أن يتور وأن لا يفكر في العواقب, وأن يرد بالمثل ولو أن النتيجة ستكون انهيار اقتصاد دولة مصر, ولو أن مكانة مصر ستنهار بين دول المنطقة, ولو أن إسرائيل ستسر غاية السرور, بل وإنها ستهاجم البنك المركزي المصري كما هاجمت البنك المركزي التونسي, وتستولي على ما أبقى فيه حكام مصر من الذهب والعملات. الدول العربية, بعد ثورات شعوبها, ستضع اللبنة الأولى في مسار البناء السليم, وذلك بعد الانتهاء من هدم البناء السابق الذي كان مغشوشا وغير قادر على تحمل أية زيادة. النتيجة الحتمية لثورة الشعوب العربية هي فرار الخونة والجواسيس والمتصهينين, فرارهم مع ثرواتهم, وبالتالي ستبقى الشعوب مغلوبة على أمرها, لكنها معتزة بنفسها, صابرة محتملة للجوع والفقر, لأن كرامتها وطردها للخونة سيقوي من عزيمتها. إذا كانت الأربعين سنة الأخيرة من القرن العشرين فترة القومية العربية بامتياز, فإن الأربعين سنة الأولى من القرن الواحد والعشرين ستكون إن شاء الله رب العالمين, فترة الرجوع للإسلام الحقيقي وتشبت الشعوب كامل الشعوب به وتطبيق تعاليمه في جميع الميادين. لذا فالحاكم العاقل حقا هو من يفهم مسار شعبه, ويكون دائما سباقا له, يمنح له ما يدرك جيدا أنه سينتزع منه ولو بعد حين. الحكام العرب, اغلبهم لا يفكرون لأنفسهم بل يفكر لهم غيرهم, وبالتالي لا يمكن لمن يفكر لهم أن يكون أحرص منهم على شعوبهم.