على خلفية ما أوردته قناة (فوكس نيوز) الأمريكية, والتي زعمت أن تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي يسعى لفتح ممر له إلى المحيط الأطلسي, وفي هذا تنبيه إلى إمكانية التنسيق والتعاون بين تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي وبين البوليساريو. وجب طرح العديد من الأسئلة التي يمكن أن تتبادر إلى ذهن إي شخص يسمع الخبر ويحاول أن يستقرئه ويعرف مبرراته وأهدافه. هل أصبح تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي في المستوى الذي يجعله قادرا على التفكير في الحصول على منفذ بحري على المحيط الأطلسي؟ هل ستقبل البوليساريو ذلك الهدف من غير الدخول في نزاع مع تنظيم القاعدة في مكان تواجده حاليا بالجنوب الجزائري؟ من من التنظيمين سيخضع للأخر في سعيهما معا للحصول على منفذ بحري على حساب تراب المملكة المغربية؟ هل ستقتنع القاعدة بأفكار وأهداف البوليساريو؟ أم أن عناصر البوليساريو هم من ستقتنع بعقيدة تنظيم القاعدة؟ ألا يمكن القول أن ما ذكرته فوكس نيوز من أنه في حالة حدوث تكامل وتمازج بين التنظيمين قد يشكلان خطرا على الغرب كله وعلى أمريكا ومصالحا في شمال إفريقيا, صحيح؟ هل يمكن أن يدفع هذا المعطى الغرب للضغط على الجزائر والمغرب من أجل التعاون على مواجهة تلك الإمارة التي قد تحاربهما معا؟ ما دام البلدين المغرب والجزائر متنافرين ومن الصعب أن يتعاونا حاضرا ومستقبلا, فإنه قد يطرح تدخل غربي على شكل التدخل في باكستان للهجوم على أماكن تواجد قوات كل من تنظيم القاعدة والبوليساريو. أي مستقبل ينتظر المنطقة في حالة تدخل قوات الناتو في شمال إفريقيا؟ ألا يمكن أن يكون ذلك التدخل مبررا كافيا لتوسع قاعدة كل من التنظيمين؟ بل ألا يمكن أن يكون التدخل نفسه دافعا لتوحد التنظيمين, واختيار أمير واحد لهما معا؟ هل سترضى شعوب شمال إفريقيا بالغزو الأجنبي لها؟ وهل ستقبل العدوان على إخوانهم المسلمين كيفما كانوا؟ المستقبل إذا إن سار على ما تخطط له أمريكا فإنه سيعلي شأن التنظيمين معا, بل ويمكن أن يكسبهما شرعية تتوسع في مجموع شمال إفريقيا وخاصة على موريتانيا ومالي والمغرب والجزائر. إن ما يقع في باكستان حاليا يدفع جميع المسلمين في القوقاز للتوحد والتعاون ودعم كل من يحمل سلاحا يوجهه للغزو الصليبي الصهيوني. معناه أن المسار الذي يسير فيه شمال إفريقيا, من تدويل الصراع فيه ومحاولة تكبير تنظيم القاعدة به بقصد جلب القوات الصليبية للقضاء عليه كما قد يحلو للبعض, سيعود بالضرر الكبير على الحالم بذلك, وسيكون التدخل مبررا لدعم الجميع للقاعدة, ولو دعما قلبيا, والذي مع توالي السنين سيتحول إلى دعم معنوي ومادي ثم قتالي. عندما تتدخل القوات الصليبية الصهيونية في شمال إفريقيا فإنها صحيح قد تبيد كل من القاعدة والبوليساريو كتنظيمين مقاتلين في الصحراء الكبرى, لكنها ستحولهما إلى مجاهدين حقيقيين ضد الغزو وتعطيهم الشرعية التي لم يحصلوا عليها بعد. المغرب والجزائر في وضعية جد حرجة, إن رفضوا التدخل الصليبي فوق أراضيهم يكونون مساندين للقاعدة وسيحل بهم ما حل بها في بلدان أخرى, وإن قبلوا يفقدوا شرعيتهم لدى شعوبهم وتتقوى الجبهة المحاربة لهم يوما بعد يوم. الدول الأروبية خاصة إسبانيا, تدرك جيدا أنه في حالة قيام دولة البوليساريو في الصحراء المغربية, فإن أول ما ستطالب به هو توسيع المياه الإقليمية لها, وبالتالي المطالبة بالجزر الخالدات. اسبانيا تخشى البوليساريو اكثر من المغرب, لأن البوليساريو متغلغة فوق ترابها, ويمكن وبتعاون مع القاعدة أن تزعزع امن اسبانيا بل وتخربها, لأن الذي لا يملك ما يخاف عليه يكون أخطر من الذي بنى ويخاف أن يهدم الآخرون ما بنى. وعليه فإن الدول الأوروبية ستسعى بكل السبل لمنع قيام دولة مستقلة بالصحراء, حتى ولو كانت تبدي بعض التعاطف معها, فالهدف الحقيقي من وراء ذلك هو ابتزاز المغرب والسيطرة على أكبر ما يمكن من خيراته. يجب أن لا ننسى اليهود المغاربة, إذ لهم دور جد مهم في استقرار المغرب, كما يسعون بشتى السبل للسيطرة على أكبر ما يمكن السيطرة عليه من خيراته, وهم من يحرك العالم سلبا وايجابا, تارة بالتحريض ضد المغرب وبعده بالسكوت عنه أو الدفاع عنه في بعض الأحيان. عملية شد الحبل الغاية منها ابتزاز خيرات المغرب. الدول الأوروبية تسعى جاهدة للسيطرة على طرفي النزاع بالمغرب, فئة تبتز المغرب وتحصل على امتيازات وأموال طائلة, وفئة تبتز البوليساريو وتحاول جاهدة السيطرة عليه ورسم مسار له, كي لا يخرج من قمقمه ويهددها مستقبلا. لم ولن تنسى اسبانيا وفرنسا جيوش المسلمين التي عبرت مضيق جبل طارق, على يد طارق بن زياد أولا ويوسف بن تاشفين بعده وغيرهما كثير من القادة الذين كان مطمحهم البلوغ للقطب الشمالي ورفع راية الإسلام هناك. خلاصة القول هي أن حلف الناتو وبشراكة مع إسرائيل, يريد أولا القضاء على كل من تنظيمي البوليساريو والقاعدة معا, وبعدها سينصب كركوزا من الكراكيز التي سيصنعها, لكونهما مجمعين على ضرورة تقسيم المغرب على المدى البعيد, شرط أن لا يكون التقسيم إلا بفعل يد حلف الناتو وشريكته إسرائيل.