تثير القاعدة فزع شركات الطيران بطرود يتكلف الواحد منها أربعة الاف دولار بينما تكلف الحرب على طالبان الغرب مليارات الدولارات كل اسبوع. وفي أقصى الشرق تقصف كوريا الشمالية منطقة متنازع عليها فتحظى باهتمام فوري في مواجهتها مع القوى الكبرى. هكذا يستخدم مقاتلون اضعف دائما اساليب غير تقليدية او رخيصة لتحدي عدو اقوى ومن ذلك حرب العصابات والهجمات الانتحارية اعتمادا على رغبة أكبر في التضحية بالنفس. وقد يكون هذا النهج حاسما. فقد اظهرت دراسة اجراها ايفان اريجوين توفت استاذ العلوم السياسية الامريكي انه من بين جميع الحروب غير المتكافئة منذ عام 1800 التي يكون فيها طرف يتمتع بقوة مسلحة تزيد كثيرا عن الطرف الاخر فاز الطرف الاضعف في 28 بالمئة من الحالات. وربما تتغير النسبة الان لتميل اكثر لصالح الجانب الاضعف. ويقول بعض المحللين ان الكشف هذا العام عن اسلوب جديد لاستخدام اجهزة الكمبيوتر لتخريب البنية التحتية التي تمثل شريان الحياة للعدو يشير الى سلاح قوي جديد سيصبح في متناول يد الدول الضعيفة والجماعات المتشددة وعصابات المجرمين. ويقول محللون ان من المحتمل ان يكون السلاح الجديد أحد أشكال فيروس (ستاكس نت) الذي يلحق دمارا كبيرا من خلال شبكة الانترنت والذي اكتشفته شركة في روسياالبيضاء في يونيو حزيران ووصفته شركة الامن الاوروبية (كاسبرسكي لابز) "بنموذج أولي مخيف لسلاح عن طريق الانترنت". وكتب رالف لانجنر خبير انظمة التحكم الصناعي الالماني على مدونته على شبكة الانترنت ان ظهور "ستاكس نت مثل دخول مقاتلات اف -35 النفاثة غمار الحرب في الحرب العالمية الاولي." ومهما كان من ابتكر الفيروس الذي يعتقد انه استهدف منشأة تخصيب يورانيوم في ايران فمن المرجح ان تطويره تطلب ساعات طويلة من الجهد البشري واستثمار ملايين الدولارات. ويقول محللون انه بعد تحليل شفرة الفيروس لن يحتاج متسللون سوى اشهر قليلة لتطوير نسخة اخرى من الفيروس مصممة لتلبية احتياجات العميل لبيعها في السوق السوداء. ووصف علي جاهانجيري خبير امن المعلومات هذا الاحتمال بانه"خطر هائل ". وقال لرويترز "اعطى فيروس ستاكس نت محترفي ابتكار شفرات مدمرة فكرة انتاج شيء مماثل يمكن ان تستغله حكومات ومجرومون وارهابيون." ومشكلة ستاكس نت ان يعيد برمجة انظمة التحكم المستخدمة في الكثير من المنشات الصناعية مما يسبب ضررا فعليا. ويتهدد الخطر معدات تعمل اليا يشيع استخدامها في شبكات يعتمد عليها المجتمع الحديث مثل محطات الكهرباء والمصافي ومصانع الكيماويات وخطوط الانابيب وانظمة التحكم في شبكات النقل. ويرتاب محللون بان متسللين يعجلون بانتاج نسخة من الفيروس وبيعها لمن يدفع اعلى ثمن قبل ان يتمكن الخبراء من تزويد المحطات في جميع انحاء العالم باجراءات مضادة للتصدي له. وقال مايكل اسانتي خبير امن المعلومات الامريكي امام جلسة في الكونجرس بشان ستاكس نت الشهر الجاري "أكثر ما اخشاه ان يكون الوقت ينفد أمامنا قبل استخلاص الدروس المستفادة." وقال اسانتي رئيس المجلس الوطني الامريكي لمفتشي أمن المعلومات الذي يضع الاشتراطات التي ينبعي توافرها للعاملين في هذا المجال "ربما يكون ستاكس نت .. مخططا لهجمات مماثلة ولكن جديدة على تكنولوجيا انظمة التحكم." ويقول لانجنر ان الجهود الدولية ضد فيروس مستوحى من ستاكس نت لن تنجح لان "الدول المارقة والارهابيين وعصابات الجريمة المنظمة والمتسللين لن يوقعوا على الاتفاقيات." وقال "يمكن لهولاء جميعا امتلاك واستخدام تلك الاسلحة قريبا. واذا كانت النسخة الجديدة من ستاكس نت تباع باقل من مليون دولار في السوق السوداء فسوف تشتريها بعض الدول ... فضلا عن ارهابيين لديهم تمويل جيد." وكما ان الانترنت تخدم الدول الصغيرة فانها تبدو أداة ذات قيمة خاصة لروسيا والصين بما انها تسمح لهما بالندية مع الولاياتالمتحدة في مجال لا قيمة فيه للتفوق العسكري التقليدي للولايات المتحدة. وستاكس نت مثال قوي لنوع من فيروسات الكمبيوتر أسرع نموا تصمم لتلبية احتياجات العميل ومهاجمة هدف معين. والجديد في الامر قوته والدعاية التي احاطت به من خلال صلة مفترضة بايران. ومثل هذه الدعاية لفتت انتباه دول صغيرة مثل كوريا الشمالية ويتوقع ان تهتم بشراء قدرات مماثلة لستاكس نت لتحقق توازنا مع غريمتها الجنوبية التي تدعمها الولاياتالمتحدة التي تتفوق عليها بقدرات الاسلحة التقليدية. وكتب ريتشارد كلارك منسق الامن القومي الامريكي السابق في كتابه حرب الانترنت ان كوريا الشمالية مثل بعض الدول الفقيرة في افريقيا لديها ميزة خاصة بالانترنت تتمثل في قلة الانظمة التي تعتمد على شبكات رقمية ومن ثم فان اي هجوم كبير على الشبكة لن يسبب ضررا يذكر. ولا تضمن الدولة التي تفكر في استخدام مثل هذا السلاح المدمر في هجوم مفترض عدم افتضاح امرها وربما تتحلي بالحكمة وتقصر استخدامه في حالة نشوب نزاع شامل. غير ان بعض الجماعات الارهابية بصفة خاصة تلك التي تجل الاستشهاد لن تساورها أي مخاوف من شن حرب عبر الانترنت. وقال نيك هارفي وزير القوات المسلحة البريطاني في كلمة القاها الشهر الجاري "ربما تكون مسألة وقت فقط قبل ان يبدأ ارهابيون استغلال الانترنت بشكل أكثر منهجية وليس فقط كأداة لتنظيمهم الخاص بل كوسيلة للهجوم." وجاء في تقرير عن حرب الانترنت اعدة معهد تشاتام هاوس البريطاني للابحاث انه لا توجد ادلة على امتلاك جماعات ارهابية قدرات لحرب عبر الانترنت ولكن دراياتها بالانترنت تتنامي وتستخدم غرف الدردشة لنشر رسالتها وادوات ذات استخدامات يومية مثل الهاتف الذكي وتحديد المواقع على الانترنت والبنية التحتية للانترنت في التخطيط لهجماتها. ويقول خبراء ان ما من شك في رغبة القاعدة في استغلال مثل هذا السلاح لتكبيد الغرب خسائر اقتصادية اذا ما اتيحت لها الفرصة. وترتاب قلة في قدرتها على الحصول على اموال من ممولين اثرياء لشراء الفيروس من السوق السوداء. وقال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ان تكلفة ارسال طردين مفخخين من اليمن لامريكا في الشهر الماضي لم تزد عن 4200 دولار و تم اكشتاف الطردين في دبي وبريطانيا وتسببا في حالة تأهب امني على مستوى العالم. وذكر التنظيم في بيان ان استراتيجية مهاجمة العدو بعمليات اصغر لكن أكثر تكرارا هي ما قد يشير اليه البعض باستراتيجية الالف طعنة. الهدف هو ان ينزف العدو حتى الموت."