* كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن رغبة الحكومة المصرية في التحول من نظام( الدعم العيني) إلى نظام ( الدعم النقدي) أسوة بدول أخرى سبقتنا في هذا المجال كالبرازيل والمكسيك إن الدعم العيني أو السلعي يتمثل في مساهمة الحكومة في تغطية جزءا من الثمن الحقيقي لبعض السلع الضرورية,كي تحصل عليها الأسر المحتاجة بسعر يتناسب وأحوالهم المادية ... وفي هذا الشأن تؤكد الحكومة المصرية أن نحو 30% من الدعم العيني يذهب لعائلات وأفراد لا تستحق هذا الدعم. إننا بدخولنا في دوامة (الدعم العيني) أم (الدعم النقدي) تركنا الأصل وذهبنا نجادل في الفرع, إن الأصل هو (قضية الفقر) والتي حار في التغلب عليها خمس حكومات متعاقبة منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي إلي منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة. وهكذا سيظل أمل القضاء على الفقر, ومحاولة التقليل من حدة الفقر ومكافحة الجوع هدفا يحدد السير في طريق نجاح حكومة وفشل غيرها. إن هم الحكومة في الوقت الحالي هو كيف تتخلص من (عبء الدعم) ...حيث كثر الحديث عن تحويل الدعم السلعي إلي دعم نقدي... وهو ما اتضح مؤخرا من خلال تخطيط كل من وزارتى البتول والتضامن الاجتماعى لتمرير مشروع كوبونات اسطوانات الغاز من أجل توفير 13 مليار جنية تتكبدها الدولة لدعم الغاز - بعد أن فشل المهندس سامح فهمى وزير البترول فى رفع أسعار اسطوانات الغاز- فلجأت وزارة البترول الى وزارة التضامن التى بدأت فى الاعداد لمشروع توزيع اسطوانات الغاز عن طريق كوبونات سنوية ليبدأ العمل به أول يناير القادم بحيث يتم صرف اسطوانة واحدة شهريا للاسرة المكونة من 3 أفراد فأقل واسطوانتين للاسرة المكونة من 4 أفراد فأكثر وقد رفض المواطنين الفكرة مؤكدين أنها لن تحقق العدل والمساواة بين الجميع لأن الطبقات الثرية لاتعرف اسطوانات الغاز كما أن لديها الغاز الطبيعى . أما البسطاء فيعتمدون على اسطوانات الغاز بشكل أساسى. واذا أفترضنا أنها ضمان لوصول الدعم الى الجميع بالعدل والمساواة فان المشكلة تكمن فى ان المعروض منها قليل جدا ولا يتناسب مع الاحتياجات الاساسية. ومن ثم فان اسطوانة واحدة لاسرة مكونة من ثلاثة افراد لا تكفى فى الشهر مما يتيح الباب لبيعها فى السوق السوداء بسعر يصل الى 40 أو 50 جنية. الغاز المصرى المدعوم للمواطن الصهيونى وطوابير أسطوانات الغاز للمواطن المصرى كفى في هذا الصدد أن نشير إلى أن المهندس / حسين سالم صاحب شركة غاز شرق المتوسط ( وهى الشركة التي تعهدت بإمداد إسرائيل بنحو 1.7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا على مدار 15 سنة بقيمة إجمالية 2.5 مليار دولار ، وبسعر 1.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية وهو سعر أقل من سعر التكلفة البالغ 2.6 دولار ) ... قد باع نحو 75 % من حصته بالشركة لمستثمرين أمريكيين وإسرائيليين، ما يشكل خطراً على الأمن القومي المصري .. إذ ستشرف هذه الشركة على خط أنابيب الغاز الطبيعي في سيناء . وفى هذا السياق، فإنه كان من الممكن استثمار عائدات تصدير الغاز الطبيعي إلى إسرائيل أفصل استثمار ممكن .. حيث أن أسعار التصدير أقل من الأسعار العالمية السائدةالمصرية إن عائد الاستثمار في تصدير الغاز الطبيعي إلى دول أخرى( غير إسرائيل) بالأسعار العالمية سيوفر رصيداً استراتيجياً للأجيال المستقبلية وهذا هو صندوق الادخار الحقيقي للأجيال القادمة. وفى هذا المصدر يؤكد خبراء الطاقة في مصر أن الأرقام الحقيقة التي تمتلكها مصر من الغاز الطبيعي لا تتعدى 28 تريليون قدم مكعب بينما تدعى الحكومة أن لديها 75 تريليون قدم مكعب ان فكرة الكوبونات هى بداية غير مبشرة لالغاء الدعم على الاسطوانات وباقى السلع الاستراتسجية وترك المواطن البسيط فريسة سهلة أمام ارتفاع الاسعار. ان الدعم العينى بدأ فى الاندثار بعد ما ظهر الحديث عن الدعم النقدى ..الامر الذى يثير الجدل حول مدى جدية الحكومة فى مساعدة البسطاء. ن تزايد أعداد الفقر وتزايد معدل البطالة في مصر يرجعها البعض لأسباب عدة منها: أ- غياب الضمان الاجتماعي. ب- الأخذ بأسلوب الاقتصاد الحر. إن أرباب الأسر أصبحوا غير قادرين على تلبية أبسط احتياجات ذويهم وذلك لأن الغلاء قد طال كل شيء وفي المقابل ظلت الدخول ثابتة!! وهو الأمر الذي ينذر بوقوع ما لا يحمد عقباه لو استمر الوضع على ذلك لأن الضغوط التي أصبح يواجهها المواطن المصري جعلته بمثابة ( القنبلة الموقوتة) التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة، وقتها سيكون على الحكومة مواجهة خطرا أشد كثيرا من خطر الإرهاب ألا وهو الفقر. ن المجتمع المصري أصبح على شفا بركان يغلي وقد ينفجر في أي لحظة، فعندما تغلق كل الأبواب في وجه المواطن ويفشل في الحصول على قوت يومه، فلن يهمه شيء وقتها ولن يردعه رادع وستكون العواقب وخيمة. بقلم د/ محمد حجازى شريف