فى هذا اليوم كان كل شىء متوقفا للغاية حتى ملامح من قابلتهم فى طريقى إلى المنزل وما أزعجنى هو شدة الهدوء الذى شعرته فى جدران المنازل الذى أصابنى بنوع من الخوف والرهبة حيث بدا لى كل شىء غير اعتيادى على الإطلاق وتمنيت لو أن الوقت يمر أو أننى فى كابوس ما وعلى الإفصاح عن صرخة ما ثم أتناول كوب من الماء وأعود إلى حياتى الإعتيادية ولكن لم أستطع الصراخ وبات كل شىء معلقا كما هو ينخر فى عقلى وقلبى معا . دخلت من باب منزلى حيث كان كل شىء كما تركته ولأننى منظما للغاية لم أعانى فى البحث عن مفكرتى لأكتب ما مر بى من أحداث خلال هذا اليوم الذى لم يصيبنى سوى بالشحوب وخلال محاولاتى البائسة والصعبة لتجميع أفكارى دوت صرخة اقتلعتنى من مكانى فصحت بعينى حيث جحظتا ثم انتابتهما حالة من الرجفة وكأنهما تحاولان السقوط من وجهى كانت أرجلى مثقلة للغاية ينتابها الخوف والقلق ولكن كان فضولى أقوى لأعلم سر الصرخة , نظرت يمينا ويسارا بعد لحظات من فتح الباب تخللها الخوف حتى لا يرانى أحدهم أتسلل ولكننى فوجئت بأنه لا أحد يعير اهتماما لتلك الصرخة وتأكدت فى هذه اللحظة أننى لست أكثر من متوهما وكل تلك مجرد خيالات وعندما شرعت فى إغلاق الباب سمعت ذلك التأوه ففتحت الباب على اخره بسرعة محاولا معرفة مكان الصوت وخلال لحظات علمت أن الصوت صادرا من الشقة المجاورة لى ولم أتردد فى نقر الباب ربما أن هناك من يعانى دون مساعدة وأنه واجب جارى علىّ وربما ليس كل ذلك فربما ذلك الصوت حتى وإن كان صراخا قد يؤانس الهدوء الذى أصابنى بالهلع وعند نقر الباب لاحظت أن الباب مفتوحا فانتابنى القلق وعند دخولى بأول خطوة ناديت بصوت متردد متسائل " حاج اسماعيل , مدام صفاء " ومع ثلاث خطوات أخرى فى داخل المنزل كان التأوه يتعالى ومعه تتعالى دقات خوفى وهلعى وتمنيت لو أن الهدوء يدوم وتبا لتلك المؤانسة التى ستصيبنى بسكتة قلبية وتعالى صوتى من الخوف مناديا مرات متتاليية بصوت راجف " حاج اسماعيل , مدام صفاء " وهنا وفى تلك اللحظة أدركت أن صوت ذلك التأوه آتيا من غرفة النوم فاقتربت فى حذر شديد محاولا الحذر بكل الوسائل وكذلك محاولا الثبات واغفاء الخوف والهلع حيث امتنع عقلى فى تلك اللحظة عن تصور اى شىء , نعم فى بعض اللحظات يمتنع العقل عن العمل حتى لا ننجرف إلى الجنون وأدرك ان ذلك فى مصلحتنا بالتاكيد , وكان باب غرفة النوم مغلقا ففتحته حيث أصدر صوتا يزيد من هلعى وصوت صريره كان أقرب ما يكون إلى الصراخ وما أن دخلت رؤيتى الغرفة حتى وجدت الحاج اسماعيل ملقى على الأرض بجانب سريره ممسكا بحوافه وغطائه ملقى عليه يغطى نصف جسده والدماء تسيل من حوله وقد أوشكت عينيه على الاستسلام للانغلاق تماما فهرولت مسرعا فى اتجاهه ثم رفعت رأسه على احدى قدمى بعد أن جلست بجانبه وقد ملأنى الذعر متسائلا بشدة وبصوت عالى مرتجف : " حاج اسماعيل , من فعل ذلك بك ؟ حاج اسماعيل أجبنى " نظر لى طويلا وكأنه يتعرف على ثم حاولت شفتاه أن تتحدث انتظرونى فى الجزء الثانى