توقع مراقبون وسياسيون أن يؤدي اعلان القائمة العراقية الفائزة بالانتخابات البرلمانية بعدم المشاركة او المساهمة بأي حكومة عراقية يقودها رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي الى تعقيد المشهد العراقي ومزيد من التأخير في تشكيل الحكومة. وتشهد عملية تشكيل حكومة جديدة في العراق مأزقا حقيقيا تمثل في اصرار الكتل الفائزة على مواقفها وعدم تقديم اي تنازلات قد تسهم او تعجل في النهاية الى تشكيل حكومة. وكانت القائمة العراقية التي تضم خليطا من المرشحين الشيعة والسنة قد فازت بالانتخابات الماضية بعد ان حصلت على واحد وتسعين مقعدا حلت بعدها قائمة دولة القانون ذات الصبغة الشيعية والتي يرأسها المالكي وبفارق مقعدين. وجاء الائتلاف الوطني الذي يضم الاحزاب الشيعية بالمركز الثالث بسبعين مقعدا. وإثر الاعلان عن النتائج شكلت دولة القانون والائتلاف الوطني تحالفا سمي بالتحالف الوطني. وقال قادة القائمتين ان تشكيل هذا التحالف يعطيهم الحق بقيادة عملية تشكيل الحكومة باعتبارهم يمثلون الان الكتلة البرلمانية الاكبر عددا وهو تطور رفضته القائمة العراقية ووصفت التشكيل الجديد بانه محاولة لسرقة فوز قائمتهم بالانتخابات. وقالت العراقية ان عملية تشكيل التحالفات يجب ان تتم قبل بدء الانتخابات وليس بعدها. وينص الدستور العراقي على احقية الكتلة النيابية الاكبر عددا بتشكيل الحكومة. ورفض قادة العراقية الاعتراف بشرعية التحالف ورفضوا التعامل معه. ويقول قادة العراقية انهم سيتعاملون مع طرفي التحالف كل على حدة. ووسط عمليات الشد والجذب وعدم عقد جلسة للبرلمان لم تتم حتى الان تسمية اي من الكتل الفائزة لقيادة عملية تشكيل الحكومة ولم يتم تسمية المرشح لرئاسة الحكومة وهو تطور ادخل العملية برمتها في نفق مظلم. ورغم الاعلان عن التحالف الوطني الا ان طرفي التحالف مازالا حتى اللحظة يواجهان مشكلة الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الحكومة وقيادة عملية تشكيلها. وتصر دولة القانون على مرشحها المالكي وهو مايرفضة الائتلاف الذي يصر بدوره على مرشحه عادل عبد المهدي. وكان طرفا التحالف الوطني قد اعلنوا الثلاثاء اعطاء مهلة لانفسهم للانتهاء من عملية تسمية مرشح للتحالف تنتهي الاثنين المقبل. وقال قادة التحالف ان الفشل يعني الذهاب الى ايجاد آليات بديلة لاختيار هذا المرشح. واستبق قادة العراقية احتمال توصل التحالف الى مرشح واحد ليعلنوا الجمعة انهم لن يشتركوا في اي حكومة يقودها المالكي وانهم يعتبرون تشكيل التحالف الوطني "محاولة يائسة لترسيخ للطائفية السياسية". وتوقع يحيى الكبيسي المحلل السياسي والباحث في المعهد العراقي للدراسات الاستراتيجية ان يؤدي اعلان العراقية الى زيادة تعقيد المشهد السياسي وقال "انا لا اعرف الى اي مدى ستتمسك العراقية بهذا الموقف.. لكن بالتاكيد اذا العراقية ابقت على هذا الموقف فهذا يعني نحن ذاهبون باتجاه وضع مقلق جدا." واضاف "انا اعتقد ان مشروع المالكي بتشكيل حكومة وصل الى مأزق حقيقي ...وان عملية تشكيل الحكومة واختيار رئيس للحكومة يزداد قتامة مرة اخرى." وفور اعلان العراقية عن موقفها اصدر المالكي بيانا وصف اعلان العراقية بانه لا يمثل راي القائمة بقدر مايمثل الجناح المتطرف فيها. وقال المالكي في بيانه ان "الحوار مع القائمة العراقية سوف يستمر وماصدر من تصريحات عنها يمثل الجناح المتطرف في القائمة." وتقول مصادر مطلعة ان المباحثات بين العراقية ودولة القانون قد توقفت منذ فترة بسبب اصرار الطرفين على احقيتهما في تشكيل الحكومة وتسمية مرشحهما لرئاسة الحكومة. وكان حيد الملا العضو البارز في القائمة العراقية قال بعد قيامه بالاعلان عن موقف العراقية الجمعة ان البيان جاء بعد اجتماع ضم قادة العراقية راسه علاوي وضم العديد من الاعضاء امثال طارق الهاشمي واسامة النجيفي وسلمان الجميلي ومحمد علاوي. ويتزامن تعقيد المشهد العراقي وازمة تشكيل الحكومة في وقت انتهت فيه القوات الامريكية من سحب قواتها المقاتلة من العراق والابقاء على خمسين الف مقاتل وهو تطور لن يترك مجالا امام قادة البلاد السياسيين الا البحث عن حلول لمشاكلهم السياسية والانتهاء منها وتشكيل حكومة باسرع وقت لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة التي تتمثل بقيام العراقيين بادارة شؤونهم بانفسهم بعيدا عن الدعم الامريكي. وقال النائب الكردي محمود عثمان ان اعلان العراقية "بالتاكيد سيعقد المسالة القائمة." واضاف "نحن كقائمة كردستانية احترنا مع القوائم (الفائزة) ولا نعرف الان مع من نقف. نحن كقائمة نريد ان يكون هناك اتفاق في المواقف لكن يبدو ان هذا مستحيل. يبدو اننا سائرون باتجاه تشكيل حكومة اغلبية وليس بالتوافق. لكن هذا بحد ذاته سيولد مشاكل اخرى." وبعيدا عن مسالة من سيشكل الحكومة فإن قادة جميع الكتل الفائزة متفقون ان الحل الامثل لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة هو تشكيل حكومة شراكة وطنية تشترك فيها جميع الكتل البرلمانية وكل وفق استحقاقها الانتخابي. وكان علاوي قد حذر من تهميش فوز كتلته التي صوت لها السنة بقوة وقال ان مثل هذا الطور قد يكون ايذانا بعودة العنف مرة اخرى. وقال النائب عن الائتلاف الوطني وعضو المجلس الاعلى عزيز العكيلي "الان حتى لوفرضنا جدلا ان التحالف الوطني سيتفق على المالكي كمرشح وحيد هذا يعني ان المالكي سيوجه صعوبة او عقدة كبيرة اسمها الكتلة العراقية." واضاف "الان لا يوجد خيار امام التحالف الوطني الا البحث عن مرشح اخر غير المالكي او ان تذهب كل من العراقية والتحالف الكردستاني والائتلاف الوطني لتشكيل حكومة." لكن النائب نصار الربيعي القيادي في الكتلة الصدرية قلل من موقف القائمة العراقية وقال ان البيانات والتصريحات عادة ماتختلف وتتغير عندما تحين ساعة المباحثات الحقيقة لتشكيل الحكومة. وقال "المطالب والتصريحات ستختلف عندما يكون مرشح واحد للتحالف الوطني والبدء بعملية تشكيل الحكومة. التصريحات تختلف عندما سيتم البدء بتشكيل الحكومة." واضاف "سننفتح في التفاوض على جميع الكتل بعد قيام التحالف الوطني بتسمية مرشح واحد. ومن حق الكتل السياسية ان تختار اما البقاء في الحكومة او الانضمام للمعارضة