الصراع في ليبيا يتفاقم، والقوى المحلية كل منها يعمل وفقاً لصالحه ومنافعه وإرادة مشغليه الغربيين. لذلك يحتدم الجدل حول مصير عملية الانتقال السياسي الحالية، ما بين سيناريوهين متناقضين. أحدهما يرى أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية في حال إجرائها ستشكل نقلة نوعية في مسار الأزمة الليبية، في اتجاه الاستقرار. فيما يرجح الثاني أن تؤدي الانتخابات إلى إعادة إنتاج الصراع المسلح مرة أخرى. ففي ظل إستمرار وجود ميليشيات مسلحة تعمل خارج نطاق القانون والدولة، بل بأوامر وأهواء قادتها، لن يتهيئ المناخ الملائم لإجراء إنتخابات لطالما حلم بها الليبييون بعد ثورة فبراير وإسقاط القذافي. كما أن هناك رأي مستقل تماماً، يقول بأن الإنتخابات سيتم التلاعب بها عبر أدوات الغرب وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية في البلاد. ليتم إنتخاب رئيس موالٍ لواشنطن ويحقق طموحاتها في السيطرة الكاملة على موارد النفط الليبي. فالمبعوث الأمريكي الخاص الى ليبيا ريتشارد نورلاند، أبدى قلقه مرات عدة من تسييس قطاع النفط الليبي، وأكد على وجوب تحييده عن الصراع، عبر خطة إستعمارية طرحها، تخول للولايات المتحدة والغرب التحكم الكلي في موارد النفط، وتوزيعه على الليبيين. وعبر وجود رجل لواشنطن في منصب الرئاسة في ليبيا، سيتعين عليه تمرير أجنداتها، والعمل وفقاً لمعاييرها، لا معايير الوطنية وتحقيق مصالح أبناء الوطن. وبالتالي ستدخل البلاد في نفق مظلم، يأخذها نحو المجهول. فإن الحالة الصعبة التي تمر بها الآن ما هي إلا ثمار سياسة الفساد الذي زرعته الولاياتالمتحدة والغرب عبر أدواتها في الداخل الليبي. وعندما يخرج سياسي رفيع كعضو مجلس الدولة الإستشاري أحمد لنقي ويقول بأنه يستبعد وجود حل قريب للأزمة السياسية في ليبيا، وينفي وجود إرادة وطنية ليبية لدى بعض قادة المشهد السياسي في البلاد، يؤكد على إستمرارية النهج التقسيمي الجاري في البلاد. إلا أن الليبييون كانوا قد خرجوا في مظاهرات عارمة، في مختلف المدن الليبية، مطالبين بإزالة الأجسام السياسية الحالية، التي مازالت تعمل على إفقارهم وتجويعهم. لتركب قوى ظلامية خفية المظاهرات، وتقوم بحرق وتخريب بعض من مقرات الدولة، كمقر مجلس النواب بطبرق، لتؤجج الفتنة وتغذي الصراع، بناءً على أوامر غربية أمريكية، بحسب مختصين. لكن الشرفاء من الليبيين سرعان ما تداركوا الوضع، وبدأوا العمل من جديد على الحوار البناء وعقد الإجتماعات وإقرار القرارات من أجل حماية مصالح الليبيين وتحقيق مطالبهم المحقة. فمجلس النواب مثلاً، كثف من لقاءاته مع المجلس الرئاسي عبر رئيسه المستشار عقيلة صالح من أجل إقرار القانون المنظم للانتخابات والقاعدة الدستورية لإطلاقها.