قال تعالي : (( إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم )) صدق الله العظيم, آية لطالما تناسيناها ولمنا غيرنا علي أخطائنا منذ البداية البداية .... منذ عام تقريبا قامت بتونس ثورة ، وأنا أتابعها علي شاشة التليفزيون تمنيت من كل قلبي أن يقوم في مصر ثورة كهذه الثورة ، ثورة تحارب الفساد المتفشي في المجتمع بأسره ، ثورة علي الظلم ، ثورة علي الديكتاتورية العظمي ، ثورة علي الرشوة والمحسوبية ، ثورة تجعل الناس تقول لأول مرة بعد ثورة 1952 م ((لا)) وكنت بمنتهي الصراحة أشك كل الشك في أن هذا سيحدث وفجأة حدث ما شككت فيه يوما ، وفرحنا جميعا بتنحي الديكتاتور – إن صح التعبير – وبالرغم من العاطفة التي سيطرت علي كثير من المصريين عند حدوث هذا ، لكن مع الوقت فإننا جميعا نشهد بهذا اليوم الذي انكسرت فيه أولى أغلال الدولة وانفرطت فصوص العقد ووقعت واحدة تلو الواحدة ، كل فص يمثل رمز من رموز الفساد الذي كان متفشيا في بلادنا ، سقط (العادلي) البعيد كل البعد عن العدل ، سقط (عز) الذي استولى علي مليارات وبتقشف وضنك الفقراء عاش هو في عز ، .................. إلخ ازدواجية التفكير .... والآن وبعد مرور عام تقريبا علي كل هذه الأحداث إلي أين سارت مصر؟؟!! فلنخرج من هذا السؤال سائلين سؤال آخر إلي أية وجهة تسير مصر؟؟!! وتساؤلات أكثر بكثير تطرح نفسها علي الساحة دونما أي إجابة ، وإن كان هناك إجابة فإنها إجابات محيرة لا تشفي من الداء وإنما تُسكن الألم لفترة من الوقت ، ثم يعود الجرح في التقرح مرة أخري جاعلا الناس تصرخ من الألم محاولة إيجاد طريقة للعلاج وليس للتسكين فقط ، راجين أن يجدوا ما يداوي جراحهم النازفة ، ودماء أولادهم التي لم تبرد حتي الآن ..... وأصبح الناس في حيرة من أمرهم يتساءلون : هل الحل في الانتظار ؟؟!! أم الحل في الغضب والثورة ؟؟!! وانقسمت الأحزاب وانشقت حتي داخل أنفسها ؛ فتنافرت الآراء ، وتناحرت القوي السياسية ؛ فظهرت مصطلحات كثيرة منها ( الغباء السياسي ) الذي – كما أري – هو المسيطر علي الساحة السياسية الآن كما ظهر أيضا ما أسميه ازدواجية التفكير ، ويظهر هذا – كما قلت – في حيرة الناس ما بين الاستقرار أو الغضب والانشقاق حتي داخل الفرد نفسه