لم تكن ثورة25 يناير تعلم إستغلال الأقزام وقليلى المهارات لها بالسطو على كل استحقاقات الموهوبين وأصحاب القُدُرات .. لم تكن ثورة 25يناير تعلم أن من مُلِئت صدورُهُم أحقاداً على الناجحين وذوى الخبرات لضآلة ملكاتهم ومُكناتهم الذاتية سيُطيحون فى كل شىء وبكل شىء انتقاماً لا بناءاً وتشييداً بينما فالخاسر الأوحد هو البُنيان العام لجسد الدولة الذى بات مترهلاً تُحيطُهُ الأخطار .. لم تكن ثورة 25يناير تعلم أن أكبر عملية تصفية حسابات فى التاريخ المصرى ستكون من بعد نجاحها فى اقصاء النظام البائد المُستبد .. وبالتزرُّع بمضامينها الطاهرة وأهدافها المُقدّسة النقيّة .. لم تكن ثورة 25يناير تعلم أنه سيكون من بعد نجاحها القذف والتشهير والسباب والتنكيل جواز سفرٍ لاعتلاء أعلى المناصب والمراكز القيادية .. لم تكن ثورة 25يناير تعلم أن العمالقة سيتراجعون خلفاً بينما سيتقدم الأقزام الصفوف فى أكبر مشهد نحرٍ لرؤوس الكفاءات وخبرات القُدامى بزريعة ان الثورة ثورة شباب .. وكأن الكون لايُبنى الا بسواعد الفتيان القوية دون عقول الكبار وخبراتهم .. وكأنما الدولة لم تكن دولة وكأنما العالم لم يشهد بسيادتها كإقليم وشعب وقانون .. ان الثورة ياسادة لم تأتى لتمحو الماضى بكل تفاصيله .. ولا لتُزيل التاريخ بكل مكوناته لأنه قد حكمه الطُغاة .. فما رأينا ألمانيا بسبب النازية وماجلبته لها من هزائم وبلايا قد محتها من تاريخها بل ولم تزيل من كتب تلاميذها هتلر ذاته اذ التاريخ ملكاً للأمة والأجيال لايحق محوه بجرة قلم حتى ولو كان قلم الثورة والثوار .. وكما أن الشعب ليس كله ملائكة فانه كذلك ليس كله شياطين .. إذ الخير والشر صنوان متلازمان فى كل عصر ومكان .. انكم لن تبنو مصر ياسادة بالانتقام ولكن الدول تُبنى بالصفح .. هكذا علّمنا مانديللا وجيفارا ومارتن لوثر كنج ومن قبل كل هؤلاء نبى الرحمة محمد أول من علّم معانى الصفح للثائرين فعفى عن هند بنت عتبة المحرضة على قتل حمزة بن عبد المطلب أغلى الناس لديه وعالقة كبده فاستقبلها وغيرها من النساء فى بيعة العقبة وقد حسن إسلامها وكذا أسلم قاتله وحشى ذاته من بعد عفو ولى الدم نبى الرحمة عنه فى أعظم صورة للعفو كان هدفه منها بناء الدولة القادمة وليس البُكاء على أطلال الماضى .. لكننا ومن بعد ثورتنا المجيدة وحتى اليوم لانجد غير انتقام فى انتقام .. وتصفيات لحسابات قديمة وقد أمطنا جانباً مصلحة وطننا العليا فلم يتقدم الوطن ولم نسعد بما قدمنا .. اتقوا الله جميعاً وكفى شعبنا ووطننا ودولتنا ومؤسساتها وجهازنا الادارى من دسائس وفتن وشكاوى كيدية هنا وهناك لم تتقدم بها مؤسساتنا ولم تنهض وسنظل ان بقينا هكذا سُجناء لمرحلة عهدٍ قد ولّى وقد قفز على الأعناق من هم أنصاف الرجال فى زمنٍ فيه قد إستأسد الأقزام ..