منذ مدة وأنا أفكر في كتابة مقالي هذا، وفي كل مرة كنت أتراجع وأتوقف عن مواصلة مقالي خوفًا من تهجم وتهكم البعض من رجالات الاعلام العربي لأنهم ما زالوا يعتقدون أن ما وصل إليه الإعلام العربي يعد ثورة كبيرة وحرية واسعة الافاق والرؤى… إلخ، لكن لم يعد لي بال من كثرة التفكير وقررت طرح الموضوع والفكرة. فاعتقادي أنه حان الوقت لإعطاء الإعلام العربي وكافة القنوات والإذاعات الإخبارية والسياسية منها، وحتى كافة المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي إجازة مدفوعة الأجر مدة شهر على أقل تقدير لإعطاء النفس بعض الهدوء والسكينة واسترجاع الأنفس قليلًا فالأمور لم تعد تحتمل الفوضى التي تعم المنطقة العربية من مغربها إلى مشرقها من محيطها إلى خليجها، والسبب كما أعتقد هو الإعلام ورجالات الإعلام والسياسة المغذى الرئيس لكل هذه الاحتقانات الشعبية. منذ تعرفنا على هذه القنوات، وتلك الوسائل العصرية الحديثة والأمة العربية في حالة من الغليان، ما ينفجر الشعب التونسي حتى انفجر الشعب المصري وتلاه الليبي واليمني والسوري واليوم السوداني والجزائري فوضى خلاقة في تدمير الشعب العربي في كل مكان تأكل الأخضر واليابس، وللأسف إعلامنا المطبل والمغذي لهذه الصراعات، وكما يقال مصائب قوم عند قوم، فالإعلاميون ورجالاته مستفيدون ماديًا دون إدراك خسارتهم المعنوية لأمتهم وموطنهم وبلدانهم، فالكل أصبح في الهوا سوا، إعلامي (يشتم في بلد إعلامي)، بل الأدهى أن إعلاميي البلد الواحد أصبحوا يشتمون بعضهم البعض لاختلاف وجهات النظر وربما أشياء أخرى. قنوات لضرب النسيج وزرع الفتن ماهية القنوات العربية ما هدفها وما محتواها؟ قنوات أصبح غالبيتها قنوات طائفية ومذهبية ومناطقية وحزبية تعمل لصالح جهات خارجية، وما لا يفهمه أحد لماذا أستطاعات بعض القنوات العربية الحصول على ملفات ووثائق سرية جدًا عبر أجهزة استخبارات عالمية، إلا لسبب إذكاء الصراعات والفتن بين البلدان العربية نفسها، ولماذا قناة دون قناة أخرى؟ وبقية القنوات والمواقع خاوية المحتوى أمام لهو ورقص وأفلام وأغاني ورياضة ومسابقات وبرامج فارغة لا تحتوي على ما ينفع المشاهد، بل الأغرب قنوات عربية تبث ولا تجد متابعًا لها سوى صاحبها ومالكها، والأدهى حينما يتباهى مسؤولو الإعلام أن هنالك أكثر من 1230 قناة تبث في الوطن العربي بلا سياسة واضحة، ولا هدف، ولا محتوى، ولا شيء، يعطينا أملًا بأن الإعلام العربي يسير في الطريق الصحيح خدمةً وتوعية وتوضيح وتعليم وتثقيف المشاهد العربي فقد انزلقت معظم القنوات بعيدًا عن الالتزامات المهنية ليمتد موضوع حرية القنوات الفضائية والانفلات في خطابها الى العديد من الدول العربية حيث توجه أصابع الاتهام إلى وسائل الإعلام بعدم الحيادية والابتعاد عن المهنية وخصوصًا مع انتشار المئات من الفضائيات العربية محولة الإعلام الفضائي إلى معركة بين سياسات وطوائف مختلفة بسبب تبنيها وجهة نظر طرف معين. الحل بيد القادة العرب وأعتقد مما لاشك فيه اليوم أن الضرورة تحتم على القادة والساسة العرب اتخاذ قرار عربي شجاع. لن أقول بإغلاق القنوات والإذاعات العربية وحجب لكافة وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما إجازة محددة وحجب مقنن لفترة وجيزة، وليكن شهرًا واحدًا سيرى الجميع كيف ستهدى الأمور وتعود المياه لمجاريها وتعود الحياة لسلاستها وبساطتها وسيتقبل آخرنا الآخر، وتدوم المحبة بين الجميع لا فرق بين احد الكل سواسية في حق العيش بكرامة وإنسانية في وطنه وبلده وأمته الكبيرة، بل حتى ولاة الأمر ستسود بينهم الألفة والمحبة والاحترام المتبادل وتفتح صفحة عربية جديدة في الانطلاق بيد واحدة لما فيه خير الأمة. خالد احمد واكد 25/7/2019