توجيهات مهمة لرئيس الوزراء بشأن طرح وحدات سكنية لمحدودي الدخل (تفاصيل)    أحمد موسى: المنطقة تشهد ظروفا صعبة لكن مصر تنعم بالأمن والأمان    سناتور أمريكي: إسرائيل استخدمت قنبلة أمريكية الصنع لقتل نصر الله    روسيا تعلن صد محاولات أوكرانية لاختراق الحدود على محور "كورسك"    ديربي مدريد.. جريزمان أساسيا في تشكيل أتلتيكو لمواجهة الريال    غدا.. وقف رحلات البالون الطائر بالأقصر بسبب سرعة الرياح    مصرع شخص بطلق ناري في مشاجرة نشبت بين عائلتين بالفيوم    جمهور طنطا يلتف حول زينة أثناء تصوير فيلم «بنات الباشا» وزينة تشكرهم على استضافتهم    وزير الثقافة يتفقد معرض الصحفيين للكتاب ويفتتح حفل توقيع ديوان جمال بخيت    لأول مرة في السوق المصرية.. «هواوي» توقع شراكة مع «طلعت مصطفى» لتقديم خدمات التكنولوجيا السحابية للمدن الذكية    مستشار البنك الدولي السابق: الدعم العيني هو الأفضل لمصر بشرط    صحفيو إيطاليا يكشفون عن مرشحيهم لحصد الكرة الذهبية (خاص)    مستشفى لا ملهى !    رئيس منطقة الإسكندرية الأزهرية يطلق مسابقة "نحلة التهجي"    خدمة جديدة على القطار الكهربائى بداية من الثلاثاء    رئيس مياه الشرب بسوهاج يتفقد محطة غرب للتأكد من صيانتها    وصول طائرة مساعدات أردنية إلى لبنان    مهرجان الجونة السينمائي يكشف عن بوستر دورته السابعة | صورة    100 ألف.. فيلم "عنب" يتراجع في تحقيق الإيرادات    هل يجوز السفر لتشجيع فريق رياضى بغياب من العمل؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    1640 شهيدا و8408 مصابين جراء عدوان إسرائيل على لبنان منذ أكتوبر الماضي    أجواء معتدلة على مطروح والساحل الشمالي والحرارة 30° والرطوبة 50٪.. فيديو    السيطرة على حريق محدود فى محطة وقود بالشرقية    "تنشيط السياحة" بالإسكندرية تنظم احتفالية اليوم العالمى للسياحة    رشوان: الرئيس يجدد مطالبته للحوار الوطني بإيلاء الأولوية لقضايا الأمن القومي    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    رمضان عبد المعز: الله سبحانه وتعالى يكره هذه التصرفات من عباده    نائب محافظ قنا يشهد فعاليات "بداية" للكشف المبكر عن سوء التغذية بالمدارس    وزير المالية لممثلي المجتمع التجاري والصناعي: نمد إليكم «يد الثقة والشراكة والمساندة» بحلول عملية توفر حلولا متكاملة للتحديات الضريبية    مفتي الجمهورية ينعى شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم    طبيب قلب: تجنب التدخين والوزن المناسب والرياضة حلول تمنع تصلب الشرايين    حملة مكبرة لإزالة أماكن النباشين بمدينة الإسماعيلية    ميكالي يوقع عقود تدريب منتخب الشباب.. ويتفق مع اتحاد الكرة على تفاصيل المرحلة المقبلة    دون جراحة، مستشفى ملوي تنجح في علاج حالة سرطانية نادرة (تفاصيل)    بنتايك: حصد السوبر الإفريقي شعور لا يوصف.. والقادم أفضل    تعرف على إجراءات التقدم بطلب لشركة المياه لنقل ملكية العداد    وزير الطاقة الإسرائيلي: نبحث عن ثغرة لإلغاء اتفاق الغاز مع لبنان    لمسات فنية.. معرض تشكيلي في ختام النشاط الصيفي بالإسماعيلية    بينها رفعت عيني للسما.. 12 فيلما تشارك في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة السابعة لمهرجان الجونة    هل قصد ناصر منسي الرد باحتفاله على رامي ربيعة وعمر كمال؟.. اللاعب يوضح    الأمانة العامة بالنواب تخطر الأعضاء بجدول الجلسات البرلمانية    ضبط مواد غذائية مجهولة المصدر بحملة تموينية فى العاشر من رمضان    رئيس حزب الاتحاد: الشرق الأوسط ينزلق إلى حرب شاملة    مدير إدارة حدائق أكتوبر التعليمية تتفقد انتظام سير الدراسة بعدد من المدارس    ماء الليمون الأبرز.. 6 مشروبات صباحية لتقليل الإمساك وتحسين الهضم    سيارات تويوتا وجيب وبيجو للبيع في مزاد علني.. الشراء بالرقم القومي    احذر.. حبس وغرامة مليون جنيه عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص    متفوقة علميًا وطيبة السمعة، الإدارية العليا تلغي استبعاد فتاة من وظيفة قضائية    الرئيس السيسي: ندير أمورنا بشكل يحفظ أمن واستقرار بلادنا والمنطقة    بعد أحداث السوبر الأفريقي.. الأهلي يوقع عقوبة مغلظة على إمام عاشور    لتهالكها.. رفع 49 سيارة ودراجة نارية من الشوارع خلال 24 ساعة    إصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص أمام مدخل الجبلاو بقنا    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    رئيس أكاديمية الشرطة: الرئيس السيسي يقود مسيرة البلاد نحو التنمية والتقدم    توزيع 1000 شنطة سلع غذائية على الأسر الأولى بالرعاية في كفر الشيخ    الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية بالتعاون مع الجمعية المصرية للشعب الهوائية    أول تعليق من هانز فليك بعد رباعية اوساسونا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة أخيرة على نعش إحتجاجات البصرة
نشر في شباب مصر يوم 19 - 10 - 2018

قال الهمذاني" هذه البَصْرَةُ مَاؤُهَا هَضُوم، وَفَقِيرُهَا مهضوم، والمرء مِن ضِرْسِه في شُغْل، ومِن نفسه في كَل". (مقامات الهمذاني/ المقامة البصرية).
في مقال سابق تحدثنا بصراحة عن تظاهرات البصرة التي لم يتعدى عدد المتظاهرين عن بضعة مئات من البصراويين، وقلنا انها ستضمحل كالسراب دون أن تخلف شيئا ورائها حالما تسطع شمس الحقيقية، وتتكشف النتائج للعيان. وما شهدناه من رؤساء العشائر بإعتبارهم قادة التظاهرات كما زعموا خلال تصريحات تلفازية تثير الدهشة والإستغراب لأنها صبت في حيز الإيمان المطلق بالعملية السياسية وعدم الرغبة بالخروج عنها، كأن مشكلات البصرة ليست وليدة تلك العملية السياسية الفاسدة وإنما هي وليدة شياطين ومردة جاءوا من عالم آخر، كان التركيز على مسألة الماء والتعيينات بإستثناء صرخات محدودة من هنا وهناك تجاوزت سقف طلبات رؤساء العشائر، ولا قيمة لها على أرض الواقع.
كان الغرض الرئيس من التظاهرات كما تبين فيما بعد أمور لا علاقة لهما بتوفير الخدمات والتعيينات ولا عسرة المياه ولا حالات التسمم، والدليل على صحة كلامنا إنه مع إنتهاء الإحتجاجات ما تزال العسرة في الماء، وما تزال حالات التسمم مستمرة، وما تزال الخدمات غير متوفرة، والتعيينات متوقفة، فلماذا توقفت الإحتجاجات إذا كانت المشاكل مستمرة بلا حل؟
المنطق يقول بإستمرارية التظاهرات لحين تحقيق أهدافها، وتوقفها إنما يعني تحقيق طلبات المتظاهرين كافة، وهذا ما لم يحدث.
لكن ما الذي تمخضت عنه إحتجاجات البصرة؟
1. إسقاط رئيس الوزراء حيدر عبادي من الولاية الثانية من خلال تبيان تقاعسه عن حل مشاكل البصرة الرئيسة، رغم محاولته ان يبرر موقفه خلال آخر جلسة للبرلمان حضرها، وتشاجر فيها مع محافظ البصرة، علما أن الأخير ومن سبقه من المحافظين هم المسؤولين المباشرين عن مآسي البصرة، والغريب انه تم طرح إسم المحافظ كأحد مرشحي رئاسة الوزراء، قبل أن يُكلف عادل عبد المهدي بذلك!
إن تسقيط صورة حيدر العبادي كانت رغبة إيرانية ملحة بعد أن أعلن بصورة ناعمة انه سيتماشى مع العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني على الرغم من عدم إيمانه بالعقوبات والحصار الإقتصادي عموما لأنه يضر الشعوب وليس الأنظمة الحاكمة، وعلى الرغم من إلتفافه عن كلامه بعد ذلك نتيجة ضغط الأحزاب الشيعية التابعة لإيران ومحاولة التنصل من وعوده، لكن ذلك لم يشفع له عند نظام الملالي وأذرعها في العراق، فبقي محصورا في عنق الزجاجة الإيرانية ولم يستطع الخروج منها.
لا جدال ان ضعف وتردد العبادي كانا السبب الرئيس في تسقيط صورته، فقد قدم المساعدة لكل من يريد أن يسقطه بغباء منقطع النظير، ولم يتمكن من الدفاع عن نفسه ليس أمام الرأي العام والمحلي فحسب، بل أمام ممثل الخامنئي في العراق الذي الهبه بسياط من نيران الإهانة على الرغم من ان الأخير ليس عنده إقامة في العراق ولا حصانة ولا أي منصب رسمي، وموقفه من العبادي لا يتناسب مع أصول الضيافة ولا علاقات حسن الجوار، لكن العبادي بلع الإهانات على الريق، إهانات ولاية الفقيه هي الإهانات التي يتقبلها جميع المسؤلين في العراق شيعة وسنة دون إعتراض أو إحتجاج.
2. تشكيل الباسيج البصراوي (قوات التعبئة الطوعية) تشبها بالبسيج الإيراني في حالة غريبة وشاذة، كأن البصرة خالية من الجيش والشرطة والجهات الأمنية والحشد الشعبي. فقد أعلن في 15/9/2018 عن تشكيل عشرة الوية (حوالي فيلق) كوجبة أولى لمساندة الحشد الشعبي. ولا نفهم لماذا لم تنضم هذه الألوية العشرة الى الحشد الشعبي بدلا من تشكيل هيئة جديدة؟
ومن سيمول هذه الألوية؟
ومن الذي سيسلحها؟
وما هو الغطاء الدستوري والقانوني لتأسيسها؟
هل يمكن لأية جهة في العراق ان تؤسس قوة عسكرية خارج القانون دون موافقة البرلمان والحكومة؟
ولماذا لم يعلق البرلمان والحكومة على هذه الألوية سلبا أو ايجابا لنعرف الموقف الرسمي منها؟
وأخيرا ألا تكفي الميليشيات والمافيات والعصابات التي تملأ البصرة لإضافة واجهة أخرى للإرهاب والفساد؟
يبدو ان الصمت الرسمي الذي يقف وراء هذه الظاهرة هو معرفة الجميع ان هذه الألوية عبارة عن أذرع جديدة لولاية الفقيه في العراق، ولا أحد يجرأ على التطرق اليها. بلا أدنى شك ان الذكاء الإيراني الخبيث إستغل حالة البطالة المتفاقمة للشباب في البصرة، فأخرج لهم منفذا جديدا للإنخراط في الباسيج الجديد بدلا من وظائف الحكومة المرتقبة، ومن الطبيعي ان يستغل العاطلون عن العمل والفقراء أية فرصة للحصول على عمل ما يدر عليهم دخلا بغض النظر عن نوعه والجهة المستفيدة. لكن الذي لم يفكر فيه أهل البصرة هو ان غلق التعيينات في وجوههم وغيرهم في محافظات الجنوب الغرض منه بقائهم ضمن تشكيلات الحشد الشعبي، لأنه في حال توفير التعيينات سيترك معظم عناصر الحشد عملهم العسكري ويشغلوا التعيينات المدنية، لأنه لا أحد يجهل ان تشكيلات الحشد تتكون من العاطلين عن العمل والفقراء وبعض الجهلة المغرر بهم طائفيا.
3. التفرد بالبصرة وإبعاد الامريكان عنها. حاولت القيادات الشيعية الموالية لإيران في البصرة إلصاق مسؤولية الإحتجاجات بداعش اولا، ومن ثم المندسين (أي أهل السنة)، من ثم البعثيين، وبعدها دول الخليج وأخيرا بالقنصلية الأمريكية، إصابع الإتهام البصراوية يوجهها بالطبع نظام الملالي في طهران وليست إرادتهم. فالبصرة ولاية تابعة لإيران ولا أحد يجهل هذه الحقيقة، والبصراويون عموما قيادات وزعامات وأفراد أهوائهم مع ولاية الفقيه، ما عدا شرائح قليلة لا قيمة لها ولا وزن على المشهد السياسي البصراوي. ويكفي ان نذكر القاريء بأن مكان في البصرة تبول الخميني فيه وتوضأ ارادوا ان يجعلوه مزارا شيعيا مقدسا، جاء في الخبر" ناشد أهالي قضاء سفوان الحدودي في محافظة البصرة الجهات المعنية لعدم تنفيذ القرار الذي اقترحوه حول بناء ضريح للخميني في ظل نقص الخدمات الأساسية في قضائهم. وطالب اهالي القضاء في تظاهرة لهم في 6/1/2018 : في مكان خاوي عبارة عن مكب للنفايات حاليا يقال أن الخميني توضأ في هذا المكان.وعبروا الاهالي عن رفضهم لبناء ضريح للخميني في هذا المكان الذي شاع أنه توضأ فيه. واكدوا في تصريحاتهم بأن كل المسلمين يتوضؤون، فلماذا وضوء خميني يكون مزارا؟" لا تعليق!
ولأن البصرة ساحة خلفية لإيران وتكمن أهميتها في إنها حلقة الوصل مع دول الخليج من جهة، علاوة على إهميتها الستراتيجية كمنفذ بحري وحيد للعراق، وانها مصدر الدخل القومي الرئيس في العراق من جهة أخرى، فإن نظام ولاية الفقيه لا يقبل أن ينافسه أحد في هذه الولاية الغنية بمواردها، سيما إنه ضَمنَ أهواء أهالي البصرة، وأجرى تجارب عدة لتحديد بوصلة ولائهم، والتثبت من هذا الولاء. فقد قطع عنهم الكهرباء، وقطع عنهم مياه نهر الكارون وروافد أخرى، وسيطر على مقدرات المحافظة الإقتصادية، وملأ المحافظة في الميليشيات والمافيات، ولوث أرضهم ومياههم عبر عمليات البزل ورمي مخلفات المعامل الإيرانية في شط العرب دون أن يعترض أهل البصرة.
بل حتى في تظاهراتهم لم يتطرقوا الى هذه الأعمال العدائية من الجانب الإيراني، إنه ولاء لا مثيل له أقنع نظام الملالي بأن البصرة وأهلها ضمن ولايته الفقهية والسياسية مهما فعل ضدهم. ولا بأس أن تُرفع شعارات مفردة هنا وهناك ضد ايران، او حرق القنصلية (بعد تفريغها من الموظفين والملفات) كدعاية اعلامية لإثارة مسألة التعاطف محليا وعالميا، وتبرير الرد بالصواريخ على القنصلية الأمريكية في البصرة.
إذن لا بد من إستئصال النتوء الأمريكي في البصرة وتهيئة الأرضية الملائمة لتلك العملية، وفعلا تم أغلاق القنصلية الأمريكية في البصرة بعد القصف الصاروخي من قبل المليشيات التابعة لولاية الفقيه، وإنفرد الولي الفقيه بالبصرة ومقدراتها كافة، سيما النفط والمنفذ البحري الوحيد.
كلمة أخيرة لأهل البصرة من أتباع ولاية الفقيه فقط، وليس الشرفاء والنجباء المخنوقة أصواتهم بقبضة الميليشيات الإيرانية.
كتب علي بن أبي طالب إلى بعض ولاته " بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله على أمير المؤمنين إلى عبدالله بن عامر، أما بعد فإن خير الناس عند الله عزوجل أقومهم لله بالطاعة فيما له وعليه وأقولهم بالحق ولو كان مرا فإن الحق به قامت السماوات والارض ولتكن سريرتك كعلانيتك ، وليكن حكمك واحدا وطريقتك مستقيمة فإن البصرة مهبط الشيطان فلا تفتحن على يد أحد منهم بابا لا نطيق سده نحن ولا أنت والسلام". (بحار الأنوار/باب11).
ولنا عودة حول تشيع البصرة.
علي الكاش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.