لا شك أن الأحداث التي مرت بها سوريا في الآونة الأخيرة تثبت لنا على وجه الحقيقة و الصحة و اليقين ، أن سوريا واجهت قيادة وشعبا في الأشهر الأخيرة المنصرمة أعتا و أعقد مؤامرة تحيكها و تدبرها دول الغرب ضدها ... و على رأس هذه الدول .. أمريكا ، و من ورائها إسرائيل و الدول العربية المتحيزة لمشروع الهيمنة الأمريكية في البلاد العربية و تحقيق أهدافها في خلق شرق أوسط جديد يتواءم مع مصالحها الإستراتيجية في الشرق الأوسط و يضمن بقاء و سلامة دولة الكيان الإسرائيلي فوق الأراضي العربية المحتلة . و حقيق في غضون هذه الظروف العصيبة أن يأتي خطاب الرئيس الأسد (10/1/2012) في زمانه و مكانه رداً قوياً و صارخاً و واضحاً في وجه هذه الهيمنة الغربية و الأمريكية التي تحاول فرض نفسها و نفوذها و قوتها في منطقتنا العربية ... و واضعا علامات استفهام كثيرة حول من يسمون أنفسهم بالمعارضة السورية ، أو ينعتون أنفسهم بأنهم أقطاب الثورة السورية الساعية إلى قلب النظام على غرار ما حدث في بعض الأقطار العربية ... و لعل أهم ما يمكننا ملاحظته في خطاب الرئيس الأسد هو الإصرار و التأكيد و الثبات على المبادئ القومية و الوطنية التي تفرض سياجا منيعا حول سيادة الدولة و استقلالها و ممانعتها عن قبول أي تدخل خارجي في سياساتها الداخلية و الخارجية ، أو بسط أي نفوذ غربي أو أمريكي على استقلاليتها في القرار السياسي حول القضايا العربية و القومية الإستراتيجية ... و لم يكن قبول الحكومة السورية بالمبادرة العربية , و سماحها بدخول فريق المراقبين العرب إلى أراضيها إلا لتقديم البرهان القاطع للأشقاء العرب و للعالم أجمع على أن الشعب السوري يقف بثبات و إصرار حول قيادته الحكيمة ، و يلتف حول رئيسه بكل اعتزاز و محبة و إخلاص و وفاء ... و لا يرضى بالانجراف في منزلق الفوضى السياسية ( تلك التي يسميها الغرب بالفوضى الخلاقة ) التي تجر البلاد و العباد إلى الهاوية و المهالك .. و تلقيها في أتون يأكل الأخضر و اليابس من الإمكانيات و المواهب و الاستعدادات الخلاقة ... و يقوض أمن و استقرار البلاد و أمانها ... هذه القيم و الضروريات الاعتبارية و الجمالية التي يندر وجودها في أي دولة على وجه البسيطة اليوم إلا في سوريا ..! و عودة إلى خطاب الرئيس الأسد ، نؤكد على الموقف القومي العظيم الذي جسده في خطابه مذكرا العرب (المستعربين ) على أن سوريا قلب العروبة النابض ... و العرب بلا سوريا كالجسد بلا قلب يحييه و يضخ الدماء الحية في عروقه و أوصاله .. و أن سوريا لا تتنازل لأحد عن كرامتها و سيادتها الداخلية و الخارجية في مواكبتها للظروف الراهنة التي لم تكن لتظهر على مسرح الأحداث لولا نسج خيوط المؤامرة التي دبرت بليل بين القوى الامبريالية الغربية و بعض الأنظمة العربية الرجعية الموالية للغرب بعد أن سقط القناع عن وجهها على نحو سافرو مسير للجدل ..! و خصوصا الأنظمة العربية الخليجية ( و على رأسها دولة قطر ) التي أصبحت الآن أداة لتمرير المخططات الامبريالية و الأمريكية في الدول العربية الممانعة للمشروع الأمريكي الصهيوني ، و لا تتخلى عن مواقفها من القضية الفلسطينية و تمسكها بحقوق الشعب الفلسطيني و تأكيدها على أن إسرائيل كيان محتل و غاشم . و لعل القيمة الوطنية العليا التي جسدها خطاب الرئيس الأسد بكل جدية و منطقية ، هو تأكيده على أن أيدي الحكومة السورية ممدودة في كل وقت و آن لكل معارض سوري شريف يسعى نحو الإصلاح و التغيير على أن يتم ذلك بآليات و خطط عمل سياسي لا يمس سيادة الدولة و القانون ، أو ينال من مصالح الشعب السوري بكل فئاته و أطيافه السياسية ... و فعلا أثبتت لنا هذه المرحلة أن خطط الإصلاح السياسي و الاقتصادي أصبحت سارية المفعول ... و نفذ قدر كبير منها .... و لكن و يا للآسف كثير من المتآمرين أو من المغرر بهم من أبناء الشعب السوري يعمون أبصارهم و يستغشون ثيابهم ، و يركبون أمواج الفتنة الهوجاء التي يسعى إلى خلقها أعداء الشعب السوري .... و لا يحاولون رفع رؤوسهم ليروا الشمس واضحة في رابعة النهار ..! و أخيراً لا آخراً .. نقول بكل اعتزاز و فخر ومحبة و ولاء : أن المبادئ و القيم الوطنية و القومية التي جسدها خطاب الرئيس الأسد تؤكد أنه رئيس و زعيم سياسي من الطراز النادر ... و بأن سوريا ليست لقمة سائغة بين أنياب الأطماع الغربية و الامبريالية يحلو لها أن تقلبها كيف شاءت ..! و متى شاءت ..! و إنما هي دولة قوية و ممانعة و أن النظام السياسي فيها يقف على أرض صلبة و قوية و منيعة لأنه يستمد شرعيته من الشعب ... و الشعب وحده .. و من الصعب أن تزعزع صموده و ثباته الرياح العاتية من أي جهة هبت أو زمجرت و أن الأيام الآتية ستثبت لنا صحة ما نقول ... و ستنتصر سوريا .. و ستبقى إلى الأبد قلب العروبة النابض كما سبق و أكد من قبل زعيم الأمة العربية في العصر الحديث الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله تعالى عبد الرزاق كيلو [email protected]