كنت أهرش في قفاي وأنا أشاهد أحد البرامج التي استضافت أحد المرشحين لمجلس الشعب الشيخ الشحات .. كان يقول بكل جدية وهو شخص جاد لا يجيد النكات أو المزاح: "الديموقراطية ليست فقط حرام ، بل كفرٌ بيِّن" .. حمدت الله أنني لست ديموقراطي .. ولكن ماذا أفعل في أصدقائي ؛ فأغلبهم – والعياذ بالله – ديموقراطيون لم يهدهم الله بعد ولم يتذوقوا حلاوة الديكتاتورية ونعمة الرأي الواحد. ولكن لحظة! .. لماذا لم أفكر لحظة في أن أكون ديموقراطي؟ .. ولماذا الديموقراطية كفر؟ .. لقد كانت مطالب الثوار وهتافاتهم تدعوا للديموقراطية والدولة المدنية ، وهكذا كل المثقفون وأحزاب مصر ما عدا أحزاب الأخوان والسلفيين ... هل لأن كلمة "ديموقراطية" كلمة مُعربّة فكريهة عند المتأسلمين؟ .. أم أن السبب الأساسي ه ... (تظهر حتشبسوت). - بتفكر في أيه يا حبيبي ؟! - يخرب عقلك ، حبيبي أيه وبتاع أيه ، وأيه اللبس إللي إنتي جايه بيه ده .. هتوديني في داهية يا أخت حُتحُت .. طب احترمي الراجل إللي في التلفزيون قصادك .. إنتي مش عارفة إن مجرد صوتك عورة ، ما بالك بقى ريحة البرفان إللي تجنن ، ولا شعرك السايب إللي بيجر ع الأرض ، ولا التبرج إللي إنتي فيه اللهم ما احفظنا .. أيه حكايتك! .. إنتي ديموقراطية ولا أيه؟!! - وحشتني قوي. - طب وطي صوتك .. إستني لما أطفي التليفزيون أحسن الشاشات ليها ودان .. فينك يا بنتي ، ده أنتي إللي وحشتيني جدًا ومش عارف اكتب حاجة من غيرك .. ده صديقتنا أمل كل شوية تقولي سلملي على حتحت ، وأنا أقولها طبعا طبعا ، وإنتي في الأساس مطنشاني ع الآخر .. خليتي رقبتي قد السمسمة .. القصد ، هي الديموقراطية ليه كفر. - ههههههه .. هل تمازحني. - لأ .. ده أونكل إللى في التلفزيون كان بيقول كده .. وشكله مش بيهزر. - أنت عاشق لعلم الاشتقاق ؛ فماذا تعني الكلمة؟ - أنا عارف إنها يونانية الأصل مُركّبة منΔήμος "ديموس" بمعنى (الشّعبٌ) ، ومن κράτος "كراتوس" بمعنى (حُكْمٌ). يعني الديموقراطية (حكم الشعب) ، ولأن الشعب يمثله الشباب ، والشباب تافه ومتخبط – زي ما بيقول الراجل ده - فيمكن عشان كده حرام؟!. - في البداية الكلمة مصرية أصيلة ، لأن Δήμος "ديموس" ، أصلها "ديمو" المصرية القديمة بدون الزيادة اليونانية ، وكانت تعني عندنا (الكُلّ ، النّاسُ جَميعًا ، الشّعْب) (Fr. P.299) ، والثانية κράτος "كراتوس" بمعنى (حُكْمٌ) وأصلها "كرت" ، مأخوذة من "تقن" المصرية القديمة بمعنى (حُكُم ، سيطرةٌ) (Bdg. P.845). وقد تحولت "تقن" بالإبدال إلى "قنت" ثم "قرت" ، ونحن منبع الديمقراطية كما أوضحت لك في عدة مناسبات ، ولا أريد أن أعيد عليك قصة (الفلاح الفصيح). - طب أمال ليه الديموقراطية كفرٌ بينٌ؟ - هذا مربط الفرس .. الدولة الديموقراطية هي الدولة التي يكون فيها نظام الحكم للشعب ؛ أي أنه المصدر الوحيد للسلطات ، بما فيها السلطة التشريعية ؛ فإذا انتزعت هذه السلطة من الشعب وأعطيتها للأخوان أو السلفيين صارت دولة دينية. - مش فاهم ، هما مش الأخوان والسلفيين دول شعب أو من الشعب؟! - لو قرأت مقال مصر مرجعيتنا للكاتب أحمد عبد المعطي حجازي ، بجريدة الأهرام بتاريخ 7 ديسمبر 2011 ، ستجده يقول مفسرًا: أن الجماعات الدينية ترفض الدولة المدنية لأن معناها السلطة المدنية التي لا يستأثر بها حاكم أو فرد أو جماعة مهما تكن الحجج والإدعاءات .. والجماعات الدينية تريد أن تستأثر بالسلطة. - بس أنا بشوف رأي يقول دولة مدنية بمرجعية دينية تكون الشريعة هي المصدر الرئيسي لقوانيها. - يجيبك نفس المقال قائلاً: كيف يمكن أن يجتمع هذا الشرطان المتناقضان في دولة واحدة؟ الديموقراطية والمرجعية الدينية؟ وما هي الدولة الاسلامية التي جمعت بينهما؟ هل هي دولة طالبان في أفغانستان؟ أم دولة الآيات والملالي في إيران؟ أم دولة الوهابيين في السعودية؟ أم دولة العسكر في السودان؟ .. هذا الشئ وعكسه (إما الشعب يقول) أو (الله يقول) وطبعًا الله يقول بإعطائه تفويض لجماعة بعينها تعرف مقاصده. - يعني الخلاصة ، الديموقراطية حلال؟ - بالطبع لأ .. هل تريد أن تشوه صورتي!. - هههههه .. طب كام بيت الشعر بتوع كل مرة. - سامحني .. مستعجلة قوي عشان كنت طالبة من النحات ست تماثيل اربعة في ستة للتقديم (تختفي حتشبسوت). - تماثيل أيه .. ده احنا لسه هنشرب الشاي ... سامح مقار 9 ديسمبر 2011