في كل يوم وفي كل دقيقة وفي كل مناسبة تقوم حركة حماس بنشر بذور الثقة بينها وبين كل من وقف معها وكل من وقف ضدها وكل من أساء إليها أو أساءت إليه من خلال التصريحات التي تفيد بذلك أو ومن خلال المرونة بالمواقف السياسية ومن خلال تسويق نفسها على أنها ليست من أتباع الإسلام المتشدد بل هي أصبحت حركة سياسية تحاول تطبيق النهج الإسلامي على نفسها وتخلت إلى غير رجعة عن النهج الذي كانت تعمل عليه وهو الحكم بطريقتها العقائدية على بقية الرعية التي تحكمها أينما استطاعت ذلك ومهما كانت ميول بقية الفصائل والجماعات السياسية التي تخضع تحت حكمها, وهنا نقول أن حركة حماس من حقها أن تفعل ذلك ومن حقها أن تتكيف مع الواقع ومع الوضع الدولي الجديد ومع التجربة التي خاضتها من خلال فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية والتي اتاحت لها أن تكون في تجربة الحكم بشكل عملي بعد أن نفذت الانقلاب على الشرعية عام 2007م, وهو الأمر الذي جعلها ورغما عنها تعيش تجربة الحكم بشكل مباشر ومن ثم المسئولية الكاملة عن الأوضاع في قطاع غزة ودون أن تعلق العديد من أخطائها القاتلة على السلطة الوطنية, وبذلك نرى أن حماس اليوم تختلف وبشكل جزري عن حماس الحركة المقاومة التي كانت متحللة من أعباء الحكم والردود الإسرائيلية القاتلة التي كانت تتلقى ضرباتها ونتائجها السلبية السلطة الوطنية دون أن تبدي هذه الحركة أي نوع من المسؤولية الوطنية بحكم تعريف نفسها على أنها حركة مقاومة أو أنها معارض أصيل لا يجب أن يخرج منه سوى كلمة أنا اعترض وبعدها فليذهب العاملين على إدارة الحكم إلى الجحيم ودون تقديم البديل ولا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالنتائج. اليوم حركة حماس تحاول التصالح أو تستجدي التصالح مع جميع الدول العربية والإسلامية والإقليمية ووصلت إلى حد مد جسور الثقة بينها وبين الإدارة الأمريكية من خلال الرسائل العديدة ومن خلال علاقة النظام القطري مع جماعة الإخوان المسلمين ومعها وأيضا ذلك لا يعيبها على الإطلاق وهذا يدل على وعي سياسي استطاعت حركة حماس أن تصل إليه بعد التجربة الغزية في إدارة الحكم هناك, وها نحن نرى وبشكل واضح كيف أنها تحاول إعادة الثقة الضائعة مع النظام الأردني رغم كل الشوائب والخطايا التي رافقت هذه العلاقة من أيام الراحل الملك حسين رحمه الله, وهي بذلك على استعداد لنسيان الإبعاد واعلق مكاتبها السياسة على الأراضي الأردنية وعلى أمل الرجوع إلى عهدها القديم ولكن بعقلية جديدة تتسع لما هو مطروح ولما هو واقعي بعيد عن الشعارات القديمة ومن خلال سياساتها التي باتت واضحة كل الوضوح والتي اختلفت بشكل جزري عن العقلية القديمة, الذي يعيب حركة حماس أنها تسعى للتصالح وبناء جسور الثقة مع كل العالم ومع كل العواصم وحتى وصل الأمر إلى إبرام الهدن مع الاحتلال نفسه دون مقابل والذي من الممكن أن يمتد إلى سنوات عديدة تحت شعار الوقت المناسب دون أن تحاول التقدم ولو خطوة واحدة باتجاه التصالح مع أبناء شعبها ومع الفصائل التي تمثله بل تمثل شريحة واسعة منه وتحديدا حركة فتح, وهنا نقول هل تعتقد حركة حماس أن باستطاعتها أن تحمل وبشكل منفرد الهم الوطني الفلسطيني والقضية الفلسطينية الأكثر تعقيدا في التاريخ المعاصر, وهل تعتقد هذه الحركة أن باستطاعتها العيش والتنفس في حال تصالحت مع العالم بأسره في الوقت الذي تأبى التصالح مع أبناء شعبها للوصول إلى الشراكة في الحمولة الثقيلة التي تحتاج لجهد الكل الفلسطيني, وأخيرا أقول لقيادة حركة حماس إن التاريخ لا يرحم وهو في حالة تسجيل وتوثيق كامل وقد أثبتت الثورات العربية أن الوقود لأي حركة أو نظام حكم هو الشعب وعليكم أن تعتبروا من الرئيس السابق حسني مبارك حيث انه كان يحظى بعلاقة جيدة ومتينة مع الغالبية العظمى من دول العالم وعل رأسها الولاياتالمتحدة وأوروبا وذلك لم يشفع ولم يتيح له أن يستمر في الحكم وذلك لأنه كان يفتقد إلى التصالح مع أبناء الشعب المصري العظيم الذي كان من واجبه أن يتصالح معه قبل قبل كل شيء لأنه وببساطة يمثل الجدار المنيع لأي تهديد خارجي أو قلاقل داخلية ويا رضا الله ورضا الوالدين.