وسط هذا العالم الموحش والصراعات المادية المنهكة والأجساد المخضبة بالدماء تأخذني إنسانيتي برهة ...لا، بل ساعات لأعيش في عام أخر مليء بالحب، مليء بالصدق، بالمشاعر النبيلة. حينها أبحث في قلبِي، في أحشاء عقلي، في داخل إنسانيتي، أجد نفسي شريدا بين الواقع والخيال، لكني أفضل الخيال (ينتصر الخيال بداخلي على الواقع وأهرب إلى الخيال المليء بالحب والحنان والقيم التي كلما تقادم بنا الزمن افتقدناها). في هذا العالم الآخر، روحي تطير بي وتجذبني إلي أعماق نفسي. أجد صديقا يئن بما أتوجع، يبكى لصراخي، يضع يدية في يدي حين تكون الشدائد. (يصدقنى الأقوال بالأفعال). أجد في العالم الآخر حبيبه تسكن بداخلي وأسكن بداخلها. لا تتذوق طعم الحياة دون وجودي بجانبها. طيفها يداعب أحلامي، تحتوني واحتويها؛ حينما تتنفس أشعر بأنفاسها، حينما تهمس تطرب أذني. أجد في هذا العالم أناسا يتعبدون، يتزهدون، يتطهرون بماء الإيمان ومحبه الخالق دون مذهبية تقصم إيمانهم، دون أناس يرتدون ثوبا وطنيا واحدا، دون طائفية تضعفهم. أجد الرحمة فوق الجبروت، العدل فوق السلطات لامكان فية للشر والبغضاء لا مكان فية للحقد وللصراعات الد نيئة ولاللنفوس المريضة. وجدت عالما يتجافى مع هذا العالم المادي المفزع بروحنيات ومشاعر طاهرة؛ عالما نقيّا، لا تخضب فيه الدماء ولا تلوث فيه المشاعر ولا تبرد فيه الأحاسيس. فجأة تصطدم رأسي بصخرة الواقع وأفيق فأرى الحقيقة، أرى الضمائر قد ولّت، والمشاعر قد شاخت والإنسانية أصبحت في خبر كان ..أرى كابوسا من صنع البشر. وللأفكار ثمرات مادام فى العقل كلمات وفى القلب نبضات مادام فى العمر لحظات.. [email protected]