في رحلة مصر نحو الحياة ولأول مرة بعد أن تقاذفتها الأمواج فيما بينها وراحت ترتطم بالصخور التي لم تعرف يوما غير قسوة البحر في عنفوانه وتلاطم أمواجه ونوبات إعصاره وصفعات قسوته على وجهها فتارة تسقط بعض الحصوات من شدة تلاطم أمواجه وتارة تتشقق تلك الصخور وتبدو في مظهر متماسك وتبدوا على سطحه علامات الانكسار وفى لحظات اختلسها الزمن وأراد أن يتصالح معها فأرسل أمواج البحر تتهادى برفق ولين تحن إلى الشاطئ وكأنها تعزف معه سيمفونية عشق وغرام ولكن. لم يمهل الموج الصخور لتهنأ بتلك الموجات الحانية حتى عاد ليقذف في وجهها ثخات الموج العاتية فهاهي مصر تقف بين أبناء شعبها يعتصرها الألم تمزقها الجراح يتهلهل ثوب حيائها ولا تجد من يضمد جراحها الكل يريد منها الكل يطمع فيها الكل يحاول أن ينهش لحمها لم يصبر عليها أحد وتدافعت أمواج أبنائها المقهورين على مدار سنوات اغتصابها كل يريد شيئا من عرضها هي لم تبخل يوما على أبنائها ولم تقسو عليهم سنوات عمرها ولكن أليس من حقها بعد تلك السنوات أن نقف بجوارها نضمد جراحها ونربت على كتفها ونجفف دمعها. أوليس من حقها أن تشعر بيد أبنائها الأوفياء وقفوا معا ليبنوا مجدها ويعيدوا عزها ويستردوا لها كرامتها بعد أن أجبرها المغتصبون على أن تحنى رأسها . تجرعت كأس المر ورفعته بيد الصبر لعلها يوما تجد من يقبل من أبنائها أن يدفع روحه ثمنا لفدائها وحق لها اليوم أن لاتحزن فقد نثر أبنائها ثخات دمائهم على رايتها ليغسلوا عارها بأرواحهم ويظل التحرير يكتب شهادة للتاريخ فلم يعد ميدانا للحرية بل نطق من صمته وقال أنا ميدان الشهيد وفى كل شارع وفى كل بيت ضعوا صورة لكل شهيد. لم تفق مصر بعد من كبوتها وراح الطامعون يجنون ثمارا من دماء الشهداء كل يبحث عن مكاسب شخصية مظاهرات فئوية ووقفات احتجاجية إنها رسالة ظالمة من شعب مقهور تحمل الآلام وصبر على الجوع ولم يعرف الفرق يوما بين مايرتديه في فصل الصيف أو الشتاء توحدت الأشياء واختفت الألوان والآن أين المكاسب والخسائر وأين الغنيمة؟