هنا فى "المقطم" سوف تكتشف أنك تعيش كل المُتناقضات وتعيش الفساد الذى يعيش داخل أركان كثيرة فى أجهزة الدولة الرسمية.. هنا فى "المقطم" سوف تكتشف حقيقة السيد عبدالعظيم وزير، محافظ القاهرة.. وتكتشف حقيقة الفساد الذى وصل "للركب" والذى تحدّث عنه الدكتور زكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية.. وتكتشف أنك تعيش داخل أحد المُحيطات.. الكبير يأكل الصغير.. والغلابة لا مُعين لهم سوى الدعاء.. أو الهروب من جُباة الرشاوى من بهوات الأجهزة التنفيذية التابعين لحى المقطم. كل الخدمات المُقدمة للمقطم لم يستهدف بها فى الأصل المواطنين الغلابة.. إنما كل الخدمات.. وكل الطرق الجديدة فى الأصل مقدمة لشركات الإسكان الفاخر.. خاصة تلك الشركات التى تخدم فيلل وشقق كورنيش المقطم.. هذا الكورنيش الذى تحوَّل إلى بيت دعارة مفتوح "عينى عينك" ويا ويلك وسواد ليلك لو سوَّل لك عقلك المريض أن تطرق زجاج أى سيارة.. فالسيارة كلها فامية.. زجاج أسود فى أسود.. بما يدل على أن الجالس داخل العربة واحد من البهوات الكبار.. والبيه الكبير تأكد أنه غير موجود هنا داخل السيارة إنما الموجود هو ابن سيادته.. وابن سيادته محروس من مئات المحاريس اسم النبى حارسهم وصاينهم.. والمحروس لو سوَّل لك عقلك المريض واقتحمت عليه خلوته داخل العربة ستجده عاريًا تمامًا مع بنت محروسة.. وكلهم محاريس فى بعض.. دعارة.. وخمور.. وحقن ماكس.. ومورفين.. وحبوب هلوسة.. وبلبعة.. وشم.. وكوكايين.. وأيام سودة على عين اللى خلفوهم كل ذلك ستجد آثاره على كورنيش المقطم.. ولذلك أصبح هذا الكورنيش رمزًا أو قلعة من القلاع التى تكشف عن الفساد الذى استشرى داخل المقطم.. وعلى مبعدة يسيرة منك ستجد الغلابة يسكنون.. عشرة أفراد داخل شقة صغيرة لا تتجاوز مساحتها خمسين مترًا.. غلابة.. يبحثون عن لقمة العيش ويدعون الله سبحانه وتعالى أن يكملها بالستر.. والستر مع الأسف فى هذا الزمن الأسود غير موجود.. فعوراتهم تتكشف كل يوم.. وأجهزة الدولة لا ترحم.. هؤلاء الغلابة هم من مُتضررى الزلزال الآثم القاتل الذى تحوَّل إلى تاريخ أسود من قرن الخروب.. يسجل لزمن أشد قتامة مما نعيشه.. على الرغم من أن حكومتنا المصونة تسوّلت على حس هذا الزلزال مليارات الدولارات ووصلت البطاطين والإمدادات من دول مثل الكويت والسعودية ودول الخليج بالآلاف إلا أننا فوجئنا بأن هذه البطاطين تختفى فى ظروف غامضة ويبقى الغلابة فى العراء أيام الشتاء.. ويتم صرف بطاطين قديمة لهم.. ثم يتم إخراجهم من منازلهم عنوة باعتبار أنها أصبحت آيلة للسقوط.. ثم ناموا فى العراء لشهور طويلة ثم تعطفت عليهم أجهزة الدولة الرسمية بشقق فى مناطق مثل المقطم والنهضة والعبور.. ومدينة السلام.. والقطامية.. ونام الغلابة فى شقق ضيقة مع وعد بأن هذه الشقق بديلة لمنازلهم القديمة.. وكان الحظ التعس لمعظمهم أن المقطم كان من نصيبه.. وبعد سنوات فوجئ الغلابة أن الحكومة باعت لهم التروماى.. حيث طالبتهم الدولة بالإيجارات المتأخرة.. أما السبب فلأنهم اكتشفوا أن الدولة تعاملت معهم باعتبار أن هذه الشقق إيجار.. واللى مش عاجبة يخبط دماغه فى الحيطة.. وحاليًا يتم تنفيذ الإخلاء القسرى لكل من لم يدفع المتأخر عليه.. فى نفس الوقت الذى يواجه فيه غلابة المقطم شبح التعنت والقوانين المُتعسفة من قبل قيادات حى المقطم.. هرب فيه نواب الدائرة التى يعج معظمها بالغلابة. وحى المقطم حى جديد.. حيث تم فصل منطقة المقطم حديثا عن منطقة الخليفة.. وتم تشييد حى مستقل وقسم شرطة مستقل.. الشىء الذى شعر به الغلابة هو الأمان بعد جرائم الاغتصاب والخطف والقتل فى وضح النهار فى السنوات الماضية.. وقد كان قسم شرطة المقطم بقيادة العميد أحمد حسن، مأمور القسم والضابط الشاب أحمد سمير، رئيس المباحث والنقيب شادى الشاهد، وكل رجال قسم الشرطة بمثابة حائط صد لكل جرائم القتل والخطف.. وإن كان الرجل والذين معه لم يسلموا من مهاترات وسخافات بهوات المقطم إياهم.. حيث نشرت الصحف المعروف توجهها مثل صحيفة الدستور ومن على شاكلتها تقارير صحفية تزعم أنه تم الاعتداء على أجنبية داخل قسم الشرطة.. وتقدّمت السيدة ببلاغ للنائب العام.. وأجرت اتصالات وسخرت قدراتها فى الاتصال بالصحف إياها.. والحقيقة أن السيدة مصرية ومعها جنسية أجنبية.. حدث بينها وبين جار لها مشادات انتهت بمعارك وبلاغات.. وتعاملت بعجرفة ووقاحة مع جميع ضباط القسم ورغم ذلك أصدر العميد أحمد حسن تعليماته بحُسن التعامل معها وضبط النفس مع تصرفاتها.. ولأن سادة المقطم وأولاد الذوات فيها فوق مستوى القانون.. فقد أهانت السيدة هى وابنها كل من بالقسم.. ورغم ذلك تجد رجال الشرطة هم الوحيدون الذين يمثلون حائط صد للغلابة فى المقطم.. حيث إنك وبمجرد دخولك قسم شرطة المقطم تجد أمامك مجموعة كبيرة من الرجال المُستعدين لتقديم أى خدمة لك بابتسامة واسعة فى انتظارك.. ربما رجال الشرطة هم الشيء الوحيد الذى يجعلك تشعر بأن الغلابة استفادوا من عملية التغيير والانفصال عن قسم شرطة الخليفة.. لكن على مستوى حى المقطم والخدمات الصحية والتعليمية فحدّث ولا حرج.. نقص خدمات.. تكدس الفصول بما تجاوز المائة طالب، فى حين أن السيد أحمد زكى بدر، وزير التعليم، يُصوّر نفسه أمام الإعلام باعتبار أن سيادته حامى حمى التعليم فى مصر دون أن يُكلف خاطره رؤية كوارث مدارس الغلابة فى المقطم.. فى الوقت نفسه الذى تفوح فيه رائحة قذرة، جراء الرشاوى والمنح والهبات التى تتقافز هناك حول وداخل مبنى حى المقطم.. إلى درجة وصلت إلى أن سيادة رئيس حى المقطم لا يتواجد فى المقطم نهائيًا؛ لأن سيادته مشغول بمصالحه الخاصة.. وإذا ساقك حظك التعس وتوّرطت فى دخول حى المقطم، فأنت بلاشك محكوم عليك بالإعدام؛ لأن كل موظفى الحى بلا استثناء يكرهون سيادتك ويشعرون بقرف من الجميع.. بدءًا من العامل وانتهاء بالبيه رئيس الحى.. والفئة الوحيدة القادرون على التعامل معها بشراسة وقوة وعنترية هى فئة الغلابة من مُتضررى الزلزال الأسود.. موظفو حى المقطم يُمارسون عنتريتهم وساديتهم وشذوذهم ضد الغلابة.. والغلابة يتكدّسون صباح كل يوم وينحشرون فى أتوبيسات مُتهالكة وغير كافية.. ويعانون من نقص كل شيء.. والخدمات المُقدمة جاءت فى الأصل لبهوات المقطم.. والحظ التعس أن الغلابة يستفيدون منها.. والغريب جدًا أنك تكتشف أن هناك ميزانيات يرصدها البيه عبدالعظيم وزير، محافظة القاهرة، بالمليارات من أجل عيون واحد فقط من البهوات أمثاله.. خذ عندك.. واحد من البهوات شيّد فيلا فى بداية منطقة المقطم.. والفيلا ظلت ولمدة عامين مُتواصلين تحت الإنشاء وخلالها عطلت الطريق وكان وقتها طريق واحد "اتجاهان".. ولم يجرؤ أحد على الشكوى.. وإلا الويل كل الويل له.. وبعد أن انتهى البناء تم رصد مليار جنيه كاملة من ميزانية محافظة القاهرة من أجل إنشاء طريق آخر صاعد لدعم فيلا سيادة البيه المعروف والبارز.. وكان حظ الغلابة أن هذا البيه سكن فى بداية المقطم وتم إنشاء طريق آخر صاعد وأنقذهم من عشرات الحوادث اليومية التى كانت الصحف تتصارع على نشرها والتى كانت تقع جراء طريق واحد باتجاهين.. وملتوى مثل الأفعى. يحدث ذلك فى الوقت نفسه الذى يتم خلاله قطع المياه عن الغلابة لدعم مياه البهوات.. رغم أنه من المفترض أن هناك مناطق أنشأتها شركات خاصة مثل شركة النصر للإسكان والمفترض أنها تتحمل دعم المنطقة بالمياه والخدمات ورصف الطرق.. وهى شركة سوف نفتح ملفها الأسود إن شاء الله خلال أعدادنا القادمة.. كل ذلك وأكثر تجده هنا فى المقطم.. ولأن حزب شباب مصر قد انتقل إلى منطقة المقطم.. فقد قررنا فى "شباب مصر" تبنى قضايا الغلابة هنا فى المقطم.. وفتح كل الملفات السوداء لسادة المقطم وقيادات حى المقطم.. حيث تم تكليف الزملاء بصحيفة شباب مصر برصد كل المظالم التى يعانى منها الغلابة ومساندة أصحاب الشكاوى والمُهدرة حقوقهم.. فى الوقت الذى أبدى فيه أصدقاء أعزاء مثل الدكتور أنور حجازى، والدكتور شكرى السيد، والدكتور حيدر سلطان، وغيرهم كثيرون مُساندة حملة شباب مصر لكشف الوجع والخلل الذى تعانى منه منطقة المقطم.. سواء إذا كان فى مجال الصحة أو التعليم أو الإسكان أو المحليات.. إنه أقل تحرّك نساهم به فى رفع الظلم عن هؤلاء المواطنين البسطاء.. ألم يقل المثل الشعبى: "طبَّاخ السم بيدوقه"؟.. أعتقد أن بدء وجودنا هنا فى المقطم يجب أن ينعكس على أهالينا . جريدة شباب مصر الأسبوعية العدد 215 20يوليو 2010 م