لقد كتبت في مقالي السابق في معرض الحديث عن بلاد اليمن السعيد البوابة الجنوبية للوطن العربي والذي يكسبه موقعه هذا أهمية عظيمة ومكانة هامة وخطيرة في الحفاظ على الأمن القومي العربي بشكل عام وللسعودية ومصر على وجه الخصوص ولم تكد تمر سوى بضعة أيام على الاتفاق الذي وقعته الحكومة اليمينة مع الحوثيين بعد اجتياحهم العاصمة صنعاء وفرضهم سياسة الأمر الواقع في سقوط مفاجيء للدولة اليمينة وإن شئت سمه استسلام مفاجيء يدعو للدهشة والغرابة شأن كل ما يحدث في عالمنا العربي مؤخراً وقد ختمت مقالي السابق بتساؤلات حول مصير العاصمة واليمن الدولة بعد هذا السقوط وتركنا الأيام لتجيب عن هذه التساؤلات ويبدو أن الإجابة جاءت أسرع مما كنت أتصور فقد راحت ميليشات الحوثي تعيث في العاصمة فساداً من اقتحام لمؤسسات الدولة واستباحة لحرمات بيوت الوزراء والمسؤولين حتى دور العلم والجامعات لم تسلم من عبثهم في خرقٍ واضح وعلني لبنود الاتفاق العجيب والغريب الذي تم توقيعه برعاية أمريكية بينهم وبين الدولة المتمثلة في الرئيس " عبدربه منصور هادي " وبموافقة خليجية ...!! وقد وصل الأمر بالحوثيين إلى السعي للسيطرة على جميع مفاصل الدولة اليمينة وتوجيههم مليشياتهم للسيطرة على ميناء عدن الاستراتيجي وسط صمت أو عجز حكومي وعربي غير مبرر وأعلب ظني أن هناك صفقة من نوعٍ ما بين قوات الحوثي وبعض أطراف الدولة اليمينة لتسليم البلاد للحوثيين وإلا لماذا لم تهب قوات الجيش اليمني للتصدي لذلك العبث الذي تمارسه قوات الحوثي في كل شبر يقع تحت أيديهم ؟! وما معنى هذه الانكسارات التي تتوالى بدءً من دماج ثم عمران ثم صنعاء وهاهم يتجهون إلى عدن ..!! وهذا يدعونا للبحث في الموقف الإقليمي لدول المنطقة المعنية وعلى رأسها السعودية ومن وراءها دول الخليج ومصر إذ أنه ليس من المنطق ترك الأمور على هذا النحو وغير خافٍ على الجميع أن الحوثي ينفذ سياسة إيران في المنطقة كما أنه لا يخفى على أحد مدى خطورة هذا على أمن المنطقة جميعها فما الذي يدعو تلك الدول للصمت وترك هذا السرطان يستشري دونما مواجهة حاسمة بل هو الصمت الذي يصم الآذان !! وأعتقد أن صنعاء كانت ضحية صفقة ما تمت برعاية أمريكية جعلت فيها داعش البعبع المخيف لتلك الدول وتمت مقايضة صنعاء بأمن هذه الدول التي ستكون هي الخاسر الأكبر في تلك الصفقة التي راحوا خلالها يهرولون لمواجهة داعش خوفاً من شرورها وتركوا ظهورهم عارية للعدو الأزلي المتجدد إيران فقاموا بتسليمها اليمن وغداً سحصدون نتائج هذا الفشل أو ذلك العجز أو إن شئت فقل هذا الغباء في إدارة الأمور . بقلم :- عصام الشاذلي