كانت هناك طفلة صغيرة تغرد بين الحقول.. تلهو فى البستان تحلق وتسابق الفراشات.. تداعب خصلات شعرها نسمات الهواء.. تشاطر وجهها الابتسامة.. تمتلأ عيونها بالبراءة والسحر والسعادة.. تنصت لشدو العصافير.. تختبىء خلف شجرة كبيرة تتساقط فروعها فتمسك بها وكأنها تصافحها.. تتمنى الخير للجميع وترى الدنيا بلون الربيع .. تعلو ضحكاتها وتجرى وتجرى وتسابق الايام والايام تسابقها.. ومرت الايام والسنوات.. واصبحت الطفلة الصغيرة فتاة كبيرة.. وتصادمت بواقع مرير واستيقظت من احلام الطفولة على غدر الاصدقاء.. عرفت معنى الاحزان.. لون البكاء.. قسوة الاحباب.. استيقظت على صوت الغربان يلاحقها ويحاصرها .. أغمضت عينها كى تخفى خوفها.. اختبئت بين أوراقها وأقلامها وأرتمت بينهما.. تمنت ان تعود يوما للبستان.. فأخذت تجرى وتجرى.. ووصلت للبستان فوجدت الزهور ذابلة.. والنهر جف .. والشجرة الكبيرة التى كانت تختبىء خلفها.. وقد كسرت فروعها وتساقطت اوراقها.. ولم تجد الفراشات التى كانت تلاحقها.. ولم تسمع صوت شدو العصافير.. بل صوت بكاءها وتساقط دموعها على ايام وذكريات وأحلام قد سلبت منها وسرقت .. على واقع قد غادر الحب والصدق.. على زيف المشاعر .. على احقاد وصراعات.. على أمل زائف.. على خوف ملأ قلبها وعقلها.. على صراع بين الطفلة بداخلها.. على إبتسامة تائهة.. على تساؤلات لا تعرف لها إجابة .. فتمنت ان تعود للبستان ويعود البستان إليها .. ولكن لن يعود ما كان يوما.. ولن يتحقق الحلم يوماً..