عندما تتحكم فينا عواطفنا ننسى العدل ونجعل الظلم هو المعيار والوسيلة, فمحاكمة الرئيس السابق اختبار قوي للشعب المصري هل تغلبه العاطفة والشفقة ؟ فيطالب أن تنهي المحاكمة بالبراءة أم أنه يريد العدالة التي تستجيب لنداء الدماء التي ارتوت بها ميادين مصر وهي تصرخ مطالبة بالقصاص لتسكن قلوب الثكلى وترحم دموع اليتامى والكثير ممن فقدوا إنسانيتهم وعرضهم في المعتقلات والسجون بلا ذنب فعلوه إلا أنهم نطقوا بكلمة حق في وجه الظلم .وعندما رأيت الرئيس السابق بين القضبان تردد في نفسي قول الله تعالى :- [قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) سورة آل عمران ولكن هناك من تأخذه الشفقة في هذا الموقف ويمتلئ حزناً أن رئيساً مصرياً يصنع به هذا الأمر حتى سألني أحد المنتميين للحزب الوطني المنحل ماذا ستجني مصر من محاكمة أحد زعمائها ؟ فكان ماذا لو كان أخوك أو ابنك أحد ضحايا القناصة في ميدان التحرير؟ فتهرب من الإجابة بقوله :-ما كان أحدهما ليخرج للميدان . ثم قال :- أنت ترى ما يحدث اليوم في مصر لا أمن ولا أمان ولا عمل ولا إنتاج . ألم يكن استمرار الرئيس أفضل ! فأنت ترى الكثير من الناس اليوم نادمين على ما حدث . قلت له يا سيدي الناس اليوم يدفعون ضريبة الثورة وهي المعاناة ليعبروا لعصر الجديد يرجون فيه الخير , فالكثير منهم ينظر تحت قدميه كعابر في الصحراء استبد به الجوع والظمأ فلو وجد جيفة [ حيوان ميت ] أكله بينما لو تحمل وصبر لوجد واحة مليئة بالخيرات . فأصحاب المصالح ومن نهبوا الشعب واستوردوا البذور المسرطنة والنفايات النووية وتاجروا في قوت الشعب المصري يقفون بقوة ويصرخون لا لمحاكمة الرئيس لأنه رمز من رموز مصر , ويشعلون نار الفتنة و يخدعون البسطاء بقولهم المعسول فهم يلبسون لكل مرحلة القناع المناسب لها , ونسوا أنهم هم أولى الناس بالمحاكمة لأنهم هم الذين خربوا الاقتصاد وهو الذين نشروا الفساد في الأرض , فلولا المنافقون ومعدومو الضمير ما كانت مصر فيما هي عليه اليوم . ماذا عن الرئيس القادم والطامعون في السلطة دون النظر للمسؤولية وحاجة الشعب ؟ هل يكون الرئيس القادم جيفة ( تتحصن في القصر والسيارات الفارهة والحرس المدجج بالسلاح ) يأكلها الناس مرغمين أم يكون كواحة سكنٍ وراحة لأمة تعاني منذ زمن بعيد حتى أتعبها الطريق وأجهدها السير في مسالك الألم والتعب ويشعر بهم ويسير على قدميه كباقي البشر ويشعر بالفقراء ويحس بحسرة الشباب على مستقبله الذي يضيع من بين يديه لأن ثروات مصر في أيدي قلة قليلة من البشر يصنعون بها ما تهواه نفوسهم فهم يعرفون طريقهم من الرشوة والمحسوبية . لك الله يامصر .