ربما كثر الحديث فى الفترة السابقة ومنذ تنحى الرئيس السابق مبارك عن الحكم عن المؤامرات والثورة المضاده التى تريد اجهاض ثورة 25 يناير وتضيع ثمرة هذه الثوره ومكتسباتها واخذت الامواج تتتابع والمليونيات تتواتر مثل الهزات الارتداديه لتوابع الزلزال الكبير الذى هز المنطقه بل والعالم واخذ المجلس العسكرى يحاول ان يطمئن الناس الى ان الثوره ماضيه فى اتجاهها وانه هو الحامى لها وانه فى الاساس الذى ساعد على نجاحها ومع الوقت بدأت تزداد الشكوك والاتهامات وبدأت خفافيش الظلام تجد لنفسها مجالا للعمل لتخريب الجو العام سواء بأحداث بلطجه او بفتنه طائفيه اوبزرع الخوف فى النفوس على الحاضر والمستقبل ..... ونظرا لغياب المنظومه التى تستطيع ان تحتوى كافة الاطياف والطوائف والفئات المختلفه للشعب فقد ادى ذلك الى حاله تشبه الضياع وسط امواج كثيره ومتلاطمه حتى صار السؤال هو ... متى نسكت ؟ .... ومتى نعمل ؟ ..... ومتى نفكر جميعا اننا شركاء فى هذا الوطن وهذه الارض وتلك السماء التى تظلنا ؟ .... انها اسئلة حائره فى وسط هذا الضجيج وفى خضم ( تسونامى) الافكار والمطالبات والمهاترات والمزايدات . داخل هذه الصوره المشوهة وبين خطوطها خطوط احتجاجات وخطوط فساد اسود كحلكة الليل المظلم ومن هنا ظهر اصحاب القناديل المزيفه يجوبون هنا وهناك ويعبثون بمشاعر وطموحات وامال شعب عانى ويعانى وسوف يعانى بشكل اكبر ان لم يحزم امره ويحدد طريقه ويضع معالم مستقبله بيده .... ومن هنا جاءت زوبعة الثورة المضاده .....لقد دأب بعض الذين يدعون الوطنيه على اثارة فزاعة الثوره المضاده كعدو مشروع كى نشحذ هممنا ونستجمع كل قوانا ثم يقودونا هم الى الملاذ الامن ضد من يريد الثوره بسوء وفى هذا كان لابد من وضع عدو واضح المعالم والصوره لكى يكون مجرد ذكر اسمه كفيل بحاله من الهياج والثوره الا وهو الحزب الوطنى ولكى يضعوه فى الصوره السنيمائيه لجيش مهزوم او اسد جريح فقد اطلقوا عليه فلول الحزب الوطنى فهو ليس امامه الا الحرب لانها تساوى عنده الحياه كما يحدث فى المعارك الحربيه . .... وفى هذا السياق ارى الاف من الناس البسطاء الذين يتحسسون اين ومتى سترسو هذه السفينه الضائعه فى خضم من الكلام والاراء والاراء والامال وقد مشوا وراء ثوار الفضائيات وابطال الصحف التى لم يكن يقرأها احد او التى كان يقرأها الناس من باب تغيير النمط الذى كان موجودا بالصحف المسماه بالقوميه . ارى انه ليس هناك ثوره مضاده على الاطلاق فان كان الحزب الوطنى هو عصابه كما يصورونها فليس من مبادىء العصابات الوفاء للرؤساء او القيادات وان كان حزب يتبنى سياسات معينه فارى ان اغبى فرد فى هذا الحزب المنحل لايحلم بعوده دفة القياده لهم مهما كان الامر اما ان كانوا شله من المنتفعين يتبعهم جمهره من انصاف المنتفعين فنحن نشهد لهم بالذكاء الكافى لادراك ان مصلحتهم الان ليست مع الماضى وانهم لابد ان يتلونوا بمنتهى السرعه والخفه لينتقلوا الى المكان المناسب ليتسلقوا مره اخرى للوصول الى مصالحهم ........ لاشك انهم متاهبون لذلك ومستعدون بكل قوه للعودة فى ثياب الواعظين والمؤيدين والمدافعين عن الثوره ومكتسباتها بل انهم يزايدون حتى على القوات المسلحه التى حمت الثوره وايدتها ....... وعلى الجانب الاخر ظهر الطامعون فى دور بعد عقود من الجفاف والتجاهل يريدون ان يحضروا القسمة وان يفوزوا بنصيب الاسد فهذه هى الفرصة الذهبيه التى لن تعود مرة اخرى ...... شخصيات وشخصيات احتلت كراسى الحوار وشاشات التلفزيون حتى اننى لاأدرى كيف يظهر احدهم فى قناه فضائيه ثم يظهر فى اخرى بعد 15 دقيقه فى قناه اخرى ثم بعد ساعه فى الثالثه ثم ياتى بعد ذلك باربع ساعات فيعتذر انه تأخر لانه كان فى ندوه تاخر فيها ...... انه شىء مذهل ولكن المذهل اكثر ان الكراسى قد تبدلت فبعد ان كان يظهر تجمع الاخوان على الفضائيات بصفته المحظوره يبدو الان وكانه الحزب الحاكم الذى يلف ويدور ويكال له كل الاتهامات التى كانت تقال خجلا للحزب الوطنى وهناك من كان يحارب من اجل ان تكون الانتخابات بالقائمه النسبيه منعا للتزوير ثم هاهو يدافع عن الانتخابات الفرديه حتى لايحدث احتكار للسلطه من قبل فئه معينه .....واعترف اننى من هذا الشعب المسكين الذى اصابه الصداع من هذه المسرحيه الهزليه وانما كتبت علينا نفس الوجوه ونفس الحوارات ونفس المصطلحات وحتى نفس الفاصل الاعلانى . احاول تجميع الصوره فارى انها ليست ثوره مضاده بل هى ثورات موازيه فالجميع يبدأ كلامه ب(عندما كنا فى الميدان ) وكأن هذا هو جواز المرور لان يكون من شرفاء هذا البلد او انه الاحق بالتحدث باسم الشعب او ان يكون احد مهندسى المستقبل فهو قد وقف فى الميدان وعلى هذا النمط فان الامر يستدعى لمن لم يقف فى الميدان ان تكون هناك جمعة التصدى وجمعة المحاكمه وجمعة ثورة الغضب الثانيه لكى يتاح الوقوف فى الميدان لمن يريد ولكى يخطو من يتسلق ان يخطف درجه لاعلى وان يظهر على الفضائيات ليشرح للصامتين الكادحين المغيبين لماذا سيقف فى الميدان .... مع شديد حزنى انا لم اقف فى الميدان لانى اعمل خارج مصر ولاادرى كيف اقف فى الميدان فلقد مضت علينا 18 يوم واصلنا فيها الليل بالنهار امام شاشات التلفزيون إلامن ساعتين فقط للنوم ونحن نتابع مايحدث فى بلدنا التى كنت ارى اننا طردنا منها ليس بالفعل ولكن بالاحساس انه لم يعد لنا فيها مكان ..... لقد كاد قلبى ان يتوقف عندما سمعت خبر تنحى الرئيس السابق عن الحكم ولكنى لم اكن فى الميدان ...... الايمكن استعواض 18 يوم من السهر المتواصل بوقفه فى الميدان حتى احس اننى اعود الى بلدى وانها تتقبلنى وانى ومعى الملايين من الشعب البسيط اصبحنا الفاعلين فيها والقادرين على تغييرها .... انا من هذا الشعب البسيطج ولكنه على قدر بساطته غير قابل للتغفيل اوالاستغباء فالذى يتصفح تاريخ هذا الشعب يدرك تماما انه قضى على كل الطغاه ولكن بطريقته فهو يدخلهم فى ماكينه الاسترخاء والترهل حتى تتحلل اوصالهم فتكون نهايتهم حتى هذه الماكينه كانت من العبقريه بانها تحدث نفسها فتاتى الاحتجاجات وتاتى الوقفات وتاتى الثورات وياتى سيل من العالم الافتراضى ومن ثورة التكنولوجيا فتسبق حكامه وظالميه الى المستقبل. ان الثورات الموازيه التى نراها الان هى الاخطر على ثورة 25 يناير فهى كالنبات المتسلق تأخذ من قوة النبات الاصلى بل انها تحاول العلو عليه ويعلو معها سقف المطالبات الفرعيه التى لاتحقق الامصلحة المتسلقين وليس مصلحة الشعب حتى تصبح هذه المطالبات هى الظاهره وتضيع مطالب الناس التى وقفت وهبت من اجلها ......الواقع لكل منصف يقول ان الجيش وقف وقفة عظيمه خلال الثوره وانه سيان كانت اسبابه العامل الرئيسى فى نجاحها وعليه فانه لايمكن اتهامه باى صوره بالتقاعس او الرضوخ لاى ضغوط وهو يرى انه يقوم بمهمته التى فوضه الشعب للقيام بها دون احداث اى تغييرات قد تؤثر على المستقبل فيتحمل تبعاتها فى المستقبل ...... انه يريد ان يسلم الامانه للشعب الذى استأمنه على ثورته واحلامه بينما يريد الناس رؤية احلامهم على ارض الواقع باقصى سرعه كما يريدون ان يروا ظالميهم تحت طائلة العقاب الذى يستحقونه ....... انها فرق رؤى وفرق سرعات وكلا الطرفان على حق من منطلقاته ومنهجه فى التعامل مع الوضع الراهن اما مايحزن فهو هذه الحوارات الهزليه بين من يدعون الفكر والسياسه والحكمه وثوار الفضائيات وثوار القاعات المكيفه وثوار الفنادق والمراكز الكبرى والمثير للدهشه اننا حتى الان لم نحدد اهدافنا للمستقبل ولم نحدد وجهتنا ولامبدئنا ولاخط سيرنا .... على اى موضوع تتم النقاشات اذن ؟ .... على الفراغ المطلق ام على موضوعات فرعيه ليست هى الموضوع الاساسى الذى ثرنا من اجله ......... حتى الحوار الوطنى الذى اعتبره اكثر الفعاليات جديه ولكنى اراه ليس حوارا وليس وطنيا فالحوار يكون بين مختلفيين فى الاراء للوصول الى نقطة التقاء بينهم وليس هو عرض من طرف يقيمه طرف آخر اى ان جميع اطراف الحوار متساوييين فى فرص ارائهم .... وهو ليس وطنيا لان المجلس لايضم ممثلين عن كافة فئات وطوائف الشعب حتى ممثلى العشوائيات لابد ان يشاركوا فى الحوار الوطنى وهناك الكثير من الاراء التى تقترح تشكيل مناسب لمجلس الحوار الوطنى ليمثل المواطنين كما يراد له ويجب قبل كل ذلك ان يضمن المجلس العسكرى بصفته يدير شئون البلاد جدية هذا الحوار ويتعهد بدراسة وتنفيذ قراراته او على الاقل وضعها ضمن خطه للتنفيذ فيما بعد او على اقل القليل مايتيسر منها . اننى اريد ان ارى بلدى التى احلم بها وأظن ان جل ان لم يكن كل المصريين يريدون ذلك فدعونا من التشويش والشوشره ودعونا من المطالب الغير مفيده حاليا ودعونا من التهريج السياسى والاتهامات المتبادله والتخوين الغير ذى موضوع لمجرد الاختلاف فى الرأى ودعونا ننتقل الى عمل فعال مفيد وان نتسلح بالايمان والاخلاص وان يكون اكبر همنا ان ننهض ببلدنا ونرتقى بها لاان نقيم المليونيات وندعوا لها لكى نظهر فى الصوره او لاهداف شخصيه او لاننا لاندرك ان صلاح البلد لمصلحتنا جميعا فالشخص عندما يشب فى بيته حريق لايجلس ليحقق فى اسباب الحريق ومن المذنب ومن الذى انتبه ومن الذى لم ينتبه انما يهب لاطفاء الحريق اولا وحتى المتسبب فى ذلك اذا ابدى بطولة فى اطفاءه فانه ينال العفو من الجميع ...... نريد مصر بامنها ونيلها وشمسها ومذاق ازقتها وشوارعها وحواريها وبدفىء الحب فى قلوب شعبها وبخيرها الوفير الذى كان يغمر الدانى والقاصى .... انها فرصتنا التى لن تعود مرة اخرى .