السيسي يشهد احتفالية انتصارات أكتوبر في استاد العاصمة الجديدة    وزير التموين يكشف تفاصيل إنشاء مشروعات تجارية بالشرقية وبنى سويف    «الإسكان الاجتماعي» يكشف موقف الوحدات السكنية التي لم يتم تسليمها    جلوبال فاينانس: البنك الأهلى المصرى الأكثر أمانا بمصر والتاسع إفريقيا لعام 2024    26 شهيدًا «أغلبهم شمال غزة» خلال غارات إسرائيلية على القطاع    لجنة الانضباط ب"كاف" تغرم الزمالك.. وإيقاف شيكابالا ومنسي    تريزيجيه يقود تشكيل الريان أمام الأهلي في الدوري القطري    «الداخلية»: ضبط شخصين بتهمة غسل 65 مليون جنيه من تجارة المخدرات    «الأرصاد»: حان الوقت لارتداء الملابس الشتوية    ندى رياض وأيمن الأمير يحصدان جائزة "ڤارايتي" عن فيلم رفعت عيني للسما    حفل تامر عاشور يسجل أعلى حضور جماهيري في الرحاب    "حزب الله" يستهدف قواعد وتجمعات للجنود الإسرائيليين في الشمال وتل أبيب    فيريزون تكشف عن استهداف جواسيس متطورين لشركات الاتصالات الأمريكية    مبابي يسعى للتسجيل بالكلاسيكو الأول والتغلب على عقدة رونالدو وزيدان    وزيرالتعليم السابق يكشف التحديات المواجهة للدراسات العليا في مجال العلوم الإنسانية    أول تعليق من رئيس جامعة الأزهر على حادث تسمم طالبات المدينة الجامعية بالأقصر    عدم اكتمال النصاب القانوني لعمومية الإسماعيلي    نتائج مباريات اليوم بالجولة الرابعة لمجموعتي بحري بدوري القسم الثاني "ب"    مدير بايرن ميونيخ يتحدث عن الانتقادات الموجهة ل نوير    رئيس أركان القوات المسلحة يتفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى    جمعية رجال الأعمال المصريين توقع اتفاقية تعاون مع لجنة مدينة لينيي الصينية لتعزيز التجارة الدولية    تفاصيل مواعيد مترو الأنفاق بعد تطبيق التوقيت الشتوى.. فيديو    السيطرة على حريق داخل معهد الأورام بالقصر العيني    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصف الثاني الإعدادي 2024 في القاهرة الكبرى    «عمرها 1000 عام».. كنيسة الروم الأرثوذكس صرح تاريخي على أرض دمياط (فيديو)    ألمانيا.. فريق إدارة الأزمات يجتمع وسط مخاوف بشأن الشرق الأوسط    نائب سفير إندونيسيا بالقاهرة: مصر ذات ثروة تاريخية مهمة وزيارتها حلم لكل سياح العالم    20 صورة| مُريحة وأنيقة.. إطلالات رجالية غير تقليدية في مهرجان الجونة السينمائي    الكشف على أكثر من 3 آلاف مريض في قافلة طبية بالشرقية    وزير الصحة يثمن دور الإعلام في تغطية مؤتمر السكان بصورة مشرفة لمصر    البرلمان العربي ينتخب أربعة نواب لرئيسه    تفاصيل إصابة 96 طالبة من المدينة الجامعية بالأزهر بالأقصر باشتباه تسمم.. المحافظ تواجد معهم بالمستشفى.. سيارات إسعاف لنقلهم للمستشفى وإعادتهم للمدينة.. وشيخ الأزهر ورئيس جامعة الأزهر يتابعان الحالة الصحية.. صور    مصرع طالب جامعي أسفل عجلات قطار في الشرقية    إعلامى يكشف عن موقف هانى أبوريدة من الترشح بانتخابات اتحاد الكرة المصري    أحمد حسام ميدو يوجه رسالة للاعبي الزمالك بعد خسارة السوبر    أزمة تحويل العيادات من سكني لإداري تصل البرلمان.. ورسالة طمأنة للمتضررين    76.05 دولار لبرنت.. تعرف على أسعار النفط بعد هجوم إسرائيل على إيران    ما هي الأبراج التي تنشط ليلًا ولا تستطيع العمل بالنهار؟    مفتي الجمهورية: جمود الفكر الديني أكبر تحدي للدعوة الإسلامية في العصر الحديث    أخبار الفن.. زوج جيهان سلامة يضربها.. صدمة أحمد عز.. حجاب نجمة ذا فويس    عايدة رياض: «اتجوزت عرفي 10 سنين وكنت زوجة تانية» (فيديو)    وزير الخارجية: أتوقع زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر وأوكرانيا ل 2 مليار دولار    أخبار التوك شو|الأرصاد تعلن مفاجأة بشأن الطقس.. بشرى سارة عن المدارس اليابانية.. وآخر تطورات الساحة الإقليمية    وزير التعليم العالي يفتتح عددًا من المشروعات التعليمية والصحية بجامعة الإسكندرية    صحة الدقهلية: تطعيم 7500 سجين باللقاح الكبدي الفيروسي "بي "    طريقة عمل كيكة الرواني، مكوناتها بسيطة وطعمها مميز    «فاو» تكرم مدير مشروع حصر ومكافحة مرض العفن البني في البطاطس    اعتماد ترقية 6379 عضواً بهيئة التعليم إلى الوظيفة الأعلى في أسوان    أستاذ بالأزهر: الزوج لازم يقول كلام طيب لزوجته لهذه الأسباب    مدبولي: نحرص على دفع العمل في القطاعات المُنتجة لخفض فاتورة الاستيراد    هل صلاة قيام الليل يمكن أن تعوض الصلوات الفائتة؟.. الإفتاء توضح    ألبا وميسي يقودان إنتر ميامي للفوز على أتلانتا يونايتد    وزير الأوقاف: القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أيد الله عز وجل بها نبيه    فيديو.. خبير سياسات دولية: إسرائيل تهول من نجاح الهجوم على إيران    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 26-10-2024 في المنيا    استوليا على 21 عمود إنارة.. قرار عاجل من النيابة الإدارية ضد اثنين من العاملين بالوحدة المحلية بأبو النمرس    هل تجب قراءة الفاتحة بعد الإمام في الصلاة الجهرية أم يجوز تركها؟    البيت الأبيض: علمنا بهجوم إسرائيل على إيران قبل ساعات من وقوعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر المثقفين المصريين، أم مؤتمر البط المزغَّط ؟!
نشر في شباب مصر يوم 24 - 07 - 2010

ثمة ما هو مفترض من حيث المبدأ أننا مخلصون لثقافتنا، منتمون بشدة لها، مدافعون عن هويتنا وانتماءاتنا، وربما لذلك تبدو دعوة السيد وزير الثقافة لعقد مؤتمر للمثقفين المصريين لوضع خطة لمستقبل الثقافة في مصر ، دعوة وجيهة، وبريئة ؛ خاصة أن الرجل أعلن: «أنا خلَّصت مهمتي .. ومؤتمر المثقفين لابد أن يضع مهمة محددة لمن يأتي بعدى».
وعلى افتراض جدلي بأن مهمة الوزير "خلصت" ، وبصرف النظر الآن عن هذه المهمة إن كانت اختزالية أم تنموية، إقصائية أم استيعابية، وبصرف النظر عن جذورها السياسية والأيديولوجية، وعلى افتراض جدلي آخر أن من مهامه ومسئولياته التي سوف يُسأل عنها قبل وبعد مغادرته منصبه أن يرسم سياسة من سيأتي بعده، وبصرف النظر عن تأخر دعوته لربع قرن مضى قضَّاه الوزير في منصبه دون أن يكون معنيا بتنفيذ أية توصيات لأية مؤتمرات ، لينطرح التساؤل: من الذي وضع لوزير الثقافة نظامًا محددًا اتبعته على مدى ربع قرن مضى ، هل هم المثقفون المصريون، أم النظام السياسي المصري؟ أم أنه حقيقة كان حرّاً فينا وفي الثقافة المصرية؟ وهل من يعنيهم بالمثقفين المصريين هم من ينتمون حقيقة إلى كل ألوان الطيف الثقافي المصري ، والممثلين حقيقة لثقافة هذا الشعب، أم المقصود بهم فئة البط المزغَّط في حظيرة الثقافة الرسمية، الموسومين دائماً بالنخبة؟ من حقنا أن نتساءل : أي مثقف يقصد ؟ ونحن نعرف أن أكثر من ثلث مثقفي مصر مستبعدون عمدًا عن أفياء وزارة الثقافة وخدماتها، بهيئاتها ومؤسساتها ومؤتمراها وجوائزها وهلمجره ، و أن ما يزيد عن ثلث مثقفي مصر ومبدعيها مستجهلين ومنسيين في أطراف الخريطة المصرية في الجنوب، وفي قرى وكفور الشمال، خاصة أن وزارة الثقافة تقيم أنشطتها ومؤتمراتها وتركز جهودها في المناطق السياحية على اعتبارات السياحة و الفندقة، لا على اعتبارات إتاحة الفرص العادلة أمام الجميع وبما يتناسب مع حجم الإبداع وقيمته في هذا المكان أو ذاك، وغير ذلك إن كثير من مثقفي مصر يستنكفون الدخول إلى حظيرة البط المزغَّط التي ترعاها وزارة الثقافة وفق رؤى سياسية في الأساس، ولعلها حظيرة مليئة بالقرقرات النشاذ التي تزدري ثقافة الشعب المصري، وتصدمها وتصادمها دون خجل أو مسئولية .. ترى من هو المثقف الذي تقصده وزارة الثقافة ووفق أية معايير أو اعتبارات سوف يتم اختياره ؟.
أما التساؤل الأهم عن ربع قرن قضاه السيد وزير الثقافة في منصبه دون أن يكون معنيا برسم استراتيجية للثقافة المصرية أو حتى لوزارة الثقافة يكون المثقفون طرفاً في اختيار بنودها ، ودون أن يكون معنيًا حتى بالتأسيس لمشروع قومي يكون مثقفونا طرفًا فيه تتبناه الدولة والمؤسسات الاجتماعية والأهلية يهدف أول ما يهدف إلى تعزيز قيم الانتماء واحتضان الهوية المصرية والعروبية فيما يسمى ب"وطننة الثقافة" أو تأصيلها على غرار ما تفعل دول كثيرة الآن مثل الصين وسنغافورة وفرنسا وإيران.. ترى ما الطارئ الذي سوغ للوزير الآن البحث عن استراتيجية للثقافة المصرية في الوقت بدل الضائع؟
من جهة أخرى، إن الذي يسمع أو يقرأ دعوة السيد وزير الثقافة لعقد مؤتمر لرسم مستقبل الثقافة المصرية يظن أن الحصان أمام العربة ! ، وأن الثقافي في المقدمة يمكنه أن يرسم توجُّها مستقبلاً سينفذه السياسي فيما بعد! ، غير ما تنطوي عليه الدعوة من مغالطة أن يكون الثقافي مقرراً بمعزل عن الاقتصادي الذي يدرك جيداً أن حيزاً كبيراً من الثقافة المصرية مملوك للقطعان العاطلة في الشارع المصري، وأن أي توجه استراتيجي تنموي ثقافي لن يكتب له النجاح في أي مجتمع بمعزل عن استراتيجية تنموية اقتصادية مؤازرة، خاصة في مجتمعاتنا العربية التي يبدو فيها الثقافي مجروراً في ذيل منظومة التنمية، وتابعا للسياسي والاقتصادي وليس متبوعاً، ومهمته دعائية أكثر من كونها استشارية أو إرشادية.
غير ما تنطوي عليه الدعوة من تجاهل للبيروقراطية المصرية التي لن تسمح بتنفيذ أية توصيات مستقبلية ما لم تكن سياسية في الأساس، إضافة إلى خطورة التصور أن هناك سقفًا محددًا للثقافة المصرية يمكن على وجه الدقة أو الاحتمال أن نرسم محدداته، وأن ثمة استراتيجية ثقافية مستقبلية، ثابتة يمكن أن تكون مرضية لشعب لا يطمئن لأوضاعه السياسية والاقتصادية.
غير أن الذي يقرأ كلاماً من عيينة : "إن من أهداف المؤتمر وضع خطة استراتيجية للمرحلة المقبلة عن علاقة الثقافة بالمجتمع وكيفية تطوير هذه العلاقة " يصدمه أن تكون الثقافة في جهة والمجتمع في جهة أخرى، وأن من أهداف المؤتمر إقامة العلاقة بين الجهتين وتطويرها، وكأن كلمة "ثقافة " لا تعني تلك الثقافة المملوكة لهذا المجتمع، وكأن كلمة "مجتمع" مجردة مما نعنيه بكلمة" ثقافة" ، والمطلوب من المؤتمر هو إقامة العلاقة بين الفرقاء وتطويرها!
لكنما الصدمة قد تزول عندما ندرك أن وزير الثقافة يقصد ثقافة السلطة، أو ثقافة النظام السياسي، أو الثقافة الرسمية لا ثقافة المجتمع، وما دام الأمر كذلك فإن دعوة الوزير وجيهة غير أنها ليست بريئة لأن الثقافة الرسمية منفصلة فعلاً عن ثقافة الشعب وبحاجة إلى إقامة العلاقة بينهما، بل بحاجة إلى تطوير هذه العلاقة باتجاه ترسيم برنامج ثقافي لعشرين عاما مقبلة وعليه فإن دعوة الوزير سياسية في الأساس، ومن ثم نعود إلى العربة التي أمام الحصان، وإلى تبعية الثقافي للسياسي ، وإلى الأهداف الضمنية للسياسي في الثقافي، ولعلها أولى إشكاليات هذا المؤتمر أنه سوف يأتي تكريساً لقرقرات البط الثقافي المزغَّط حول النظام الرسمي، وعودةً إلى الخطاب التنويري الممجوج الذي يفترض في هذا الشعب الظلام، وإلى رطانات النخبة التي لم ينتخبها أحد، وإلى أصابع السياسي الذي تشد أطراف الدمى الثقافية.
ثمة فارق كبير بين ثقافة الشعب المصري وبين ثقافة السلطة أو النظام السياسي المصري التي يمثلها السيد وزير الثقافة المصرية ومن حوله في حظيرة البط الثقافي المزغط، حراس الخطاب الرسمي، الموسومون في كثير من الأحايين بالنخبة .
ولعل أول إشكاليات الخطاب الثقافي الرسمي أنه يبدأ من افتراض غياب تساؤل الشارع المصري عن وجهة النظر عندما يسمع مصطلح "النخبة" دون تحديد هي نخبة من وجهة نظر من ؟
ثمة أزمة تبدأ بالمصطلح أحيانا وتنتهي غالبا بالمنهج، في عجاج أو لجاج خارج السياق الذي نفترضه للثقافة المصرية، وثمة غربة عن روح ثقافة هذا الشعب الذي ننسب إليه الثقافة كما ننسب إليه النخبة، وثمة محاولات تشكيل ثقافة وفق منظومة سياسية سابقة التجهيز، والحقيقة أن الثقافة ظواهر تُرْصَد ولا تُصَنَّع .. ولا أظن أن تيارًا ثقافيًا بفعل فاعل يمكن أن يمثل الثقافة المصرية في شيء، إنه الدوران في الممكن السياسي ، عندما يُصنِّع الظاهرة الثقافية ويفترض عموميتها، ثم إنه الدوران في المطلب السياسي عندما يسمح لها بتكرار رطاناتها و قرقراتها، ثم ولأسباب سياسية يسعى إلى توسيع حظيرتها . وربما أننا لو سألنا المواطن المصري سؤالاً مباغتاً : من يمثل الثقافة المصرية ؟ فمن الطبيعي أنه لن يفترض الشعب المصري .. لكنه قد يفترض أنه وزير الثقافة.. أما لو سألناه عن توجهات الثقافة ومستقبلها فإنه لن يجيب، لأنه لا يعرف تمامًا ما يدور في رأس وزير الثقافة، لكنه قد يعرف الكثير إذا استمع إلى النخبة التي لم ينتخبها أحد، وهي تقرقر حول مظلة النظام الرسمي.
لقد بدأنا نسمع أقطاب هذه النخبة وهي تقترح تغيير اسم المؤتمر إلى "مؤتمر ثقافة التقدم" و " مؤتمر ثقافة التنوير" دون أن يجرؤ أحد على اقتراح يبدو بديهيا وإن تعارض مع النوايا غير المعلنة بأن نطلق عليه "مؤتمر الثقافة المصرية" .. ولعلنا بدأنا كذلك نسمع اقتراحات استبعاد الإخوان المسلمين، بحجة أنهم جماعة محظورة، الأمر الذي يتأكد معه خضوع هذا المؤتمر للاسطوانة المشروخة التي تلخص الخطاب السياسي العقيم، وثانيا أننا إزاء مؤتمر للإقصاء السياسي، ولسنا إزاء مؤتمر للاستيعاب الثقافي. ومع تصريحات وزير الثقافة بأن «الدعوات لا يجب أن تكون مفتوحة حتى لا نسمح للغوغاء بحضور المؤتمر، خاصة أن القاعة لن تتسع سوى ل900 فرد» .. يتأكد لنا أننا أمام مؤتمر لتوسيع حظيرة البط المزغَّظ في وقت يبدو فيه مثل هذا التوسيع ضرورة سياسية وليست ثقافية ولسنا أمام مؤتمر للثقافة المصرية ؛ ذلك لأن الغوغاء على افتراض صحة المقولة جزء عريض من الشعب المصري، وهم إفراز مرحلة سياسية كان الوزير فيها مسئولا مسئولية مباشرة عن إنتاج ثقافة الغوغاء، وما دام هؤلاء جزء من الشعب المصري فمن حقهم تمثيل أنفسهم في مؤتمر الثقافة المصرية، ليس هذا فحسب بل إن قطاعات عريضة من الشباب المصري العاطل غير المنضوي تحت لواءات نقابية أو حزبية سياسية، من حقها أن تكون ممثلة في مؤتمر ثقافة وطنها ، أوليسوا جزءاً من الشعب وأصحاب ثقافة بالضرورة؟! .. من حق السجناء أيضاً أن يكونوا ممثلين في هذا المؤتمر خاصة سجناء الرأي والمعارضين السياسيين والإسلاميين وغيرهم.. من حق الفلاحين الذين يعرقون في الحقول ، والحرفيين الكادحين أن يمثلوا أنفسهم أيضاً في مثل هذا المؤتمر، أوليسوا جزءاً من الشعب وأصحاب ثقافة بالضرورة؟ .. المجتمع كله برجاله ونسائه، بكل طوائفه وملله ونحله الدينية الإسلامية والمسيحية ، وبكل أحزابه السياسية وهيئاته ووزاراته وجمعياته المدنية والأهلية من حقه أن يمثل نفسه تمثيلا حرًّا في مؤتمر ثقافة بلده، خاصة إذا ما كان الأمر بصدد رسم سياسة مستقبلة، ومن دون أن ننسى المصريين في الخارج باعتبارهم سفراء مصر المغتربين من أجل لقمة العيش وتحسين اقتصاد بلدهم، وباعتبار أن معظمهم من المثقفين الذين ضاق بهم المقام السياسي والثقافي والاقتصادي في مصر ، ولم يعد المناخ ملائما لهم في بلد يسعى إلى تمييع الرأي، كما يسعى إلى سجن عقوله ، أو تدجينها.
صحيح إن الصفوة هي التي تقود، وهي التي يمكنها رسم السياسات والتوجهات والاستراتيجيات، ولكن الصحيح أيضاً أن الشعب هو الذي يختار صفوته وقادته وقدوته .. ليس من حق أي نظام سياسي وليس من مصلحته أن يختزل ثقافة شعبه في صيغة مركزية رسمية، كما أنه ليس من حقه ولا من مصلحته أن يُنصِّب بمعزل عن الشعب حفنة يسمها بالنخبة لتمثيل كل هذه الجموع والطوائف.. الشعوب وحدها تختار نخبها، وهي وحدها تعرف احتياجاتها الثقافية والروحية وغيرها، وتعرف أيضاً من يكون عليه واجب تمثيلها.
على أننا من حقنا أن نتساءل عن آلية اختيار ال (900) فرد الذين سيمثلون الثقافة المصرية داخل قاعة المؤتمر، وعما إذا كان اختيارهم سيتم وفق آلية ديمقراطية سيشارك الشعب نفسه فيها، أم أن اختيارهم سيتم وفق قواعد اللعبة الرسمية السياسية لوزارة الثقافة؟! .. إذا كانت الإجابة عن الجزئية الأخيرة من سؤالنا ب "نعم" فلاشك أن من حق كل التيارات الأخرى أن تقيم مؤتمرات موازية لمؤتمر وزير الثقافة لرسم سياسات واستراتيجيات موازية للثقافة المصرية، وعلى الوزير أن يعلن عن تسمية أخرى لمؤتمره المزمع!
عبدالجواد خفاجى
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.