رياض عبدالله الزهراني تختلف الثورة السورية عن ثورات الربيع العربي التي زلزلت كيانات وأيقظت مشاعر قومية وعواطف كادت أن تموت لولا ذلك الزلزال الكبير , فالثورة السورية التي أطلق شرارتها أطفال درعا تعرضت للإختطاف من قبل عصابات مختلفة المشارب فكانت النتيجة دموية وتعثر للمسار الثوري وضياع لأحلام الثوار وتدمير للأرض والتاريخ وتدخلات إقليمية ودولية وإنهيار للأحلام الشعبية . إختطاف الثورة السورية من قبل مجاميع مسلحة ذات توجهات أدلوجية ضيقة أتى بعد شحن عاطفي قادة من هو قابع خلف أسوار عالية يمارس التضليل والحشد ويصور الثورة السورية على أنها ثورة طائفة معينة مخفياً حقيقة ثورة كل السوريين ضد نظام تجاوب مع المطالب في الأيام الأولى بطريقة عرجاء أعقبها دموية وعسكرة للشارع وكأنه لا يقبل التنازل المشروط ! قفزت تلك المجاميع المسلحة المتطرفة على الحراك الثوري فتسلقت وتطفلت وحولت الثورة لصراعات طائفية ومذهبية فقاتلت حماة الثورة "الجيش الحر" صاحب السبق في حماية الثورة من بطش النظام وقاتلت الشعب السوري على الهوية تارة وعلى النوايا تارة أخرى, تلك المجاميع بأفعالها وممارساتها الدموية الهمجية تعيد للأذهان الحقبة الأفغانية المريرة تقاتل الشعب وتتقاتل فيما بينها على الغنائم وتلك هي الحقيقة المرة التي يتغافل عنها من أسهم بطرق مختلفة في وصول الثورة السورية وترديها , فالمساهمون كثر ولعل العازفين على وتر العواطف ومطلقي عبارة النفرة والنفير الأشد مساهمة من حيث لا يعلمون في تردي الحالة الثورية السورية وتلك حقيقة لا ينكرها الإ جاهل أو من بقلبة مرض . لو تأمل المساهمون في تردي الحالة الثورية السورية ونظروا إلى الواقع لوجدوا أن أصل الصراع بسوريا سياسي وبالتالي حله لا يكون الإ بتوافق سياسي وتوحيد للقوى الثورية المختلفة وعبر أدوات سياسية , لكن المساهمين لم يتأملوا الواقع جيداً فحولوها بغبائهم المعتاد وبسوء نيات كثيرٌ منهم إلى دموية دفع ثمنها الشعب السوري والحراك الثوري المدني ؟ جرائم النظام البشعة بحق السوريين يقابلها جرائم بشعة لتلك المجاميع المتطرفة المختلفة في الأسماء والأهداف المتفقة على الإستحواذ والتدمير , فالشعب السوري بين مطرقة النظام الدموية وسندان تلك المجاميع الدموية المتطرفة الرافعة لشعارات عاطفية متعددة هدفها إستقطاب المتحمسين من الداعمين والمقاتلين مختصرها الإسلام هو الحل وتحقيق الخلافة , شعارات عاطفية يتبعها الجهال ويصدقها الأغبياء ؟ على قادة الحراك المدني الثوري وعلى الإئتلاف السوري المعارض تشكيل مجلس موحد يستعيد الثورة من خاطفيها وتشكيل جيش موحد نواته الجيش الحر ليحمي الثورة من تلك المجاميع التي باتت تحاسب الناس على النوايا , فلا يمكن للثورة ان تنجح دون تصحيح لمسارها وحمايتها ودون الإتجاه للحل السياسي الشامل الذي هو النهاية الحتمية لاي حراك ثوري مدني عبر التاريخ . سوريا وحراكها بين مطرقة دموية وسندان تطرف وهمجية , ولكي تموت تلك المجاميع وتنتهي حالة الإختطاف والدموية دون تصحيح للمسار وتوحيد للجهود وإتجاه جدي للحل السياسي الشامل فهل سيعمل قادة الحراك والثوار على ذلك لتجنيب سوريا منزلق التقسيم وإطالة أمد الصراعات الدموية التي ليست في صالح الثورة ولا في صالح المنطقة ككل فالنظام السوري مستفيد من تلك الحالة وكذلك المجاميع الدموية المتطرفة مستفيدة من ذلك ؟؟