و إن تعجب فعجب قولهم : إن الثورة لم تحقق من أهدافها شيئا مذكورا . إن هؤلاء لايملكون إلّا ألسنة حداد أشحة على الخير . هؤلاء الذين يلوون ألسنتهم بالديمقراطية لتحسبوهم "ديمقراطيين " و ليسوا كذلك و لكنهم قوم يفرقون . هؤلاء – يا أهل مصر – لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلّا خبالا و لأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة و فيكم – للأسف سمّاعون لهم. أولا يذكر هؤلاء تلك النعم التى أنعم الله بها على أهل مصر بعد ثورة 25 يناير والله إنها نعم لا تحصى و لا تعد و إليكم بعضا منها :
1 ) ظن " المخلوع " أن حصونه مانعته من الله فأتاه الله من حيث لم يحتسب – بل من حيث لم يحتسب أهل مصر – فخرّ عليه السقف فى أقل من 18 يوما فأعلن تخليه عن رئاسة الجمهورية و يومئذ اهتزت الأرض فرحا و طربا ، و والله كأنى – يومئذ – أسمع الحجر و الشجر وهو يسبح بحمد ربه قائلا : " الحمد لله الذى أذهب عنا الغم و الحزن ".
2 ) شفى الله مصر و أهلها من ذلك السرطان الذى كاد أن يقضى على كل أمل فى الإصلاح ، إنه سرطان " التوريث " ، إن " الحزب الوثنى " كان قد أعد اللؤلؤة الأخيرة ليضعها فى تاج " التوريث " . ذلك الوريث الذى كان إذا نزل بمحافظة فساء صباح المحافظين ، و إذا نزل من إحدى سياراته الفاخرة أسرع بفتح باب السيارة " لواء شرطة " لقد كان هذا الوريث مكتوب بين عينيه " فرعون الصغير " أو بتعبير الرياضيات " دلتا فرعون ". 3 ) أنعم الله على أسماعنا و أبصارنا فلم نعد نسمع أو نرى أخبار : "سيدة مصر الأولى و الأخيرة " ، تلك السيدة التى كانت تحلم بأن تكون "شجرة الدر " بعد أن كانت "شجرة الذل " . ألم تأمر تلك السيدة بطرد الدكتور / مصطفى الفقى من المجلس القومى للمرأة لمجرد أنه رفع صوته فى القاعة التى كانت تنتظر دخول " الهانم " .و لو أنه رفع صوته بعد دخولها لأمرت بسجنه حتى حين . ألم تأمر بعدم نشر " تفسير للقرآن " للمذيعة / كريمان حمزة بادعاء أن هذا التفسير سوف يعمل على إنشاء جيل إرهابى ، ناهيكم عن جرائمها فى حق " المال العام " . و ليس من حقى أن أتحدث كثيرا عن هذه الجرائم فذلك مرجعه إلى القضاء . 4 ) أنعم الله على أهل مصر بنعمة لم يذوقوا طعمها من قبل – منذ عهد الفراعنة و حتى يومنا هذا – ألا و هى نعمة : " اختيار الحاكم " ، و والله لو لم يكن لهذه الثورة سوى تلك النعمة لكفانا بها نعمة . 5 ) لقد أذل الله هذا الجهاز و أهله ، ذلك الجهاز الذى كان يسمى " جهاز أمن الدولة " و واقعه و حقيقته أنه " جهاز إرهاب الدولة " ، و إن شاء الله سوف أكتب – فيما بعد – عدة مقالات عن هذا الجهاز تحت عنوان " شاهد على فساد جهاز أمن الدولة " . 6 ) و أخيرا – و ليس آخرا – تلك المشاهد الرائعة التى شاهدناها فى ميدان التحرير خلال 18 يوما . و لن أتحدث هنا عن اللجان الشعبية و حفظها للنظام و تجهيز الشراب و الطعام ، و لا عن المستشفيات الميدانية ... إلخ و لكن يكفينى فى هذا المقام ذلك المشهد الرائع الذى هز مشاعرى وهو مشهد شاب مسيحى – أو فتاة مسيحية – و هو يصب الماء على يد شاب مسلم لمساعدته فى الوضوء . يا أهل مصر ... أرجوكم أن تتحدثوا فى مجالسكم و أمام أبناءكم و أحفادكم عن تلك النعم التى من الله بها على مصر ليعلموا أن مصر محفوظة بعناية الله و أنها ستكون بداية لعهد جديد . عهد يعيد إلى الأمة العربية و الإسلامية أمجادها عهد " يعز الله فيه أهل طاعته و يذل فيه أهل معصيته. "